السلطنة تحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف.. مـيلاد العدل الذي أوصـد الظـلم بقيوده

الهنائي: رسولنا الكريم.. الضياء الذي تتبصر به مجتمعاتنا الإسلامية شؤون حياتها -
كــــــــــتب : سالم بن حمدان الحسيني -
نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية يوم أمس احتفالا بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام، وذلك بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر تحت رعاية سعادة علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام. واشتمل الحفل على مجموعة من الفقرات الدينية والأناشيد والقصائد التي تمجـّد هذه المناسبة الغالية، وعلى فقرات معبرة عن عظم هذه المناسبة في قلوب المسلمين.
وألقى سلطان بن سعيد الهنائي المدير العام للوعظ والإرشاد كلمة الوزارة أكد من خلالها على أن هذه الأيام المباركات التي تتزامن فيها ذكريات كبرى تتجلى انعكاساتها في هذه البقعة الطيبة التي سرت فيها الحياة على حقيقتها بميلاد رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام، وتجددت نهضتها بمولد باني حضارتها المعاصرة، فهنا يزدان المكان بعبق التاريخ والزمان الذي خلّد الأيام الفاصلة من حياة كل أمة ليبقيها شاهدة على كل حراك بشري سرى بالخير والرحمة في عمارة الأرض وبناء الإنسان الذي يحقق الانسجام الفعال بين الفطرة السوية والعقل السليم والروح الحية، وكلها تصلح بالإيمان الصادق والعلم بالحقائق.
ودعا الهنائي إلى تعظيم هذه المناسبة لأن ميلاده صلى الله عليه وسلم ليس ولادة فرد من أفراد الآدميين فحسب، وإنما هو مولد للإنسانية مجددا بعدما فقدت معاني الإنسانية، وهو ميلاد للبشرية جميعا حينما وئدت سمات البشرية من البشر، وهو ميلاد للضمير الحي بعدما حكم على الضمير النابض بالرحمة بالإعدام، وهو ميلاد للحق الذي قض مضاجعَ الباطل الذي تمادى مستعليا في شتى صور الحياة، وهو ميلاد للعلم الذي بدد ظلماتِ الجهلِ المتراكمة في العقول، وهو ميلاد للإيمان الذي أزاح مظاهرَ الكفر والشرك المسيطرة على القلوب، هو ميلاد للتوحيد الذي هيمن على العبودية المنحرفة، وهو ميلاد للرحمة والألفة والوِحدة التي شتت صورَ القسوةِ والبغضاء والفُرْقة، وهو ميلاد للعدل الذي أوصد الظلمَ بقيود العدالة وموازينِ الإنصاف، وهو ميلاد للأخلاق التي سادت بمعانيها وذوقها ورُقِيها على ألوان الانحراف والفساد، إنه ميلاد لا يزال يسري بالحياة في قلوبنا وعقولنا وأجسادنا، ميلاد يبعث بالأمل والتفاؤل وحسن الظن بالخالق تبارك وتعالى، ميلاد يجدد في أجيال هذه الأمة شيبِها وشبابِها رجالِها ونسائها صغارِها وكبارِها ليشهدوا بالحق والصدق أن محمدا رسول الله.
وأشار إلى أن الاحتفاء بذكرى مولد النبي الكريم عليه الصلاة وأزكى التسليم ليس على سبيل التسلية والترفيه، ولا على صورة المفاخرة والمباهاة بشخصيةٍ كبرى من عظماء هذه الأمة، ولكنه احتفالٌ؛ يهدف إلى تحقيق الذكرى التي أمر الله تعالى بها (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، فهي تذكيرٌ، بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو القوة الفاعلة في حياة المسلمين، وهو مصدر الهداية للناس إلى يوم الدين، وهو القطب الذي تلوذُ به الأمة لتدور في فلك مرضاة الله تعالى، وهو الضياء الذي تتبصرُ به مجتمعاتُنا الإسلامية شؤون حياتها، وهو الشخصية الكاملة التي يستأنف بها المسلمُ حياتَه بعد الإفراط أو التفريط، وهو مصدر الرحمة الكبرى التي توحد صفوفنا وتؤلف قلوبنا وتحمي أُخوَّتَنا، وهو داعي الإيمان والحق والعدل والعلم والأخلاق، التي تستقيم بها أمتُنا إلى يوم الدين. وفي ختام كلمته وبمناسبة حلول هذه المناسبة الجليلة التي تتزامن مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد التاسع والأربعين رفع الهنائي باسم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أسمى آيات التهاني بأجل المعاني لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - سائلا الله تعالى أن ينعم عليه بالصحة والعافية والعمر المديد، وأن ينعم على وطننا العزيز وسائر بلاد المسلمين بالأمن والأمان.
بعد ذلك توالت فقرات الحفل الشيقة التي عبرت عن معنى وعظم هذه المناسبة حيث ألقى الشاعر سليمان بن سامي الحسني قصيدة بهذه المناسبة المجيدة، بعدها قدم عرض مرئي بعنوان: «مولد الختام» يحكي سيرة الحبيب محمد صل الله عليه وسلم وذلك من أجل ترجمتها في الواقع المعاش وهو من تقديم الشيخ ناصر بن سليمان السابعي، ثم ألقى الشاعر فهد بن يوسف الأغبري قصيدة نبطية بعنوان: «مولد النور» تلتها فقرة إنشادية قدمها المنشد زكريا بن سالم الهادي.
يأتي هذا الحفل الذي قدمه إسحاق بن سعيد الرواحي ضمن الفعاليات التي تشارك بها السلطنة العالم الإسلامي وذلك من أجل ترسيخ سيرة المصطفى الكريم في نفوس المسلمين ولأجل استيعاب الدروس والعظات التي تستدعي الوقوف والتأمل والاعتبار.
