الاقتصادية

القطاع اللوجستي يواصل النمو ومشروعات طموحة تعزز دوره في تنويع الاقتصاد

28 أكتوبر 2022
822 مليون ريال القيمة المضافة لأنشطة النقل والتخزين
28 أكتوبر 2022

خلال النصف الأول ساهمت أنشطة النقل والتخزين بنحو 4% من إجمالي الناتج المحلي

اللوجستيات نقطة الوصل الأساسية بين كافة القطاعات الاقتصادية ومنها الصناعة والتجارة وسلاسل الإمداد المحلية والعالمية

تنسيق بين مختلف الجهات المعنية والشركاء في القطاع لتسهيل الإجراءات وتشجيع الاستثمارات الجديدة

توسع مستمر في مرافق التخزين سواء عبر مدينة خزائن أو الموانئ البحرية والمناطق الحرة

يستعد القطاع لنقلة جديدة في ظل تطورات مهمة في صدارتها جاهزية ميناء الدقم ومشروع السكك الحديدية

تقرير - أمل رجب

ارتفعت مساهمة أنشطة اللوجستيات، التي تشمل عمليات النقل والتخزين، في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان إلى 822 مليون ريال عماني بنهاية النصف الأول من العام الجاري، مقارنة مع 652 مليون ريال عماني خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وبنسبة نمو 26.1 بالمائة.

وبلغت مساهمة أنشطة النقل والتخزين في الناتج المحلي الإجمالي، مقوما بالأسعار الجارية، خلال العام الماضي بأكمله 1.2 مليار ريال عماني وهو ما يمثل نحو 3.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2021 والذي كان قد سجل 33.9 مليار ريال عماني، وخلال النصف الأول من الجاري صعدت مساهمة أنشطة النقل والتخزين إلى ما يزيد عن 4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي الذي سجل 20.4 مليار ريال عماني بنهاية النصف الأول من هذا العام.

ويعد القطاع اللوجستي نقطة الوصل الأساسية بين كافة القطاعات الاقتصادية ومنها الصناعة وحركة التجارة وسلاسل الإمداد المحلية والعالمية، وبينما يواصل الاقتصاد الوطني تحقيق معدلات نمو جيدة ويتجه قطاع التجارة للتعافي من التبعات الحادة السلبية التي نتجت عن تفشي الجائحة في عام 2020، ينعكس هذا التعافي إيجابا على القطاع اللوجستي وحركة التجارة في سلطنة عمان حيث رصدت الإحصائيات نمو حجم الواردات إلى 8.8 مليار ريال عماني حتى نهاية يوليو الماضي، مع قفزة للصادرات النفطية وغير النفطية لتبلغ 14.7 مليار ريال عماني.

وتضع الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية عمان 2040 القطاع اللوجستي كإحدى ركائز النمو والتنويع الاقتصادي، كما تستهدف وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات من خلال استراتيجية القطاع اللوجستي 2040 تعزيز سلاسل الإمداد المرتبطة به باعتباره من أول القطاعات الواعدة وذات القيمة المضافة العالية في سبيل تحقيق أولويات الرؤية المرتبطة بالتنويع الاقتصادي والقطاع الخاص والاستثمار وسوق العمل، كما تتضمن الأهداف الاستراتيجية للقطاع التكيف مع المتغيرات العالمية والتي أحدثت تأثيرا كبيرا على حركة التجارة وتدفق السلع، وأدت الأوضاع والتحديات الاقتصادية العالمية الراهنة بما في ذلك مشاكل سلاسل الإمدادات إلى إبراز أهمية القطاع اللوجستي، وضرورة تسريع توطين سلاسل الإنتاج والتوريدات وتكامل محاور المنظومات الصناعية واللوجستية لدى الدول.

وشهدت الفترة الماضية جهودا وتنسيقا بين مختلف الجهات المعنية والشركاء في القطاع لتسهيل الإجراءات وتشجيع ضخ الاستثمارات الجديدة، كما يجري التوسع بشكل مستمر في مرافق التخزين اللوجستية سواء عبر مدينة خزائن اللوجستية أو في الموانئ الكبرى مثل صحار وصلالة بما يصاحب ذلك من نشاط في أنشطة النقل وغيرها من العمليات المرتبطة بقطاع اللوجستيات.

ويستعد القطاع اللوجستي لنقلة جديدة مع وجود العديد من التطورات المهمة في صدارتها جاهزية ميناء الدقم واستعداده خلال الفترة المقبلة لمساهمة أكبر في حركة التجارة إذ وصلت نسب الإنجاز في مشروع تركيب وتوريد رافعات الحاويات الآلية والرافعات الجسرية ذات الإطارات المطاطية بميناء الدقم إلى معدلات متقدمة، ومن أهم التطورات أيضا في القطاع اللوجستي، توقيع قطارات عُمان، المُطور والمشغل لشبكة السكك الحديدية الوطنية في سلطنة عمان، والاتحاد للقطارات، المطور والمشغل لشبكة السكك الحديدية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، اتفاقية لتأسيس شركة عمان والاتحاد للقطارات المملوكة بالمناصفة بين الجانبين بهدف تصميم وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، باستثمارات إجمالية للمشروع نحو مليار و160 مليون ريال عماني، ويسهم المشروع الطموح والأول من نوعه في سلطنة عمان في نمو الاقتصاد الوطني للبلدين بما في ذلك رفع كفاءة منظومة سلاسل التوريد وسهولة ممارسة التجارة عبر الحدود بين البلدين من خلال ربط المنافذ التجارية بشبكة السكك الحديدية، ورفع مستويات التنافسية في السوق وخفض التكلفة الإجمالية لسلاسل التوريد، وذلك لما تتمتع به من مستويات عالية من الكفاءة مقارنة بوسائل النقل الأخرى، علاوة على أهمية المشروع في توفير فرص تجارية واستثمارية واعدة للقطاع الخاص، حيث سيتم إسناد حزمة من العقود المرتبطة بالمشروع للقطاع الخاص.

ومن جانب آخر، هناك مزيد من التوجه نحو الاندماج والتكامل بين قطاع الموانئ ومستهدفات التنويع الاقتصادي في مختلف القطاعات، وتم مؤخرا توقيع مجموعة أسياد مذكرة تفاهم مع مركز عُمان للهيدروجين بالجامعة الألمانية للتكنولوجيا، لدراسة دور الموانئ العمانية والخدمات اللوجستية في بناء اقتصاد الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، وإجراء بحوث ودراسات متكاملة وتقصي أفضل الممارسات العالمية لرفع كفاءة العمليات اللوجستية لقطاع الموانئ وأسطول النقل البحري، وتعزيز قدرات الرأسمال البشري لتلبية متطلبات هذه الصناعة الواعدة، وتعزيز فرص استكشاف الأعمال والمبادرات في قطاع الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، والسعي الحثيث لتحقيق خفض الانبعاثات الكربونية إلى الحياد الصفري وترسيخ مكانة سلطنة عُمان كمركز عالمي مهم للطاقة المتجددة.

وتمتلك سلطنة عمان بنية أساسية قوية ومتطورة تمثل منطلقا لنمو أنشطة التجارة واللوجستيات وتتنوع هذه البنية بين شبكة الطرق والمطارات الحديثة والموانئ ذات المواصفات العالمية التي يمكنها استقبال أضخم السفن، ومحطات ذات تقنيات ومعدات متطورة لمناولة الحاويات والبضائع، وتتواصل في الوقت نفسه جهود تعزيز الأنشطة التجارية وطرح فرص استثمارية في تطوير وتشغيل الموانئ الحالية والجديدة للقطاع الخاص في إطار مستهدفات زيادة دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي، كما تتمتع الموانئ العمانية بدرجة عالية من الجاهزية التقنية فضلا عن موقعها الاستراتيجي، حيث تحظى موانئ صلالة وصحار والدقم بموقع مثالي يمكّنها من الوصول إلى مختلف الموانئ الرئيسية العالمية خلال أقل من أسبوعين وربطها بالأسواق الصاعدة في الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وشرق أفريقيا، وهناك خطط طموحة لتطوير مختلف الموانئ الأخرى في سلطنة عمان.

وتشير الإحصائيات إلى أنه على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم بسبب تداعيات أزمة كورونا، فإن الموانئ العمانية حققت نموا في مختلف عملياتها التجارية وفي أحجام الاستيراد والتصدير خلال عام 2021؛ حيث بلغت نسبة النمو حوالي 9 بالمائة في حجم البضائع المتناولة، وارتفعت حركة مناولة الحاويات بنسبة 2 بالمائة، بينما زادت أعداد السفن التي رست في الموانئ العمانية بنسبة 1.3 بالمائة.

كما أشارت الإحصائيات إلى أن الموانئ العمانية حققت ارتفاعا بنسبة 5 بالمائة في حجم البضائع السائبة والعامة والسائلة خلال النصف الأول من عام 2022، لتصل إلى أكثر من 42 مليون طن مقابل حوالي 40.61 مليون طن لعام 2021، وفق إحصائيات وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات.

وقد حصلت الموانئ العمانية على مرتبة متقدمة في العديد من المؤشرات الدولية، حيث كانت الأولى عالميًا في مدة بقاء السفن في الموانئ، كما حقق ميناء صلالة المركز السادس عالميًا في الكفاءة التشغيلية لعام 2020، وكان الثاني على مستوى العالم في مؤشر أداء موانئ الحاويات لعام 2021م الصادر عن البنك الدولي ووكالة ستاندرد آند بورز جلوبال ماركيت إنتيليجينس.