الخريف ينتهي اليوم ويبدأ «الصرب» فصلا آخر من جماليات مواسم ظفار
يبدأ فلكيا غداً موسم الربيع في محافظة ظفار، وبهذا التاريخ ينتهي موسم الخريف الماطر بعد أن كسى الأرض اخضرار وفجر العيون أنهارا وملأ القلوب بهجة وسعادة، وحفرت ذكرياته في مخيلة كل من زار خريف ظفار، وطاب له المقام في أيامه الاستثنائية، رحل خريف ظفار برذاذه الماطر وغيومه السارية من بحر العرب إلى قمم الجبال، وأتى الربيع ليجلي وشاح الضباب عن جبالها الخضراء.
وأشرقت شمس الربيع لتملأ الدنيا ضياء وبهجة وسرورا، وينفض دفء الشمس عن ذرات رمال بحر العرب رطوبة الخريف ليظهر بريقها الفضي، ويعود إليها ملمسها الحريري ويهدأ تلاطم أمواج بحر العرب، ويفتح البحر ذراعيه لرواده.
فصل الربيع الذي حل اليوم على ظفار هو فصلا آخر من جماليات محافظة ظفار يكاد لا يقل جمالا وروعة عن موسم الخريف، بل يتميز موسم (الصرب) كما يعرف محليا بمحافظة ظفار بعادات جميلة، وأجواء طبيعية رائعة، فالربيع هو الشباب بين الفصول، وهو البدايات الجميلة والجديدة، والعودة الحميدة لكل ما كان متوقفا بسبب ظروف موسم الخريف المناخية.
وتعيش محافظة ظفار هذه الأيام وخاصة الولايات الساحلية التي تتأثر بموسم الخريف الماطر من ضلكوت غربًا وحتى مرباط شرقًا، أجواء صحوة بعد غياب الشمس طيلة أيام موسم الخريف؛ بسبب الغيوم التي تحجبها والضباب الذي يغطي الجبال، ومع بداية الربيع تزهر النباتات و يفوح عبيرها بين الأودية والتلال وتنجلي الغيوم وتهب على السهول والجبال نسمات عليلة وخاصة في الفترة المسائية وتكون الفرصة سانحة للتجول بين الطبيعة والمكوث ساعات طويلة في الوديان الخضراء والجبال دون عوائق طبيعية كانت تحول دون ذلك طوال فترة الخريف مثل وجود حشرة العارنوت اللاسعة وتكاثر الذباب والضباب الذي يحجب رؤية المناظر الخضراء وكذلك تساقط الأمطار بشكل مستمر، فالعوائل تجد هذا الموسم فيه المتعة الأكبر لقضاء أوقاتهم في الجبال وأحيانا المبيت على تلك التلال الخضراء وبين جنبات الأودية ويقضون ليال يستمتعون فيها بليالي الربيع الهانئة وخاصة مع الليالي القمرية وتكون هذه الرحلات على شكل تجمعات عائلية تتواصل فيها الأرحام وتتآلف فيها القلوب وتكون هذه الرحلات عادة في منطقة القطن وتعتبر نيابة جبجات التابعة لولاية طاقة من أشهر النيابات التي تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار خلال موسم الصرب.
وقديما كان لموسم الصرب هالة خاصة عند أهل ظفار حيث تتهيأ النفوس لرحلة جديدة في الحياة، أولها هي إمكانية السفر عبر البحر لأن في موسم الخريف وعبر السفن الشراعية كانت هناك خطورة كبيرة من السفر في البحر بسبب ارتفاع أمواج بحر العرب ومع بداية الربيع يكون الانطلاق والانعتاق إلى سفرٍ يُقضى فيه حاجة أو يصل فيه مسافرا عائدا من غربته إلى ظفار حيث يخرج المواطنون لاستقبال السفن القادمة بعد غيابها طيلة موسم الخريف ويبدأ الصياد بارتياد البحر وتعود (الضواغي) لمزاولة حرفة صيد السردين ويسمى أول يوم تبدأ فيه ( الضواغي ) بارتياد البحر بيوم (الفتوح) والضواغي عبارة عن مجموعة من الرجال يمارسون مهنة صيد السردين بشكل جماعي ومن ثم يتم تقسيم الإنتاج بين جميع المشاركين حسب قسمة معينة متعارف عليها بينهم وفي موسم الربيع تدر الأضرع حليبا وافراً وتنتج فيه أجود أنواع السمن البقري وتحصد فيه المحاصيل الزراعية الموسمية التقليدية التي كانت تمارس منذ قديم الزمان التي تعتمد في ريها على أمطار الخريف مثل زراعة اللوبيا ( الدجر) وزراعة الخيار والذرة.
