معرض «رسالة الإسلام» يحط الرحال في بروناي دار السلام لنشر القيم الإنسانية
تضمن 50 لوحة معبرة عن الحياة العامة بالسلطنة -
الحدث يتزامن مع العيد الوطني الـ 46 ومرور 32 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين -
انطلقت في بروناي دار السلام فعاليات معرض (رسالة الإسلام) من أجل نشر وتعزيز ثقافة التعايش المشترك والتفاهم السلمي بين الأمم والثقافات والشعوب ضمن جولاته في مختلف دول العالم.
ورعى فعاليات المعرض الذي يقام في العاصمة بندر سري بكاوان معالي فيهين داتؤ الحاج بدر الدين بن عثمان وزير الشؤون الدينية البروناوي وسط حضور رسمي وشعبي كبيرين عكسا عمق العلاقات القوية بين السلطنة وبروناي دار السلام.
ويأتي المعرض في سياق الجهود التي تبذلها السلطنة في مجال نشر القيم الإنسانية الرفيعة، وإيصال رسالة السلام في العالم الذي يشهد حاليا أجواء من التوترات الإقليمية والدولية، وامتداد رقعة التطرف والإرهاب والعنف، ليكون صوت (رسالة السلام) ردا على كل هذه الممارسات اللاإنسانية التي تتعارض مع تعاليم الأديان والثقافات المحبة للرحمة والسلام.
وبدأ حفل الافتتاح بكلمة السلطنة ألقاها سعادة الشيخ أحمد بن هاشل المسكري، سفير السلطنة المعتمد لدى بروناي دار السلام، وأشار فيها إلى أن المعرض يقام بالتزامن مع احتفال السفارة بالعيد الوطني السادس والأربعين المجيد، وبمناسبة مرور اثنين وثلاثين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة وبروناي.
وعبر عن أن استضافة هذا المعرض خير دليلٍ على العلاقة المزدهرة والتعاون المثمر بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة ووزارة الشؤون الدينية في بروناي منذ التوقيع على مذكرة تفاهم بين الوزارتين عام 1996م، والتي تم تجديدها لاحقا ًعام 2012م.
ونوه المسكري بأن إنشاء معرض رسالة الإسلام من عُمان تم بمبادرة من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة،مشيرا إلى أن المعرض يأتي تماشيا ً مع توجيهات سلطان بروناي دار السلام بشأن إظهار سماحة الإسلام، كما تمت الإشارة لذلك في الكلمة التي ألقاها بمناسبة السنة الهجرية الجديدة 1436هـ. وبناء على هذه القواسم المشتركة، بين السلطان قابوس بن سعيد والسلطان حاجي حسن البلقية قامت وزارة الشؤون الدينية ببروناي، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة، بتنظيم هذا المعرض.
واستطرد سعادة السفير قائلا: إن هذا المعرض، الذي نُظم في أكثر من 100 مدينة بـ30 دولة، أتى في الوقت المناسب، حيث تنتشر أعمال العنف والتطرف في أجزاء معينة من العالم، وبالتالي فإن الحاجة إلى التسامح والتفاهم والتعايش ملحة جدا حيث إنه ومن المسلم به أن العنف والمواجهة يشكلان تهديدا لجميع الأديان في العالم، بالإضافة إلى كونهما أيضا تهديدا للحضارات، وتحديا للقيم والثقافات.
ويهدف المعرض إلى إظهار قيم التفاهم، والتعايش، والحوار بين الأديان، ويهدف المعرض إلى إظهار قيم التفاهم، والتعايش، والحوار بين الأديان، أحمد بن هاشل المسكري: المعرض يهدف إلى إظهار قيم التفاهم، والتعايش، والحوار بين الأديان مع التعريف بالتجربة العُمانية في ممارسة الشعائر الدينية.
ويلقي المعرض الضوء على أوجه التشابه بين بروناي والسلطنة من حيث الثقافة الدينية، والحفاظ على القيم الثقافية والتقليدية، مع مواكبة التطور والتكنولوجيا، مما يدل على أن التقدم لا يسير بالضرورة جنبا إلى جنب مع فقدان الهوية الثقافية.
كما أن استضافة المعرض فرصة طيبة لإظهار تراثنا وثقافتنا وموروثاتنا العُمانية لأصدقائنا ببروناي، وفي نفس الوقت لمعرفة المزيد من مفاهيم التسامح، والتعايش، من وجهة نظر بروناي، حيث أننا نؤمن بأن بروناي مثال جيد للتسامح، ونموذج للتعايش، ليس فقط بالنسبة للدول الإسلامية، بل لدول العالم قاطبة.
ويؤكد سعادة السفير أن النهج الجاد الذي ينتهجه شعب بروناي تجاه التسامح، لا ينبع من التنشئة الثقافية فحسب وإنما من الرغبة الملحة لبناء مستقبل صحيح للأجيال الناشئة، الأمر الذي يبرهن عن التطور المتسارع الذي ستحظى به بروناي دائما بمشيئة الله تعالى.
نبع من الفعاليات
وألقى معالي فيهين داتؤ الحاج بدر الدين بن عثمان كلمة قال فيها: «إنه من دواعي السرور أن يصل معرض رسالة الإسلام من سلطنة عمان إلى سلطنة بروناي، وأن يتعرف الجمهور البروناوي على الجهود التي تقوم بها سلطنة عمان في نشر ثقافة التسامح والتفاهم والتعايش بين شعوب العالم».
وأكد أن سلطنة بروناي فخورة باستضافة المعرض، فهو أرضية لنشر الدعوة كما أنه أرضية لمزيد من التعاون الثنائي بين البلدين، معربا عن ثقته بأنه سيكون نبعاً مستمراً من الفعاليات الثقافية بين الجانبين.
وقال عثمان : «ليس ثمة مسعى أجمل وأكمل من نشر هذا النوع من الخير في كل مجتمعات العالم وحيث وجد الإنسان، عملاً برسالة الإسلام التي جاءت في القرآن الكريم: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وفي قوله عز وجل في سورة الكافرون (لكم دينكم ولي دين) صدق الله العظيم.
وحضر الفعالية سعادة السفير الدكتور فهد الضفيري سفير دولة الكويت في بروناي دار السلام الذي عبر عن انطباعه قائلا: «ما رأيناه في المعرض حظي بإعجاب الحضور ونحن استمتعنا بالعرض العماني ونتمنى أن تستمر هذه المعارض الثقافية في بروناي لاستمرار العلاقات وسندعو الأسرة لزيارته، وهذا المعرض مهم لإبراز رسالة التسامح والتفاهم ويعكس روح التعايش وهي رسالة مهمة للمسلم وتقبل رأي الآخرين».
رحمة الإسلام
وضمن فعاليات المعرض ألقى الشيخ الدكتور عبدالله بن سعيد المعمري محاضرة قال فيها: «إن رحمة الإسلام تنبع من صميم تشريعاته عقيدة وعملا، كما أنه يكرم الإنسان ويجعل لنفسه حرمة عظيمة، ويعطي عقله مجالا واسعا للتفكير، فضلا عن حرية اختياره لأفعاله، من هنا عدّه مسؤولا عن تصرفاته، يحاسب عليها ثَوَابا وعقابا، فلا غرو أن ينشأ المسلم على فكر التسامح بل التعايش مع الآخر فالناس عبيد الله هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة، أما في الدنيا فهم أمناء على أنفسهم فيقبل منهم ظاهرهم، ويوكل باطنهم إلى مولاهم اللهم إلا أن يضروا أنفسهم أو غيرهم.
ولقد أكرم الله العمانيين بفهم سليم للدين مع حسن تطبيق لتعاليمه بمنه وفضله، فكانوا من الدعاة الناجحين للإسلام في آسيا وأفريقيا بحسن أخلاقهم، كما شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وتساعدهم على ذلك علاقاتهم التجارية في البر والبحر حتى وصلوا أقصى الشرق والغرب، فدخل الناس على أيديهم في دين الله أفواجا.
وهم اليوم يقومون بهذه الأمانة لنشر رسالة الإسلام في العالم على حقيقتها في وقت تدق في أطرافه طبول الحرب بل تلتهب من أوارها أمة الإسلام نفسها أملا في توطيد دعائم السلام والخير في ربوع المعمورة بإذن الله.
ومن هنا جاءت فكرة معرض رسالة الإسلام من عمان التي حطت رحالها في سلطنة بروناي دار السلام في صفر الخير ١٤٣٨هجرية.
50 لوحة
واشتمل المعرض على 50 لوحة لمعرض رسالة الإسلام باللغة الإنجليزية معبرة عن أوجه الحياة العامة في سلطنة عُمان وما شهدته من نهضة حديثة وتطور مستمر في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- كما اشتمل المعرض على لوحات من الفن التشكيلي العماني والخط العربي بالإضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيا وحاضرا.
واشتمل المعرض الذي يقام في واحد من أهم المتاحف في جنوب إفريقيا على لوحات من (فن الظلال) والذي يقدم للجمهور قيما روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة وعامل الضوء، إذ تشكل في مجموعها لوحة فنية معبرة، وقدم المشروع اربع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام والأخلاق.
رسائل إيجابية
كما اشتمل المعرض على (رسائل عالمية) وهي حملة إعلامية عالمية تهدف الى نشر ثقافة التعايش والسلام، والتسامح والوئام؛ عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات.
وتمثلت الحملة المصاحبة للمعرض عبارة: «افعل شيئا من اجل التسامح» والتي تهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية، وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط الذي هي فيه.
وجاء اختيار هذا الشعار إيمانا بأهمية قيمة التسامح في ردم الهوة في العلاقات المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام. مع مناسبة هذا الشعار للأفراد في محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول.
وتم حتى الآن إصدار 7 بطاقات لهذه الرسائل: الأولى تحمل رسالة «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» وهي جزء من آية كريمة تقرر سنة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل؛ فهي ميزة إنسانية في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام.
والثانية تحمل رسالة «أحب للناس ما تحب لنفسك» وهي جزء من حديث نبوي شريف، يعمق في النفس الشعور بأهمية الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرا فليحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لقلت نسب التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة.
والثالثة تحمل رسالة «خالق الناس بخلق حسن» وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف وتحمل مفهوما إنسانيا بجعل الأخلاق هي محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم، نظرا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات.
والرابعة تحمل رسالة «وبالوالدين إحسانا» وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق. والرسالة الخامسة بعنوان: «أد الأمانة إلى من ائتمنك» من أجل تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الإنسانية.
والرسالة السادسة بعنوان: «لنفسك عليك حق» وذلك للإشارة على أهمية الاهتمام برفع القيم في النفس، والتركيز عليها في البناء الأخلاقي .
والرسالة السابعة بعنوان: «أفضل الناس أنفعهم للآخرين» للتأكيد على مبادئ التعاون بين الناس ونشر ثقافة العمل المشترك في مجال النفع العام والعمل التطوعي والخيري.
افعل شيئا
كما تم خلال الافتتاح إطلاق حملة :( افعل شيئا من اجل التسامح) (Act For Tolerance #) لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار تعزيزا لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم .
وأقيم على هامش المعرض عرض بعض الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضاري وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية. بالإضافة إلى استعراض عدد من صور الكتب العمانية المتعلقة ببعض المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب وغيرها، وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم.
يذكر أن معرض (رسالة الإسلام من عُمان) تم إطلاقه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية منذ عام ٢٠١٠م وزار أكثر من ثلاثين دولة حول العالم حتى الآن، ويحمل عنوان: (التسامح والتفاهم والتعايش: رسالة الإسلام من سلطنة عُمان) ويهدف إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم، وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية وأهمها منظمة اليونيسكو، والعديد من المراكز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.
انطباعات المشاركين :
وقال المنشد أنور بن سالم بن حمود العاصمي : أولا أشكر وزارة الأوقاف والشؤون الدينيّة على إتاحة الفرصة لي للمشاركة في معرض رسالة الإسلام في محطته الدولية في بروناي دار السلام هذه المشاركة بالنسبة لي كمنشد تعتبر مشاركة مهمة جداً في محطة دولية مهمة وأيضاً رسالة كبيرة تبعثها هذه الفعالية للعالم في نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام والأمن في العالم لذلك اعتبرها أنا كمنشد من سلطنة عمان إضافة جديدة للإنشاد في عمان وأيضاً بعث للصوت العُماني للخارج وتعتبر هذه مشاركة مهمة ليست لي فقط بل لجميع العمانيين.
وقالت الخطاطة أسماء بنت خميس بن سالم التمتمية : بدأت أمارس الخط منذ فتره مبكرة من حياتي لكن بدأت صقلها بشكل كبير في الفترة التي التحقت بها بجامعة السلطان قابوس من خلال الدورات التي تقام هناك، وبعد تخرجي من الجامعة 2013 التحقت بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية والتزمت بحضور الدروس التي تقام هناك أسبوعيا.
أما عن تجربتي من خلال معرض رسالة الإسلام في بروناي فإن الاهتمام كان كبيرا جدا من قبل الحضور وأبدوا إعجابهم بجمالية الخط العربي وكان أغلبهم لديه الاهتمام البالغ بمعرفة الأدوات المستخدمة ومصدرها والبعض كان لديه إلمام حتى بأنواع الخطوط العربية، والحمد لله عدد الحضور والإقبال على ركن الخط العربي كبير جدا مما يدل على اهتمامهم وإعجابهم بذلك.
وقال أحمد بن سالم الراجحي : مشاركة وزارة التربية والتعليم تمثلت في دائرة التربية الإسلامية بالمديرية العامة لتطوير المناهج من خلال عرض نماذج من القطع التعليمية والأنشطة الدراسية التي تؤكد على مفاهيم التسامح والتعايش وتؤكد روح الوسطية التي تنتهجها سلطنة عُمان في مناهجها، وقد عرضت جميعها باللغتين العربية والإنجليزية.
وأشار الخطاط والفنان التشكيلي صالح الشكيلي إلى أنه يمارس فن الخط من ٢٨ سنة. وقال : تجربتي في معرض رسالة الإسلام مع الجمهور كانت رائعة وتفاعل الجمهور مع هذا الفن كان حافزاً لنا لتقديم هذا الفن أكثر، وكان الهدف من المشاركة إبراز جمالية الخط العربي في سلطنة بروناي حيث تهتم بهذا الخط ومعظم اللوحات في الطرق مكتوبة بالحروف العربية ولكن تقرأ الحروف العربية بلغتهم المالاوية. مشيرا إلى أن المشاركين والحضور في ركن الخط العربي أكدوا اهتمامهم بالخط العربي، كما تعرف على مجموعة من خطاطي الخط العربي وهذا دليل على الاهتمام بهذا الفن الجميل. كما أن المدرسة الدولية للفنون طالبت بتقديم ورشة عمل خاصة بفن الخط العربي.
وقالت الفنانة شيماء المغيرية: قدمت عرضا بالرسم على الرمل يمثل لوحات التسامح والتعايش والتفاهم وكيف أن عمان نشرت التسامح والتفاهم كرسالة ومنهج على الإنسان أن يعيشه كأسلوب حياة ليعم بذلك الخير والنفع على البشرية، ويشمل عدد من اللوحات علمي عُمان وسلطنة بروناي والتصافح دلالة عن التسامح والتفاهم والتعايش.
