سلطنة عمان تستضيف حلقة نقاشية لاستشراف مستقبل الاقتصاد الأخضر في دول المجلس
المعولي: عملية الانتقال إلى الطاقة المتجددة لا تزال بعيدةً عن المسارات المستهدفة وعلينا العمل معًا لتعزيز الاستثمار في تشجيع الابتكار وتطوير التقنيات -
آل الشيخ: لدى دول المجلس مزايا مطلقة تمكنها من الريادة في القطاع.. وتعمل على تحقيق أهدافها من خلال تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة وتشجيع الاستثمار -
الحوسنية: غياب الحوكمة ونقص الحوافز والأدوات التمكينية وعدم وجود مؤشرات أداء وأدوات قياس موحدة تعرقل عملية التحول للاقتصاد الأخضر -
بحثت حلقة عمل استضافتها سلطنة عمان ممثلة بوزارة الاقتصاد الأربعاء السيناريوهات المستقبلية في الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، وأبدى المشاركون من ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي والجهات الحكومية والخاصة ذات الصلة تفاؤلهم بمستقبل الصناعة إقليميًا نظرًا لما تتميز به هذه الدول من موارد طبيعية وعوامل اقتصادية تمكنها من الريادة في القطاع. ودعا المتحدثون إلى أهمية توحيد الجهود بين دول المجلس للتغلب على التحديات وتسريع وتيرة التحول بهدف تحقيق المنافع البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي يتطلع إليها الجميع.
وجاءت الحلقة النقاشية الثالثة لاستشراف الآفاق المستقبلية للتكامل الاقتصادي والتنموي الخليجي المشترك بعنوان (مستقبل الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون) والتي تستضيفها سلطنة عمان في إطار ترؤسها لاجتماعات وفعاليات مجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 2023م وتستمر ليومين.
وفي كلمته، أكد سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد على أهمية تبادل المعارف وتعزيز التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي لتوليد الأفكار والحلول والمبادرات لصياغة السيناريوهات المستقبلية في مجال الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة؛ لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعزز رفاه الإنسان الخليجي.
وقال وكيل وزارة الاقتصاد إن الانتقال لمصادر الطاقة المتجددة أصبح ضرورة ملحة وليس ترفًا بيئيًا، وأضاف أنه رغم الجهود الدولية والتقدم المحرز في مجال التحول نحو الطاقة البديلة والسعي لانخفاض مستوى الغازات الدفيئة، إلَّا أنَّ عملية الانتقال إلى الطاقة المتجددة لا تزال بعيدةً عن المسارات المستهدفة، خصوصًا في ظل أزمة أسعار الطاقة وحاجة الاقتصادات للتعافي السـريع من الأزمات الاقتصادية، الأمر الذي فرض (للأسف) على بعض الدول العودة إلى الفحم، وتكثيف عمليات استخراج الغاز من أجل الحصول على الطاقة.
في المقابل، أشار إلى أن الحلول لاسيما فيما يتعلق بنشر تقنيات الطاقة آخذة في الارتفاع، حيث تشير البيانات المتاحة إلى أن الحلول البديلة لخفض الانبعاثات والانتقال الطاقي بدأت تكتسب زخمًا عالميًّا؛ فنمو مبيعات السيارات الكهربائية كان على سبيل المثال في عام 2022 أكثر بنسبة 14٪ من مبيعات السيارات عالميًّا.
وأضاف المعولي أن الوسيلة لفهم هذا المشهد المتحول واستباقه تنطلق من القدرة على اسـتشراف مستقبل الطاقة وإيجاد منهجيات متقاطعة لوضع السيناريوهات الدقيقة التي تناسب دول المجلس (كدول منتجة للطاقة) للانتقال السلس نحو اقتصاد خليجي منخفض الكربون دون حدوث أضرار بطبيعة هياكل الاقتصاد الخليجي القائمة حاليًّا. وقال: من أجل تحقيق هذا الهدف؛ يجبُ أن نعملَ معًا بشكل وثيق لتعزيز الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، وتشجيع الابتكار وتطوير التقنيات الجديدة.
خطى خليجية واعدة
من جانبه، أكد سعادة خالد بن إبراهيم آل الشيخ مدير عام مكتب هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على امتلاك دول المجلس مزايا مطلقة تمكنها من الريادة نحو التحول للاقتصاد الأخضر واستخدام الطاقة المتجددة كونها تمتلك مصادر غنية منها كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبحار.
واستعرض سعادته أهداف وخطط دول المجلس لزيادة استخدام الطاقة المتجددة وتقليل انبعاثات الكربون، فعلى سبيل المثال حددت المملكة العربية السعودية هدفًا لزيادة حصة الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المستخدمة إلى 50 بالمائة بحلول 2030، في حين حددت دولة الإمارات العربية المتحدة هدفًا لزيادة حصة الطاقة المتجددة بنسبة 50 بالمائة بحلول عام 2050، وحددت الكويت نسبة 15 بالمائة بحلول 2030، في حين وضعت دولة قطر هدفًا لإنتاج 500 ميجاواط من الكهرباء المتجددة بحلول عام 2022، وتسعى سلطنة عمان لزيادة إنتاج الكهرباء المتجددة لتصل إلى 30 بالمائة من الإنتاج الكلي بحلول 2030، وتوليد 11 بالمائة من احتياجات الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح بحلول عام 2025. كما تسعى دولة البحرين إلى زيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 5 بالمائة من الطاقة الكلية بحلول عام 2025.
وأضاف أن دول المجلس تعمل على تحقيق هذه المستهدفات عن طريق تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة، ودعم البحوث والابتكار في مجال الهيدروجين، وتشجيع الاستثمار في القطاع من خلال توفير الدعم والحوافز.
ممكنات وتحديات
وسلطت أوراق العمل في اليوم الأول لبرنامج الحلقة الضوء على تنامي أهمية تبني تطبيقات الاقتصاد الأخضر على المستوى الدولي لاحتواء ظاهرة التغير المناخي. حيث استهلت الدكتورة مريم بنت محمد البوسعيدية مديرة دائرة التخطيط والمؤشرات البيئية بهيئة البيئة أولى جلسات الحلقة بتقديم ورقة عمل حول الحياد الكربوني والاقتصاد الأخضر لمحة من سلطنة عمان. تناولت فيها أبرز الفرص المرتبطة بمبادرات الحياد الصفري في سلطنة عمان بعد إعلان التزامها في عام 2022 نحو الحياد الصفري بحلول عام 2050 مع وجود بعض التحديات لدول المنطقة التي ترتكز اقتصادها على قطاعي الغاز والنفط.
واستعرضت البوسعيدية أهم النقاط الواردة في تقرير تقييم النمو الأخضر في سلطنة عمان والصادر في فبراير من العام الماضي، ومن أهمها التركيز على الانبعاثات من الهيدروكربونات (النفط والغاز) وتفعيل المبادرات والمشروعات للحد من الانبعاثات الصادرة منها، والحد من استخدام الغاز لإنتاج المياه والتركيز على محطات التناضخ العكسي، والتركيز على حلول كفاءة الطاقة وتقليل الاعتماد على الأجهزة قليلة الكفاءة، والانتقال إلى الهيدروجين والسيارات الكهربائية، إضافة إلى تقليل النفايات الصلبة والتدوير.
وجاءت الورقة الثانية بعنوان "دراسة مقارنة لأفضل الممارسات الدولية لتعزيز الاستثمار الأخضر" قدمها عبدالله علي الشملان أخصائي دراسات اقتصادية بوزارة المالية والاقتصاد الوطني البحريني. استعرض فيها الفرص المتاحة في مجالات الاقتصاد الأخضر التي قد تساهم في تعزيز دول مجلس التعاون اقتصاديا وبيئيا. وقدرة دول مجلس التعاون على تعزيز الشراكات العامة والخاصة وتحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالاستناد إلى أبرز البيانات والمعلومات الصادرة عن المنظمات الدولية ذات الصلة كبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والبنك الدولي.
وتطرقت المهندسة سعاد بنت سعيد الحوسنية مديرة مشروع الدراسة الاستشارية للتحول الشامل للاقتصاد الأخضر بوزارة الاقتصاد إلى توجهات سلطنة عمان للتحول الشامل إلى الاقتصاد الأخضر على مستوى القطاعات المختلفة بما يحقق رؤية عمان 2040. كما استعرضت أهم التحديات التي تواجه مختلف الدول في التحول للاقتصاد الأخضر، ومن أهمها، غياب الحوكمة، وعدم وجود سياسة واضحة تُعنى بهذا التحول على مستوى جميع القطاعات، وتعدد الجهات المسؤولة إضافة إلى نقص الحوافز والأدوات التمكينية، وعدم وجود مؤشرات أداء وأدوات قياس موحدة وواضحة على مستوى جميع العلاقات ذات الصلة.
وتضمنت أعمال الحلقة أيضا، جلسة حوارية حول "مستقبل الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون" بمشاركة الدكتور راشد بن سعيد العبري مدير مركز أبحاث الطاقة المستدامة بجامعة السلطان قابوس استعرض في حديثه النظرة الشاملة لمستقبل الطاقة في سلطنة عمان، كما تحدثت مريم بنت أحمد الوهيبية من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية عن محور أهمية تشجيع الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة والاعتماد عليها. وقدم الدكتور عبدالله عيسى العباسي مدير برنامج الطاقة والبيئة بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة مجموعة الاستراتيجيات وخطط دول الخليج من أجل الاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة وإلى الاستثمارات الدولية نحو التحول في قطاع الطاقة من أجل مقارنة حجم الإنفاق الدولي بالإنفاق الخليجي مع تناول إمكانية التعاون الدولي لتحقيق الأهداف المشتركة. فيما استعرض محمد بن عبدالعزيز بن صقرمن وزارة الطاقة بالمملكة العربية السعودية جهود المملكة في قطاع الطاقة المتجددة.
اليوم الثاني
وفي اليوم الثاني للحلقة الخميس، ستتناول العروض المرئية ملامح من استراتيجية سلطنة عمان للتحول في الطاقة ودور الهيدروجين الأخضر يقدمها المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة والمعادن. كما سيشارك الدكتور محمد بن يحيى آل مفرح مستشار الاستدامة والاستثمار ومدير عام المنتزهات الوطنية من المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بوزارة البيئة بالمملكة العربية السعودية في استعراض الآفاق النوعية لاستثمار وترشيد الموارد الطبيعية بما يحقق الاستدامة الاقتصادية. وسيقدم مبارك بن خميس الحمداني مدير دائرة الاقتصاد السلوكي بوزارة الاقتصاد عرضا مرئيا حول تطبيقات العلوم السلوكية في حفز ترشيد استهلاك الطاقة. وستختتم أعمال الحلقة بورقة عمل حول جهود المملكة في تعزيز كفاءة الطاقة يقدمها نايف بن محمد الحميضي من وزارة الطاقة بالمملكة العربية السعودية.
