1207390
1207390
العرب والعالم

إمبراطور اليابان يتخلى رسميا عن العرش ويصلي من أجل السلام

30 أبريل 2019
30 أبريل 2019

وسط تدابير أمنية مشددة -

طوكيو - (وكالات): اختتم إمبراطور اليابان أكيهيتو أمس مراسم التنحي، متخليا بعد ثلاثين عاما في الحكم عن العرش لصالح ابنه البكر ناروهيتو، وهو التنحي الأول في اليابان منذ أكثر من قرنين.

وأقيم الموكب الذي لم تتجاوز مدّته العشر دقائق، بدايةً من الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (08:00 ت غ) في أجمل قاعة من القصر الإمبراطوري «ماتسو-نو-ما» (قاعة الصنوبر).

وألقى أكيهيتو خطابا قصيرا قال فيه «أعبّر من عمق قلبي عن امتناني لشعب اليابان الذي قبلني كرمز للدولة ودعمني»، مكررا بذلك تعريف دوره الوارد في الدستور المطبق منذ عام 1947 والذي فقد الإمبراطور بموجبه موقعه شبه المقدس.

وأضاف بينما كان يقف بجوار الإمبراطورة ميتشيكو، التي ارتدت فستانا باللونين الأبيض والرمادي «آمل من كل قلبي، أنا والإمبراطورة، أن تكون الحقبة الجديدة التي ستبدأ غدا سلمية ومثمرة وأصلي من أجل السلام والسعادة في بلادنا ولشعوب العالم».

وفي الصباح، «أعلن» الإمبراطور تنحيه لأسلافه ولآلهة الديانة الشنتوية في مواقع مقدسة من القصر الإمبراطوري. وكان أكيهيتو يرتدي جلبابا حريريا ضخما لونه بني مائل إلى ذهبي مخصصا للحاكم وحده، ويعتمر قبعة مرتفعة سوداء اللون.

وأمام هذا القصر المحمي جدا والواقع في مكان مرتفع في وسط طوكيو، لم يكن هناك حشود في هذا اليوم الممطر بل سياح ويابانيون تتنازعهم مشاعر التأثر والحماسة في آن معا لفكرة تغيير العهد.

وروى ريكيا ايواساكي وهو تلميذ يبلغ 13 عاما، «ولدت في عهد هيسي وبالتالي انتهاؤه يجعلني حزينا بعض الشيء لكنني متحمس لهذا العهد الجديد الذي يبدأ».

وقال هيروناري أويمارا البالغ 76 عاما الذي قدم إلى طوكيو خصوصا لهذه المناسبة من منطقة أوكاياما (غرب)، «أريد أن أشكر الإمبراطور لعمله الجاد»، وأكدت زوجته أنها ستشتاق للإمبراطور أكيهيتو والإمبراطورة ميشيكو وقالت «أرغب في البكاء».

ويعيش الشعب الياباني احتفالات تاريخية غير مسبوقة بما أن الأمة لن تكون هذه المرة في حداد على الإمبراطور السابق، كما كان الحال في 1989 (وفاة هيروهيتو) و1926 (وفاة الإمبراطور تايشو) و1912 (وفاة الإمبراطور مايجي)، وأعطيت إجازة رسمية استثنائية تمتدّ إلى عشرة أيام.

وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو من بين قادة العالم الأوائل الذين أرسلوا رسائل إلى أكيهيتو، عن «تقديره الخالص» للثنائي الإمبراطوري، مؤكدا «العلاقة القريبة» التي تربط الولايات المتحدة واليابان.

وفُرضت تدابير أمنية استثنائية إذ إن الأسبوع الماضي تعرّض نجل الإمبراطور الأصغر الأمير هيساهيتو إلى حادث اعتُبر تهديدا. فقد عُثر على سكينين على مقعده المدرسي. وأوقف رجل يبلغ من العمر 56 عاما على خلفية الحادث.

ومن المقرر تنظيم عدّ تنازلي في أماكن مختلفة وملاه ليلية وساحات محطات القطار ومعابد شنتوية، وهي ديانة تحكم بشكل جزئي الطقوس الإمبراطورية.

إلا أن مجموعة الأحداث المرتبطة بهذا التغيير تمتدّ على أشهر وثمة محطة بارزة في الخريف عندما سيتمّ استقبال رؤساء دول وشخصيات كثيرة.

وفيما كانت الخلافة الإمبراطورية تحصل منذ مئتي عاما لدى وفاة الإمبراطور الحاكم وذلك لصالح ولي عهده، يستند الانتقال في الحكم من أكيهيتو إلى ناروهيتو إلى قانون استثنائي وضع خصيصا لأكيهيتو.

وكان أكيهيتو عبّر في أغسطس 2016 عن رغبته في التخلي عن مهامه التي لن يتمكن من تأديتها «على أكمل وجه» بسبب سنّه (هو يبلغ اليوم 85 عاما) وتراجع وضعه الصحي.

وقام أكيهيتو وزوجته ميشيكو في الأسابيع الأخيرة بحجّهم الأخير في أنحاء اليابان التي كانا جاباها طوال ثلاثين عاما، خصوصا من أجل تهدئة المنكوبين بعد الكوارث الطبيعية الكثيرة التي حصلت خلال عهدهما.

ويحظى الإمبراطور وزوجته باحترام كبير في اليابان بسبب العلاقة القريبة التي نجح في إقامتها مع المواطنين. وتحظى الإمبراطورة ميشيكو بـ«شعبية كبيرة حقيقية»، كما «نجح الإمبراطور في نيل محبة شعبه من خلال مصافحة اليابانيين على سبيل المثال»، كما يقول الأستاذ في جامعة ناجويا هيديا كوانيشي.

ويقول ريكيا، التلميذ الذي كان أمام القصر، «الإمبراطور هو في الوقت نفسه شخص ينتمي إلى الدوائر العليا لكن أشعر بأنه قريب جدا منا خصوصا لأنه كان دائما يزور مواقع الكوارث الطبيعية للقاء الشعب بشكل مباشر».

وسيحصل أكيهيتو على لقب «الإمبراطور الفخري» كما زوجته وسيتركان القصر لينتقل إليه ناروهيتو وزوجته ماساكو وهما في الـ59 والـ55 من العمر على التوالي.

ويُنتظر كثيرا خطاب ناروهيتو الأول الذي سيلقيه اليوم الأربعاء، بعد التتويج ويُفترض أن يترجم توجهات عهده.

وعمل أكيهيتو على إعطاء معنى لهذا الدور ووعد ناروهيتو بالاستمرار في هذا النهج. وأكد أنه سيواصل العمل لكي تعلم الأجيال الصاعدة بالتجاوزات التي ارتكبتها اليابان خلال الحرب العالمية الثانية. كما سيحرص على مواصلة دعم ضحايا الكوارث الطبيعية.

لكن وفقا للخبراء يجب أن يذهب إلى أبعد من ذلك لترك بصمته، وقلقه منذ عقود على شحّ المياه على الأرض قد يكون محور اهتمام على الساحة الدولية.