تحقيق الحياد الصفري في سلطنة عمان يستلزم استثمارات قيمتها 190 مليار دولار ومساهمة فاعلة للقطاع الخاص
تصوير - حسين المقبالي -
دفعت التغيرات المناخية واحتدام ملف أمن الطاقة بعملية التحول للمصادر المتجددة والخضراء إلى مقدمة الأهتمامات والأجندة العالمية، حيث يتسابق العالم اليوم لتوطين أحدث الصناعات والتقنيات لتوفير مصادر طاقة مستدامة وتنقية رئة الأرض من الانبعاثات بنسبة صفر بالمائة. ولتمكين ذلك في سلطنة عمان، أتفق خبراء ومشاركون منتدى عمان للطاقة في نسخته التاسعة الثلاثاء إلى أهمية تبني مؤشرات واضحة لقياس الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، إضافة إلى تضافر الجهود في كافة القطاعات وتأهيل الكوادر الوطنية وتطوير التقنيات لإنتقال سلس.
وأكد خبراء المنتدى أن تحقيق الحياد الصفري في سلطنة عمان قد يكلف ما يقارب 190 مليار دولار أمريكي، وذلك لتغطية البنية التحتية للطاقة والهيدروجين وتحسين وتوسيع شبكات الكهرباء، وإنشاء خطوط أنابيب الهيدروجين وآليات للتخزين، والبنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية وأن إضافة اقتصاد تصدير الهيدروجين سيزيد من الاستثمار الرأسمالي المطلوب للوصول للحياد بمقدار 230 مليار دولار إضافية، ولا يُتوقع أن تمول الحكومة هذه النفقات بالكامل، إذ تشير التقديرات العامة إلى أن القطاع الخاص يمكنه المساهمة بنسبة 70-80٪ من التمويل العالمي لانتقال الطاقة حتى عام 2050 وسيسهم الانتقال السلس والمنظم في قطاع الطاقة سيسهم في زيادة فرص الأعمال "الخضراء" وزيادة إجمالي القوى العاملة في سلطنة عمان بنسبة 20-30٪، خاصة في قطاع الطاقة واقتصاد الهيدروجين.
ويمكن لسلطنة عمان تكييف العديد من المسارات المختلفة إلى صافي الصفر بحلول عام 2050. ولجعل الانتقال سلسا ومستداما، حددت عمان خمسة أهداف لمسارها، وهي البيئة، والاستدامة، وتكاليف نظام الطاقة، والأثر الاقتصادي، والأثر الاجتماعي، وأمن الإمدادات. ومن المتوقع أن تلعب التكنولوجيا دورا مهما يصل ل90% للوصول إلى هدف الحياد بحلول 2050م، إلا أن ذلك يتطلب منها أن تنضج بصورة أكبر خاصة فيما يتعلق بوسائل وتقنيات تخزين الطاقة طويل الأمد، وبناء بنية تحتية جديدة كشبكات شحن المركبات الكهربائية.
ووصف د.فراس بن علي العبدواني، القائم بأعمال المدير التنفيذي لشركة هيدروجين عمان "هايدروم الخطوات المحلية في عملية التحول بأنها "جيدة" وأن سلطنة عمان لديها إمكانيات لتكون مدفوعة بطاقة الهيدروجين في الوقت المحدد وكما هو مخطط له في رؤية عمان 2040. وأضاف: تضع سلطنة عمان اللمسات الأخيرة على سياسة وطنية لانتقال الطاقة تركز على وضع إطار عام وسياسات ولوائح لتسريع عملية التحول في قطاعات الهيدروجين والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة ونقل واستخدام وتخزين الكربون، وسيتوالى الحديث عن ذلك في الأيام.
معايير الاستدامة
وحول أهمية تطبيق معيار ESG لقياس الاستدامة والتأثير للاستثمار في الشركات، قال عبدالرحمن اليحيائي، الرئيس التنفيذي للجمعية العمانية للخدمات النفطية "أوبال": أصبحت الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أمرا أساسيا لجذب الاستثمارات وتنويعها، حيث بات اهتمام المستثمرين حول العالم يتعدى العوائد الاقتصادية ويذهب إلى تقييم المبادرات التي تقوم بها البلد في تخفيض انبعاثات الكربون، والمسؤولية وقضايا العمال. وفي سلطنة عمان وقطاع الطاقة على وجه التحديد يلتزم المشغلون بهذه الممارسات، وكذلك الشركات الأجنبية والكبرى. ولمواكبة التحول نحو الطاقة المتجددة وتمكين العاملين، تعمل أوبال بالتعاون مع العديد من الجهات العالمية لتدريب وتأهيل الشباب والعاملين في قطاع الطاقة المتجددة، وقال اليحيائي: قطع قطاع النفط والغاز شوطا كبيرا من خلال تأهيل الكوادر الوطنية وتعمين 90 بالمائة من الوظائف، وعلينا أن نواكب المتغيرات الجديدة بإمداد مشاريع الطاقة المستقبلة بالكفاءات الوطنية المؤهلة.
من جانبها، قالت ألينا ديك، أحد القائمين على المنتدى: ليس هناك شك في أن البيئة والاجتماعية والحوكمة (ESG) ستدرج بشكل متزايد في جميع محادثات الأعمال تقريبا في سلطنة عمان مع مرور الوقت، وأن تتحول هذه المؤشرات من أمور يستحسن تحقيقها إلى ضروريات. ولابد من تحقيق مكانة تنافسية في هذا السوق سريع النمو والذي من المتوقع أن ترتفع قيمته لـ 35 تريليون دولار أمريكي وبنسبة 43٪ في غضون ثلاث سنوات فقط. وسيلعب مؤشر الـ ESG دورا رئيسيا في مسعى سلطنة عمان للتنويع الاقتصادي المستدام للاقتصاد، ولكن من المهم اتخاذ قرارات دقيقة والتأكد من مراعاة المخاطر لتجنب الأخطاء المكلفة التي قد تؤدي إلى زيادة الضغط على هوامش اقتصادية وبيئية.
وتم خلال المنتدى الذي نظمته مؤسسة جلف إنتلجنس تكريم الطلاب المتميزين في الدراسات العليا في سلطنة عمان، حيث يمثل الفائزون الأربعة طليعة أصحاب المواهب والمهارات من العلماء والباحثين والمبتكرين المُجيدين لدعم مستقبل قطاع صناعة الطاقة في سلطنة عمان ونمو البيئة الإبداعية في البلاد. وحصل عليها كل من: د. عبدالله الشريقي من جامعة السلطان قابوس، تخصص الهندسة الكهربائية، والدكتورة هدى البطاشية، تخصص الأحياء، وعبد المجيد الوهيبي تخصص هندسة بترول وغاز طبيعي، وخديجة العامرية من ذات التخصص، وحليمة الهنائية تخصص هندسة البيئة.
