رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية لـ «عُمان»: سلطنة عُمان نموذج ملهم في استدامة تنظيم البطولات الدولية
حاوره - فهد الزهيمي -
يواصل الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية خطواته الاستراتيجية نحو تطوير اللعبة في القارة وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية، من خلال خطط تستهدف رفع مستوى البطولات، وتمكين الحكام، وإعطاء مساحة أكبر لمشاركة المرأة، وفي هذا السياق، «عُمان» أجرت حوارًا خاصًا مع أمارجيت سينج جيل رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية، الذي تحدث عن ملامح المرحلة المقبلة، والدعم المقدم للدول الأعضاء المستضيفة للبطولات الدولية، وأهمية تنظيم سلطنة عُمان لطواف عُمان منذ 15 سنة متواصلة، إضافة إلى طواف صلالة الدولي الذي يدخل نسخته الخامسة هذا العام، ودورهما في تعزيز مكانة سلطنة عُمان كوجهة رائدة لرياضة الدراجات في المنطقة.
ويواصل أمارجيت سينج جيل خطواته الاستراتيجية نحو رسم مستقبل أكثر إشراقًا لهذه الرياضة في القارة، من خلال خطط تستهدف رفع مستوى البطولات القارية وتوسيع رقعتها الجغرافية، بما يضمن شمولية أكبر لمختلف الدول الأعضاء، إلى جانب تطوير الكوادر التحكيمية والاهتمام بتعزيز مشاركة المرأة في اللعبة، وصولًا إلى بناء قاعدة صلبة قادرة على المنافسة عالميًا.
حيث قال رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية أمارجيت سينج جيل: في البداية أنا سعيد للغاية بوجودي هنا في محافظة ظفار، ومن الرائع أن أكون حاضرًا في منافسات «طواف صلالة الدولي 2025» للدراجات الهوائية في نسخته الخامسة، والذي تنظمه بلدية ظفار بالشراكة مع الاتحاد العُماني للدراجات الهوائية ووزارة الثقافة والرياضة والشباب خلال الفترة من 6 إلى 10 سبتمبر الجاري ضمن فعاليات خريف ظفار، والذي يحتل مكانة بارزة في التقويم الدولي لسباقات الدراجات في عامه الخامس، وأنا منبهر بجمال محافظة ظفار من مختلف الجوانب.
وأضاف أمارجيت سينج جيل في حديثه لـ «عُمان»: بدأنا خطة طموحة تهدف إلى تحديث وتطوير رياضة الدراجات في آسيا، وتعزيز حضورها على المستويين الآسيوي والعالمي، وفي الماضي، لم تحظَ قارة آسيا بالاهتمام الكافي، ولم يتم التركيز كما يجب على إمكاناتها الكبيرة في هذه الرياضة، ولكنني على يقين أن القيادة الجديدة التي تولت المسؤولية منذ فبراير الماضي ستتخذ خطوات جادة لضمان اعتراف العالم بدورنا، وإبراز إنجازات الرياضيين الآسيويين، وكذلك تعزيز قدرات مسؤولينا الفنيين والإداريين وتزويدهم بالأدوات اللازمة للنهوض برياضة الدراجات في القارة.
وأوضح أن الاتحاد الآسيوي يعمل على استراتيجية جديدة تهدف إلى توسيع نطاق البطولات القارية وتنويع مستوياتها، بحيث لا تقتصر على النخبة فحسب، بل تشمل الفئات العمرية المختلفة، الأمر الذي يسهم في اكتشاف المواهب وصقلها منذ المراحل المبكرة، واعتبر أن المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا أكبر على جودة التنظيم، وتوفير بيئة تنافسية عادلة تلبي طموحات الرياضيين والدول الأعضاء.
وتابع أمارجيت سينج جيل حديثه بالقول: إن قارة آسيا تحتضن حاليًا أربعة مراكز قارية تابعة للمركز العالمي للدراجات الهوائية، وهي من بين أكبر المراكز على مستوى العالم، حيث تتوزع في كل من كوريا واليابان والصين، إضافة إلى المركز الجديد في ماليزيا. وهذه المراكز الأربعة تهدف إلى تدريب الرياضيين، إلى جانب الحكام والفنيين والإداريين، لرفع مستواهم إلى المستوى الأوروبي. وأنا متحمس جدًا لهذه الفرصة، وأؤمن أن قارة آسيا تمتلك إمكانات هائلة قادرة على إحداث نقلة نوعية.
الشراكات والدعم للدول النامية
وأشار رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية إلى أن الشركات الراعية للبطولات في قارة أوروبا كثيرة، وبعضها يمتد من قارة آسيا، وهو ما يتطلب الدراسة والاستفادة. وأكد قائلًا: يسعدني أن أذكر أنه خلال الأشهر القليلة الماضية تمكّنا من تنسيق الجهود والتعاون مع بعض الشركاء في مجتمع الدراجات الهوائية، حيث أجرينا مباحثات مع شركة (باردوس) الصينية، المتخصصة في صناعة الدراجات، والتي وافقت على التعاون مع الاتحاد العُماني للدراجات الهوائية لدعم رؤيته طويلة الأجل. ويتضمن هذا التعاون توفير المعدات والدعم اللازم لبعض الدول الآسيوية، وأرى أن هذا دور مهم نضطلع به، وهو مساعدة الدول النامية، كما أن دولًا كبرى مثل سلطنة عُمان، والإمارات، والصين، واليابان، وماليزيا قادرة على تقديم الدعم لهذه الدول، وهذا الدعم سيكون محل ترحيب كبير، وأنا أتطلع إلى رؤية مزيد من هذا التعاون خلال الفترة المقبلة.
سلطنة عُمان نموذج ملهم
وقال رئيس الاتحاد الآسيوي: طواف عُمان معروف عالميًا ويمتاز بمشاركة أفضل الدراجين في التصنيف الدولي، أما طواف صلالة فهو اليوم في نسخته الخامسة، والثالث ضمن البرنامج الدولي، وقد لمسنا بالفعل التأثير الإيجابي الذي أحدثه هذا الطواف، والذي نراه يكتسب شهرة متنامية، وحقق فوائد مباشرة لسلطنة عُمان. ولا يخفى على الجميع أن طواف عُمان يتم تنظيمه من قبل فريق أوروبي، لكن المنظمين العمانيين استفادوا من هذه التجربة واستطاعوا نقل المعرفة والخبرة لاستخدامها في تنظيم سباق آخر هو طواف صلالة الدولي، وهذا ما يُعرف بتبادل الخبرات بين المنظمين الدوليين والمحليين. وبلا شك أن طواف عُمان أسهم بشكل كبير في وضع سلطنة عُمان على خريطة رياضة الدراجات، ليس فقط آسيويًا بل عالميًا أيضًا. ويجب أن يستمر هذا التعاون لضمان نمو السباق وربما وصوله إلى مكانة أكبر مستقبلًا.
ودولة الإمارات العربية المتحدة مثلًا تنظم سباقات أصبحت من السباقات الشهيرة، وكذلك الحال في ماليزيا مع طواف لانكاوي الذي يقام منذ 1996 وحتى اليوم، والجميع يتحدث عن ماليزيا في قارات العالم، وأنا على ثقة كبيرة أن سلطنة عُمان قادرة على أن تؤدي دورًا مشابهًا وتكون محطة بارزة في هذا المجال.
وأشاد جيل بالتجربة العُمانية في تنظيم البطولات، مشيرًا إلى أن تنظيم طواف عُمان العالمي على مدى خمس عشرة عامًا متواصلة يعد إنجازًا استثنائيًا ونموذجًا رائدًا في الاستدامة التنظيمية. مضيفًا إن هذا الطواف لم يسهم فقط في تعزيز مكانة سلطنة عُمان على خريطة الدراجات الهوائية العالمية، بل أسهم كذلك في الترويج السياحي وإبراز المقومات الطبيعية التي تتميز بها سلطنة عُمان. كما نوه إلى أهمية تنظيم طواف صلالة الذي يدخل نسخته الخامسة هذا العام، معتبرًا أنه يعكس نجاح سلطنة عُمان في توسيع دائرة البطولات واستثمار موقعها الجغرافي المميز للترويج للرياضة والسياحة معًا. وأكد أن هذه النجاحات التنظيمية تعكس رسالة واضحة لبقية الدول الأعضاء حول إمكانية تحقيق الاستدامة في البطولات إذا ما توفرت الرؤية والإرادة.
تأهيل الحكام ورفع الكفاءة
وأكد جيل أن تطوير منظومة التحكيم يمثل ركيزة أساسية في عمل الاتحاد، حيث سيتم إطلاق برامج تدريبية وشهادات معتمدة للحكام في مختلف الدول، بهدف رفع كفاءتهم بما يتماشى مع المعايير الدولية. كما شدد على أن تقليص الفجوة بين مستوى التحكيم الآسيوي ونظيره العالمي يعد من الأولويات التي يعمل عليها الاتحاد في المرحلة المقبلة.
وفيما يتعلق بالدول الأعضاء التي تتجه لاستضافة بطولات دولية، أوضح رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية أن هناك دعمًا فنيًا وتنظيميًا وتسويقيًا يُقدّم لهذه الدول، بما يضمن نجاح الاستحقاقات وترك بصمة مستدامة على الصعيدين القاري والعالمي، وأن الاتحاد الآسيوي يشجع مزيدًا من الدول على الترشح للاستضافة، مؤكدًا أن استضافة البطولات تفتح آفاقًا واسعة أمام الدول لتعزيز حضورها الرياضي والسياحي والاقتصادي.
تمكين المرأة
وحول مشاركة المرأة، شدد أمارجيت سينج جيل على أن الاتحاد الآسيوي يولي اهتمامًا كبيرًا لإقامة بطولات خاصة بالدراجات النسائية، إلى جانب دعم مبادرات تشجع الفتيات على ممارسة اللعبة والانخراط فيها على المستويات كافة. وأشار إلى أن هذا التوجه ينسجم مع الرؤية العالمية في تعزيز دور المرأة في الرياضة، ويمنح القارة فرصة لتقديم نماذج رياضية نسائية مميزة على الساحة الدولية. كما أن الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية يعمل على وضع برامج تسهم في نشر الوعي وتشجيع النساء على ممارسة رياضة ركوب الدراجات بجدية.
وشهدت رياضة الدراجات النسائية نموًا لافتًا في السنوات الأخيرة، وأعتقد أن على كل اتحاد وطني مسؤولية كبيرة في تطوير هذه الرياضة، ففي بعض الدول نجحت الجهود في كسر الصور النمطية القديمة حول مشاركة المرأة، وعلى سبيل المثال، في السعودية كان الأمر مستبعدًا تمامًا في السابق، أما الآن فنرى فتيات يشاركن في سباقات الطرق والمسارات، والوضع مشابه أيضًا في دول أخرى، وهو ما يعكس تطورًا واضحًا في هذا المجال. لكن هذا النمو يعتمد بالدرجة الأولى على دعم الاتحاد الوطني. أما الاتحاد القاري، فيمكنه أن يقدم الإرشاد والتوجيه في مجالات التدريب وتطوير الرياضة، لكنه لا يستطيع فرض هذه الممارسات على الدول، بل يجب أن تنبع من القاعدة الشعبية في كل دولة. وعندما يتحقق هذا الدعم الوطني، سنتمكن من رؤية مشاركة النساء بشكل أكبر في البطولات القارية، والتعرف عليهن كلاعبات بارزات على مستوى آسيا.
مستقبل الدراجات في آسيا
واختتم رئيس الاتحاد الآسيوي للدراجات الهوائية أمارجيت سينج جيل حديثه لـ «عُمان» بالتأكيد على أن القارة الآسيوية تسير بخطى متسارعة نحو مستقبل أكثر إشراقًا لرياضة الدراجات، بفضل الخطط الاستراتيجية والتعاون المشترك بين الدول الأعضاء. وأعرب عن تطلعه لرؤية متسابقين آسيويين قادرين على المنافسة بقوة في كبرى المحافل العالمية خلال السنوات المقبلة، مؤكدًا أن الاتحاد سيواصل دعمه للبرامج والمبادرات التي تسهم في تحقيق هذا الهدف. كما شدد على أن التجارب الناجحة التي تقدمها سلطنة عُمان من خلال تنظيم طواف عُمان وكذلك طواف صلالة الدولي تمثل نموذجًا ملهمًا لبقية دول القارة في استدامة البطولات وتعزيز حضورها على الساحة الدولية، مؤكدًا أن هذه الجهود مجتمعة ستسهم في صناعة جيل آسيوي قادر على المنافسة في كبرى المحافل العالمية.
