بعد تألق المدرب الوطني محليا .. هل قادر على سحب البساط من الأجنبي؟
على مدار السنوات الماضية، لعب المدربون المحليون دورًا أساسيًا في بناء قاعدة قوية للكرة العمانية من خلال خبراتهم ومعرفتهم بالبيئة المحلية وثقافة اللاعبين ومع ذلك ظهر المدربون الأجانب كعناصر رئيسية في نقل الخبرات العالمية وتقديم مفاهيم تدريبية جديدة تسهم في رفع المستوى الفني للأندية والمنتخبات، لذلك يظل النقاش حول دور المدربين المحليين والأجانب موضوعًا محوريًا يشغل الساحة الرياضية العمانية، ومع استمرار تطور المنتخبات الوطنية والإنجازات التي حققها بعض المدربون الوطنيون في الآونة الأخيرة مثل المدرب الوطني رشيد بن جابر اليافعي مدرب منتخبنا الأول لكرة القدم الذي استطاع أن يصحح مسار منتخبنا الوطني في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026، ووصل بمنتخبنا إلى نهائي كأس خليجي 26 الذي أقيم في الكويت مؤخرا رغم أن أغلب التوقعات كانت تُرجح خروج المنتخب من الدور الأول. كذلك المدرب الوطني لمنتخبنا الأولمبي بدر الميمني الذي حقق مؤخرا بطولة غرب آسيا دون ٢٣ عاما، إضافة إلى إنجازات منتخبنا الأول لكرة القدم الشاطئية بقيادة المدرب الوطني طالب هلال الثانوي بطل كأس أسيا مرتين وتأهل إلى نهائيات كأس العالم ست مرات والعديد من المدربين الذين وقعوا أسماءهم مع الأندية المحلية، لذا تبقى هناك تساؤلات ملحة، من الأفضل للكرة العمانية، المدرب المحلي الذي يعرف كل تفاصيل البيئة الداخلية أم المدرب الأجنبي الذي يجلب معه فلسفة عالمية وأساليب مبتكرة؟ وكيف يؤثر كل طرف على تطوير اللاعبين ومستوى المسابقات المحلية بصورة عامة؟
"عمان" استطلع آراء تجارب مدربين محليين، لنحلل وجهات نظرهم، ونناقش التحديات التي تواجه المدربين المحليين في ظل التفضيل الكبير للأجانب، ولنسلط الضوء على قصص النجاح التي أثبتت أن العماني قادر على تحقيق التميز إذا أتيحت له الفرصة، ولفتح باب النقاش حول كيفية تحقيق التوازن بين الخبرة المحلية والعالمية، بما يخدم مستقبل الكرة العمانية ويعزز مكانتها على الساحة الإقليمية والدولية، وجميعنا نجزم بأن المدرب العماني جزء لا يتجزأ من رحلة تطور كرة القدم المحلية، حيث لعب دورًا بارزًا في اكتشاف المواهب وصقلها داخل الأندية والمنتخبات الوطنية، ومعرفته العميقة بالثقافة المحلية واحتياجات اللاعبين التي أكسبته ميزة فريدة في إدارة الفرق وبناء روح الفريق، وعلى الرغم من هذه المزايا، يواجه المدرب العماني تحديات مستمرة، بدءًا من قلة الثقة من قبل بعض الأندية.
تقييم التجارب
تختلف تجارب المدربين الوطنيين بين الأندية المحلية والمنتخبات، إلا أن القاسم المشترك في معظمها هو السعي لإثبات الذات وسط ظروف متغيرة وتحديات لا تتوقف، وبين من يرى أن الفرص متاحة أمام المدرب العماني لتحقيق النجاح، ومن يشكو من ضعف الاستقرار والدعم.
ويرى المدرب هلال العوفي، مدرب منتخب الناشئين سابقا والمدرب الذي أشرف على العديد من الأندية المحلية أن بداية رحلته التدريبية كانت واعدة، حيث قال: حقيقةً بالنسبة لعملي في البداية، كان من خلال البدء في نادي بهلا، ولله الحمد كانت فترة جدًا مميزة، خاصة في عملية التأهل من الدرجة الثالثة سابقا إلى الدرجة الثانية، ثم إلى الدرجة الأولى، الذي هو راهنا "دوري عمانتل"، وكانت من أفضل التجارب التي مررت بها، وحققت نجاحات جيدة، أهلتني لاحقًا للانضمام إلى المنتخب الوطني للناشئين كمساعد مدرب.
وتابع العوفي حول تجربته في الأندية والمنتخبات بقوله: عملت أيضًا مع أندية الرستاق والبشائر، ووجدت كل الدعم والرعاية من الإدارات، أما في المنتخبات فقد استمر عملي من 2009 إلى 2020، بداية كمساعد ثم كمدرب للناشئين، وشاركنا في بطولات الخليج وغرب آسيا، وكأس آسيا في خمس نسخ، وتأهلنا إلى النهائيات في 2020 ولكن البطولة أُلغيت بسبب كورونا ذلك الوقت، وكانت التجربة ناجحة من جميع النواحي، واكتسبت منها خبرات فنية كبيرة".
وفي المقابل، لا يُبدي المدرب فهد العريمي ذات الرضا التام خاصة فيما يتعلق بالعمل في المنتخبات، حيث وصف تجاربه بأنها وقتية ومرتبطة بنتائج آنية، وقال العريمي: تجربتي كمدرب محلي في الدوري كانت جيدة، بدأت من نادي العروبة، ثم الوحدة، وبعدها الطليعة، والشباب، وفنجاء كآخر محطة، وكانت تجربة ناجحة وحققنا فيها الأهداف المرجوة، لكن للأسف العمل في الأندية وقتي، ولا توجد عقود طويلة أو استقرار لأن الأندية لا تملك نفسًا طويلًا ولا ميزانيات كافية.
وأضاف العريمي: أما في المنتخبات، فقد عملت كمساعد مع المنتخب الأول، والأولمبي، ومنتخب الشباب، وكانت تجارب قصيرة، وغالبًا مرتبطة ببطولة واحدة فقط، وإذا لم تحقق النتائج المرجوة فسيتم تغيير الجهاز الفني بالكامل، والمنتخبات لا توفر بيئة مستقرة للعمل، وهذا أثر بشكل واضح على استمراريتي، وأشار العوفي إلى استقرار إداري وفني نسبي خاصة في المنتخبات، كما يرى أن هذا الاستقرار غائب تمامًا، ما يجعل العمل محكومًا بنتائج عاجلة وليست خططًا طويلة المدى.
أما المدرب يونس الفهدي، مدرب منتخب كرة القدم للصالات، فيقدم تقييمًا مختلفًا قليلًا، قائمًا على العمل ضمن بيئة محدودة الإمكانيات، لكنه يسلّط الضوء على النتائج كعامل حاسم في تقييم أي تجربة، وقال الفهدي: عملي بمنتخب الصالات كمدرب أعتبره جيدًا جدًا مقارنة بالإمكانيات المتاحة، حيث وصلنا مرتين إلى نهائيات كأس آسيا، وحققنا برونزية غرب آسيا، رغم أننا نعمل دون وجود دوري خاص للصالات في سلطنة عمان. وأكد الفهدي على أهمية الإرادة، مشيرا إلى أن الإنجازات تحققت رغم غياب الأساسيات، وهذا دليل على قدرة المدرب الوطني على النجاح متى ما توفر له الحد الأدنى من الدعم والثقة.
التحديات
لا أحد ينكر بأن المدرب الوطني عليه أن يواجه تحديات حقيقية مقارنة بنظيره الأجنبي، لكن تتباين رؤية المدربين حول شكل هذه التحديات، ودرجة تأثيرها على عملهم داخل الأندية والمنتخبات، فمنهم من يرى أن التحديات فنية وتنظيمية ومالية ومنهم من يعتبرها مرتبطة بنقص الثقة، وتبدو أن الحالة معقدة أكثر مما تبدو عليه من الخارج.
المدرب هلال العوفي لا يرى أن هناك فرقًا جوهريًا بين المدرب العماني والأجنبي من حيث القدرة، موضحًا أن التحدي الحقيقي يكمن في الالتزام والعمل الجاد وليس فيما إذا كان المدرب محلي أو أجنبي وقال: بالنسبة لي شخصيًا، لا يوجد فرق بين المدرب الأجنبي والمدرب العماني، مبينا أن المدرب ليس له جنسية محددة والنجاح مرتبط بالنظام والعمل الجاد، وهذه ليست حكرًا على أحد". وحدد العوفي التحديات التي واجهته، موضحًا أن طبيعة الأندية العمانية تفرض صعوبات خاصة وفي نادي بهلا واجهتنا صعوبة في تجميع اللاعبين، لأن أغلبهم كانوا خارج الولاية، وهذا صعّب من مهمة التدريب الجماعي، والأمر نفسه حدث في الرستاق والبشائر، أما إداريًا وماليًا، فكانت الأندية متعاونة وتفي بالغرض، وعلى مستوى المنتخبات، يرى العوفي أن الضغط أكبر، لكن التحديات تكون مركزة في تفريغ اللاعبين وظروفهم الدراسية، وفي منتخب الناشئين، الصعوبة الأساسية كانت في عدم تفريغ اللاعبين بسبب الدراسة وتوزّعهم الجغرافي بين محافظات مختلفة، أما الجوانب التنظيمية والإدارية في المنتخب، فكانت ممتازة، والتحدي الأكبر في المنتخبات هو تحقيق النتائج الإيجابية واللعب على التأهل للمراحل الأعلى.
أما المدرب فهد العريمي، فأخذ زاوية أخرى تمامًا، إذ يرى أن غياب الثقة هو التحدي الأكبر الذي يواجهه المدرب العماني مقارنة بالأجنبي وأردف: الثقة هي أبرز التحديات التي تواجهنا كمدربين محليين، تشعر كمدرب وطني أن إدارة النادي لا تملك ثقة كافية في المدرب، وتدخل النادي وأنت تشعر أنك في مغامرة، لأن خسارة أو خسارتين قد تكلفك الإقالة مباشرة، وأضاف العريمي بأسف: المدرب الأجنبي حتى لو خسر يعطى فرصة أكبر وثقة أكثر، ويوفر له كل ما يحتاجه، لكن المدرب المواطن لا تتوفر له نفس الأدوات، وهذا تحد حقيقي، وهذا ما اتفق معه إلى حد كبير المدرب يونس الفهدي، لكنه سلط الضوء على الفوارق العملية في الموارد المتاحة، وأشار إلى أن الإمكانيات والمساحة والمعسكرات الخارجية والاحتكاك ببطولات دولية، كلها تعطى للمدرب الأجنبي عكس المدرب الوطني الذي لا تتاح له كل هذه الأدوات، بل يطلب منه دائمًا أن يتأقلم مع المتاح لأنه ابن البلد، وهذا ما يحصل للأسف.
فرصة المدرب الوطني
هل يحصل المدرب العماني على فرصته الكاملة داخل المنتخب أو الأندية المحلية؟ سؤال اختلفت وتباينت حوله الآراء فمنهم من يرى بأن الأندية تمنح الثقة فعليًا للمدرب الوطني، ومنهم من يشعر بأن وجود المدرب المحلي لا يتجاوز إطار التسيير المؤقت أو الخيار الأرخص، وفي هذا السياق، لا يخفي المدرب فهد العريمي شعور الإحباط، ويصف الواقع الحالي بأنه انعكاس لظاهرة مستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدا أنه لا يوجد لديه شعور بأن الأندية تعطي المدرب فرصة فعلية وهذه ظاهرة موجودة منذ فترة طويلة، وأصبح المدرب الوطني يذهب للنادي ولا يملك عقد مريح وكذلك لا يمكنه أن يضع شروطا واضحة، مشيرا إلى أن هناك القليل من المدربين الذين من الممكن أن يفرضوا شروطهم وتُقبل من قبل النادي.
وتابع: الأندية تتعاقد مع المدرب الوطني لأنها تبحث عن البقاء أو لأنه أقل تكلفة وأن بإمكانه أن ينفذ ما يريده النادي على عكس الأجنبي، وكمدرب وطني، تشعر بأنك لا تملك صلاحيات كثيرة، وكل خسارة قد تؤدي لإقالة مباشرة، ولا يوجد مدرب وطني استمر لأربع مواسم متتالية، لأنه ببساطة العمل وقتي، وهذا ما يعرقل مسيرة المدرب الوطني في الأندية. على الجهة المقابلة، يرى هلال العوفي الصورة من زاوية أكثر تفاؤلًا، إذ يشير إلى أن المدرب العماني نال فرصته في كثير من الأندية، خاصة في دوري الدرجة الأولى، حيث يعتقد بأن الكثير من الأندية منحت الفرصة للمدربين المحليين، سواء في دوري عمانتل أو في دوري الدرجة الأولى، وأشار بالأخص إلى دوري الدرجة الأولى بأن النسبة تصل إلى نحو 90% من المدربين هم عمانيون، وفي دوري عمانتل، تكون النسبة لصالح الأجانب، لكن إجمالًا المدرب الوطني يمنح الفرصة الكافية.
ماذا ينقص المدرب الوطني؟
رغم امتلاك المدرب العماني للمؤهلات وفهمه الواسع لبيئة وطبيعة اللاعب العماني، إلا أن السؤال الذي يتبادر في الأذهان، ما الذي ينقصه ليكون منافسا حقيقيا للمدرب الأجنبي؟
في هذا السياق، اتفقت آراء المدربين على أن الثقة والمعاملة العادلة هما المفتاحين الأساسيين لتمكين الكوادر المحلية، مع الإشارة إلى بعض النواقص الفنية المرتبطة بالاحتكاك والمعايشة الخارجية، حيث يرى المدرب هلال العوفي بأن المدرب العماني لا تنقصه المؤهلات ولا القدرة، بل فقط تنقصه الثقة من إدارات الأندية، وأعتقد أن المدرب المحلي أثبت وجوده، وحقق نجاحات كبيرة على مستوى الدوري المحلي، وتفوق على ما قدمه الأجانب، وأعطى العوفي أمثلة على العديد من المدربين الوطنيين منهم: رشيد جابر الذي حقق نجاحات مع نادي ظفار والمنتخب الأول الذي تأهل بقيادته إلى الملحق المؤهل لنهائيات كأس العالم 2026، كذلك حمد العزاني الذي حقق نجاحات عديدة مع نادي النهضة، والمدرب يعقوب الصباحي مع منتخبات الفئات السنية، وجميعهم حققوا نتائج مبهرة. وعلى مستوى المنتخبات، ترك المدرب الوطني بصمة واضحة في الناشئين والشباب والأولمبي، وحقق ما لم يحققه المدرب الأجنبي خلال العشر سنوات الماضية، وأضاف العوفي: المدرب الوطني لا ينقصه شيء، فهو يملك شهادات عالية، فبعضهم يحمل شهادة "البرو"، وقد يكون أكثر تأهيلًا من بعض الأجانب الموجودين، الذين أحيانًا لا يحملون نفس الشهادات أو الخبرات، وما ينقصه فقط هو منحه الثقة، ويعطى المساحة والصلاحيات والبيئة المناسبة، وسينجح كما نجح في السابق.
واتفق معه في الجوهر المدرب فهد العريمي، الذي يرى بأن التقييم الحقيقي يجب أن يكون على أساس الكفاءة، وليس الجنسية، وقال العريمي: لا يوجد شيء ينقص المدرب الوطني، بل على العكس فإن بعض المدربين العمانيين أفضل بكثير من الأجانب الموجودين في دورينا، ومنهم لا يملكون عمل في بلدانهم، ولا حتى شهادات معتمدة تؤهلهم للعمل في دورينا. وأكمل العريمي حديثه بالتأكيد على التفاوت في المعاملة بين الطرفين، فالمدرب الأجنبي يعطى كل شيء، من جانب المستحقات المالية ووسائل النقل والمكافآت، ويقدم شروطه، ويُنفذ له كل طلباته، وفي النهاية قليل منهم يحقق بطولات أو نتائج، أما المدرب الوطني، فلا يعطى حتى نصف هذه الحقوق، ورغم هذا نراه يعمل ويتعب ويحقق إنجازات، لذلك فالمشكلة ليست في الكفاءة، المشكلة في العدالة وفي التعامل.
أما المدرب يونس الفهدي، فسلط الضوء على جانب آخر يراه مؤثرًا في تطوير المدرب المحلي، وهو الاحتكاك الدولي والمعايشة الخارجية، حيث قال: المدرب يثبت نفسه كلما وفرت له الإمكانيات، ولكن هناك بعض النواقص للتطوير، مثل الاحتكاك بالمدارس الخارجية والمعايشة، لأنها تكسبه الخبرة.
قصور البرامج التأهيلية
يشكل التأهيل المستمر وتطوير الكفاءات التدريبية سواء بالدورات الداخلية أو الخارجية أحد أهم ركائز الارتقاء بمستوى المدرب الوطني، إلا أن العديد من المدربين العمانيين يرون أن البرامج المتاحة لا تصل لطموحاتهم في ظل غياب خطط مستدامة للمعايشة الخارجية، والتحديث الفني المستمر، ويرى هلال العوفي بأن هناك قصورًا واضحًا في التأهيل الفني للمدربين المحليين، وأكد أن الاعتماد فقط يتم عبر الدورات الرسمية للاتحاد الآسيوي والذي لم يعد كافيا، مبينا أن المدرب الوطني بحاجة إلى دورات معايشة متطورة باستمرار في جميع مجالات تدريب كرة القدم، وللأسف نحن ملتزمون فقط بدورات (A, B, C) وحتى البرو، وهذا لا يكفي لمواكبة التحديثات المستمرة في كرة القدم، وأشار العوفي إلى أهمية المعايشات الخارجية فبعض المدربين أخذوا شهادة البرو منذ 2012، وأنا من ضمنهم، لكن هل نكتفي بها؟ مشيرا إلى أن كرة القدم تتطور كل يوم، وهناك تقصير من جانب المكتب الفني للاتحاد العماني، ولا توجد معايشات ممنهجة سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية محليًا وخارجيًا، ولا ننكر أن هناك اجتهادات شخصية من المدربين أنفسهم، لكن هذا يجب أن يكون ضمن خطة مدروسة ومسؤولة من الاتحاد.
وتقارب معه في الرأي المدرب فهد العريمي، الذي أكد أن التقصير في التأهيل ليس غياب البرامج فقط، بل يشمل أيضا عدم العدالة في إتاحة الفرص بين المدربين، وقال: يوجد تقصير كبير من الاتحاد العماني، والاتحاد يهتم فقط بالمدربين اللذين يدربوا في دوري عمانتل أو من هم ضمن الجهاز الفني للمنتخبات، لكن باقي المدربين الطموحين، لا يتم تأهيلهم ولا يوفر لهم أي شيء.
وتابع العريمي منتقداً: إذا كان الاتحاد يرغب في تطور المدرب الوطني، لابد أن يوفر للمدرب معايشة خارج سلطنة عمان لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر على الأقل ليتعلم ويطور من أدائه التدريبي خلالها، مضيفاً بأن المدرب الوطني يشرف على تدريب فرق بعدد بسيط من المباريات، وبعدها يغيب سنتين ومن ثم يعود لسلك التدريب أي أنه لا يدرب بصورة متواصلة، فكيف تتطور بهذه الطريقة؟ مؤكدا على أهمية أن ليتم حمل حلقات ودورات تدريبية وتخطيط فعلي.
وأشار إلى أن المدرب العماني لا يُعطى أي أدوات تساعده في تطوير قدراته، وهذا خلل كبير في التأهيل.
من جانبه قال المدرب يونس الفهدي إن المسؤولية لا تقع فقط على الاتحاد، بل يحمّل المدرب نفسه جزءًا من الواجب، مشددًا على أهمية الاجتهاد الشخصي والاطلاع الفني الذاتي وقال: في عمان توفر الكثير من الدورات، ولكن يجب أيضًا على المدرب أن يبحث عن تطوير نفسه بالاطلاع والتعمق في الأمور الفنية وألا يكون رهينة أفكار محدودة، وبينما يتفقا العوفي والعريمي على أن الخلل يكمن في غياب المعايشات والخطط الرسمية وشح الدورات لتطوير المدرب الوطني، يدعو الفهدي إلى ثقافة ذاتية والانفتاح، معتبراً أن الدورات موجودة، لكن الاجتهاد الفردي هو ما يصنع الفارق.
تأثير وجود المدرب الأجنبي
رغم الحضور المتكرر للمدرب الأجنبي في مختلف أندية دوري عمانتل والدرجة الأولى، إلا أن تأثيره الفعلي على تطوير المنظومة الفنية يظل موضع جدل وغير واضح، ففي الوقت الذي ينظر إليه كأداة لنقل الخبرات العالمية تتزايد الأصوات التي ترى بأن أثره محدود أو مرهون بالعوامل المحيطة به وليس بالضرورة بسبب كفاءته الشخصية.
ونفى المدرب فهد العريمي مباشرة وجود تأثير فعلي للمدرب الأجنبي، مؤكداً أن النجاحات التي تحققت للأندية خلال السنوات الماضية جاءت بسبب قوة اللاعبين وليس فكر المدربين، وأضاف: لا أعتقد بأنه يوجد تأثير للمدرب الأجنبي، ولا يوجد مدرب أجنبي كبير عمل نقلة في نادي معين، ومدرب السيب الموسم الماضي مثال واضح، فهو أصغر من اللاعبين ولا يملك فكرا تدريبيا ويملك لاعبي منتخب، ومع هذا خسر الكأس وخسر السوبر، وخسر مباريات أمام أندية أقل منه بكثير في الدوري.
وتابع العريمي بشفافية: المدرب الأجنبي ينجح أحيانًا لأنه يملك لاعبين جاهزين وأغلبهم لاعبي المنتخب، إذا أعطيت الفريق نفسه لمدرب مواطن وتوفرت له نفس الإمكانيات فبلا شك سيحقق بطولات ونتائج أفضل، مؤكداً أنه لا يرى بأن المدرب الأجنبي أحدث فرقًا كبيرًا في دورينا.
أما هلال العوفي فاتفق جزئيا مع هذا الرأي، لكنه قدم نظرة أكثر توازناً وواقعية، إذ رفض التعميم واعترف بوجود بعض الأسماء الأجنبية التي تركت أثرًا واضحًا، لكنه أكد أن الغالبية لم تكن على مستوى الطموح، وقال: مع احترامي الشديد وتقديري، للأسف ليس كل المدربين الأجانب الذين توافدوا على الأندية العمانية هم من أصحاب الكفاءات العالية، فالكثير منهم مدربون مغمورون ولا يحملون سيرة قوية، وفي المقابل، هناك مدربون أجانب ذوو كفاءة وكان لهم تأثير إيجابي، لكنهم قليلون، كما أشار العوفي إلى أن الخلل لا يكمن فقط في المدرب الأجنبي نفسه، بل في ظروف التعاقدات المحدودة، موضحًا بأن الكثير من الأندية لا تملك ميزانيات كبيرة للتعاقد مع مدربين أكفاء، ولهذا يتم التعاقد مع مدربين بمستوى أقل، بل أقل حتى من بعض المدربين المحليين، ونتيجة ذلك بأن التأثير يصبح محدودًا جدًا، خاصة في الفترة الأخيرة، التي شهدت تراجعًا في مستوى المدربين الأجانب مقارنة بالسابق.
من جهته قدم المدرب يونس الفهدي قراءة محايدة نوعا ما، إذ يرى أن أثر المدرب الأجنبي متوسط، لكنه لا يحمله وحده مسؤولية ضعف التطور، حيث يربط الموضوع بعوامل محيطة أخرى، وقال: تأثير المدرب الأجنبي متوسط، ولكن يجب ألا نلومه، لأن هناك عوامل أخرى لا تساعده مثل عدم تفريغ بعض اللاعبين غير العسكريين وضعف البنية التحتية والدعم اللوجستي المحدود.
قيادة الوطني
يشكل السؤال، هل المدرب الوطني قادر على قيادة المنتخبات وأندية الصف الأول؟ أحد أبرز الأسئلة التي تثير جدلاً في الأوساط الكروية العمانية، خصوصًا مع تزايد تجارب بعض المدربين المحليين في المنتخبات الوطنية وتحقيقهم لنتائج إيجابية في فترات متباينة، وبين من يرى أن الكفاءات موجودة، ومن يعتقد أن الأعداد لا تزال محدودة وتعددت زوايا التقييم.
المدرب هلال العوفي يرى أن الإجابة محسومة، مؤكدًا أن المدرب العماني أثبت قدرته سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية وأكد بثقة: نعم، قادرة وأثبتت وجودها، خاصة على مستوى المنتخبات الوطنية في المراحل السنية، رأينا نجاحات كبيرة من المدرب رشيد جابر، وحمد العزاني، ويعقوب الصباحي، وهؤلاء صنعوا نتائج ملموسة، وأثبتوا أن الكفاءة الوطنية حاضرة. وأضاف: حتى على مستوى المنتخب الأول رشيد جابر اليوم يمثل كفاءة مميزة، وحقق إنجازات مثل التأهل للمرحلة المقبلة من تصفيات كأس العالم، وكذلك المدربون الوطنيون حققوا نجاحات في الأندية، سواء في الدوري أو الكأس، ولدينا مدربين يحملون أعلى الشهادات مثل شهادة البرو، ويمتلكون خبرات ومعايشات تدعم قدرتهم على القيادة.
أما المدرب فهد العريمي فطرح تقييما أكثر تحفظا، إذ يرى أن المدربين المؤهلين لقيادة فرق الصف الأول أو المنتخبات موجودون ولكن بأعداد قليلة جدًا، ووضح رأيه قائلًا: لا نستطيع القول إنه لا يوجد مدربين، لكن الكفاءات القادرة على قيادة الأندية الكبرى أو المنتخبات قليلة جدًا، وكرر ما قاله العوفي: لدينا المدرب حمد العزاني ورشيد جابر والآن بدر الميمني انضم لهم. لكن بخلاف هؤلاء، من الصعب أن تجد مدربين وطنيين عندهم تجربة وخبرة تمكنهم من الاستمرار لفترات طويلة في المنتخبات.
وأضاف العريمي بواقعية: المدرب الوطني إذا لم يحقق نتائج إيجابية سريعة تتم إقالته، وهذا يزيد من صعوبة استمرارهم، والكفاءات موجودة لكنها قليلة، ونحتاج لوقت ودعم أكبر ليتوسع هذا العدد.
المدرب يونس الفهدي، عاد للتأكيد على أن الأمر مرتبط بالإمكانيات، وليس بالقدرات الذاتية، وقال: مع توفر الإمكانيات، لدينا مدربين يملكون شهادات عالية مثل: (A, والبرو)، وهذا يثبت أن الكفاءة موجودة، لكنها بحاجة للدعم.
من الأفضل للاعب العماني؟
تبقى مسألة من الأفضل والأقرب للاعب العماني، المدرب الوطني أم الأجنبي؟ وبعض النقاط التي تثير النقاش داخل الوسط الرياضي، خصوصًا في سلطنة عمان، حيث يشترك اللاعب والمدرب الوطني في الثقافة والظروف المعيشية والاجتماعية. لكن، هل هذا القرب كاف؟ وهل يجعل ذلك المدرب العماني أكثر قدرة على النجاح؟ أم أن العمل الفني والقدرة على التأثير النفسي تتجاوز هذا القرب؟
يرى المدرب فهد العريمي أن مقولة المدرب الوطني هو الأقرب للاعبين صحيحة تماما وقال: نعم، صحيح أن المدرب المواطن أقرب للاعب من المدرب الأجنبي، لأنه يعيش في نفس البيئة ويعي ظروف اللاعبين وإمكانياتهم ومتابع لهم، أما الأجنبي، فلا يعرف أي شيء عن اللاعبين غالبا ويحتاج للوقت حتى يتعرف على نفسياتهم وبيئتهم وظروفهم العملية والتعليمية. وأشار العريمي إلى أن هذا القرب لا يعني بالضرورة أن المدرب الوطني هو الخيار الأفضل دائمًا، وفي النهاية أنت بحاجة إلى مدرب يضع بصمة ويطور الفريق ويحقق البطولات، وكلما أردت مدربا أجنبيا يحقق طموحاتك، لابد أن تدفع له، لكن من ناحية القرب والإحساس نعم، المدرب العماني أقرب.
بينما المدرب هلال العوفي أخذ زاوية أكثر شمولية، فلم يربط القرب بالجنسيات، بل بأسلوب المدرب وطريقته في التعامل، وقال: المدرب هو مدرب، سواء وطني أو أجنبي، الأسلوب والطريقة وطريقة توصيل المعلومة والقيادة في التدريبات والمباريات، جميعها أمور لا تقاس بجنسية المدرب، وكل مدرب له شخصيته، ونجاحه يعتمد على تواصله مع اللاعبين وتنظيمه في العمل.
وأضاف العوفي وجهة نظر دقيقة تتعلق بالفئات العمرية، قائلاً: نعم، قد يكون المدرب الوطني هو الأنسب للمراحل السنية خاصة في الفئات العمرية الصغيرة، لأن لغة التخاطب والتعامل النفسي مع اللاعبين الصغار أسهل بالنسبة له، والمدرب الوطني يعرف البيئة وظروف اللاعبين، ويتفاعل معهم بشكل أعمق وهذا لا يعني أن الأجنبي غير جيد، لكن المسألة ترتبط بطبيعة المرحلة العمرية والتواصل، وليس فقط بالجانب الفني.
فيما اختصر المدرب يونس الفهدي الفكرة بشكل مباشر، وقال: بالطبع، لأن المدرب الوطني ابن البيئة ويعرف حاجة اللاعب وظروفه، لكنه يختلف من مدرب لآخر، بحسب مدى سعيه لتطوير نفسه وقدرته على التعامل النفسي مع اللاعبين.
