سودانيون يشاركون في قافلة دعماً للقوات المسلحة السودانية في الخرطوم أمس الأول.  "أ ف ب"
سودانيون يشاركون في قافلة دعماً للقوات المسلحة السودانية في الخرطوم أمس الأول. "أ ف ب"
العرب والعالم

الجانبان يتأخران في تنفيذ تعهداتهما بشأن القواعد الانسانية طرفاء النزاع في السودان يستأنفاء المحادثات اليوم .. ودعوة البرهان لحضور القمة العربية

13 مايو 2023
13 مايو 2023

الخرطوم الرياض"أ ف ب" "رويترز": شهدت الخرطوم غارات جوية وقتال شوارع وانفجارات أمس فيما ما زال ملايين من سكانها ينتظرون تنفيذ التزام الطرفين المتحاربين بشأن اجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات الانسانية.

وكان موفدو قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وقعوا ليل الخميس الجمعة في جدة "إعلانا لحماية المدنيين في السودان".

ويقضي هذا الاتفاق الذي تم التفاوض حوله بوساطة أميركية سعودية بتوفير "ممرات آمنة" تسمح للمدنيين بمغادرة مناطق الاشتباكات وكذلك تسهيل إيصال المساعدات الانسانية.

ولم يشر الاتفاق الى هدنة لكنه تحدث عن مزيد من المشاورات للتوصل الى وقف اطلاق نار مؤقت، ولاحقا "مناقشات موسعة لوقف دائم للأعمال العدائية" التي أوقعت منذ اندلاعها قبل شهر اكثر من 750 قتيلا وقرابة خمسة آلاف جريح وأدت الى نزوح 900 الف سوداني من منازلهم الى مناطق أخرى داخل البلاد او الى الدول المجاورة.

ومن المقرر أن تتواصل المفاوضات حول تطبيق هذا الاتفاق حلال عطلة نهاية الأسبوع في جدة، بحسب ما أكد لوكالة فرانس برس مسؤول سعودي رفيع. ووصف المسؤول هذا الإعلان بأنه "خطوة مهمة"، مشيرا في الوقت ذاته الى أن عملية التفاوض ماتزال في مرحلة "أولية".

دعوة الى القمة العربية

وقال الباحث في جامعة غوتنبرغ علي فيرجي لوكالة فرانس برس إن "الاتفاقات الاولية تكون دائما في حدها الأدنى". وأكد هذا المختص في السودان أن الجانبين والوسيطين السعودي والأمريكي "لا يريدون انتقاد عملية بدأوها خشية أن يؤدي ذلك إلى فشلها".

ورغم ذلك، أكدت قوات الدعم السريع الجمعة أنه "بالنظر إلى التجارب السابقة" فإن الجيش "ليس لديه مصلحة في تخفيف معاناة الناس".

في الخرطوم، تحدث السكان عن ضربات جوية عنيفة بشكل متزايد. وقالوا لوكالة فرانس برس إن "جدران المنازل كانت تهتز" في كثير من الاحيان فيما لا يزال القصف المدفعي مستمرا في بعض الاحياء.

منذ اندلاع الحرب قبل أربعة أسابيع، في الخامس عشر من ابريل، يعيش ملايين السودانيين في الخرطوم داخل منازلهم في درجة حرارة خانقة وفي ظل انقطاع شبه دائم للمياه والكهرباء. ويعانون من نقص في الغذاء والنقود والوقود.

خارج العاصمة، يشهد اقليم دارفور الواقع على الحدود مع تشاد وسبق أن شهد حربا طاحنة أوقعت 300 الف قتيل وأدت الى نزوح 2،5 مليون شحص مطلع القرن الحالي، اشتباكات عنيفة أدت، وفق الأمم المتحدة، الى مقتل 450 شخصا حتى الآن.

ويشارك الطرفان المتحاربان في هذه المعارك اضافة الى مقاتلين ينتمون الى قبائل متناحرة ومدنيبن مسلحين.

"صوت الرصاص"

يعبر آلاف الأشخاص يومياً الحدود نحو مصر، بشكل أساسي. ووصل عشرات الآلاف إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، وهي دول لم تتلق من أجلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "أكثر من 15 بالمئة" من الأموال التي تحتاجها للعمل قبل الحرب.

ودعت وزارة الخارجية السودانية أمس في بيان المجتمع الدولي وخصوصا الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية و"الهيئة لحكومية للتنمية" الى تقديم "مساعدات انسانية" في مواجهة "الوضع الانساني السئ".

وقال البيان أن الحكومة السودانية "تعهدت" بتخصيص "مطارات بورتسودان (شرق) ودنقلا (شمال) ووادي سيدنا العسكري (شرق) لاستلام المساعدات".

من جهته، أكد المسؤول السعودي الرفيع أن البرهان دعي لحضور القمة العربية في الرياض في 19 مايو الجاري ولكنه أوضح أنه لا يعرف بعد من سيمثل السودان.

وعبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش عن أمله في أن يؤدي هذا الاتفاق الى "بدء عمليات الإغاثة بسرعة وفي أمان". ودعا مجددا الى وقف اطلاق انار فوري والى "محادثات لوقف دائم للقتال".

على الحدود المصرية السودانية، قال وهاج جعفر الذي ترك بلاده للجوء الى مصر "نسمع باستمرار عن هدنة خلال أيام ولكن عندما نخرج الى الشوارع لا نسمع الا صوت الرصاص".

إستئناف المحادثات

قال دبلوماسي سعودي كبير إن طرفي الصراع في السودان الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية سيستأنفان المحادثات اليوم بينما دوت الضربات الجوية واحتدم القتال الليلة الماضية بأنحاء الخرطوم على الرغم من اتفاق لحماية المدنيين.

وقال الدبلوماسي إن المملكة العربية السعودية، التي تستضيف المحادثات الهادفة لتأمين اتفاق وقف إطلاق نار، دعت أيضا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها بمدينة جدة في 19 مايو.

أسفر الصراع الذي اندلع فجأة منذ شهر عن مقتل المئات وفرار أكثر من 200 ألف إلى دول مجاورة وكذلك نزوح 700 ألف آخرين داخليا، كما تسبب في خطر تدخل قوى خارجية وزعزعة استقرار المنطقة.

وقال دبلوماسيان آخران من الخليج إنه على الرغم من دعوة البرهان لحضور قمة جدة فإنه ليس من المتوقع أن يغادر السودان، وذلك لأسباب أمنية.

وأشار الدبلوماسي السعودي إلى أن توجيه الدعوة للبرهان جاء لأنه رئيس مجلس السيادة السوداني الذي كان من المفترض أن يشرف على عملية انتقال إلى الحكم المدني كانت مزمعة قبل اندلاع الصراع. ويواجه البرهان الآن في الصراع نائبه في رئاسة المجلس قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.

وأضاف الدبلوماسي السعودي "لم نتلق حتى الآن أسماء الوفود لكننا نتوقع حضور من يمثل السودان في القمة".

واتفق طرفا الصراع الخميس على "إعلان مبادئ" لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، لكن القتال لم يهدأ، حيث دارت الاشتباكات والضربات بأنحاء الخرطوم والمناطق المجاورة.

وفي المحادثات المزمع استئنافها بجدة، من المقرر أن يبدأ الطرفان بمناقشة آليات تنفيذ اتفاق يوم الخميس بما في ذلك خطط وصول المساعدات والممرات الآمنة وإخراج القوات من المناطق المدنية.

وتتطرق المحادثات بعد ذلك إلى سبل إنهاء الصراع، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف لتولي حكومة مدنية السلطة. وقال الدبلوماسي السعودي "طبيعة الصراع تؤثر على الحوار. ومع ذلك أجد روحا طيبة جدا من الجانبين".