No Image
الاقتصادية

الحلول التقنية تنقذ العالم من مخاطر الأمن الغذائي وتفتح آفاق استثمارات جديدة

16 نوفمبر 2022
وسط توقعات بارتفاع الطلب على الغذاء 56% في 2050
16 نوفمبر 2022

  • توقعات بنمو سوق البروتين النباتي في سلطنة عمان بمعدل سنوي يقدر بـ18.8 بالمائة خلال الفترة من 2021 - 2027
  • دعوة لاستغلال إنتاج التمور البالغ 374.2 ألف طن في استخلاص كحول الإيثانول وحامض الستريك وصبغة الكراميل

مع اقتراب عدد سكان العالم اليوم من 8 مليارات نسمة، وتوقعات ارتفاعه لـ9.7 مليار بحلول عام 2050، نبه معهد الموارد العالمي إلى أن الطلب على الغذاء سيرتفع بنسبة 56 بالمائة في غضون الـ28 سنة المقبلة، أي أن العالم سيحتاج لإطعام ملياري نسمة إضافية في الوقت الذي تواجه فيه النظم الزراعية والغذائية اليوم تحديات جمة نتيجة الآثار التي خلفتها جائحة كورونا، واضطراب سلاسل الإمدادات وارتفاع تكاليف السلع الأولية. ويعوّل الخبراء اليوم على التكنولوجيا والتقنيات الحديثة لتحسين جودة المنتجات واستحداث أخرى بديلة ومستدامة فضلا عن ظهور أسواق جديدة للاستثمار.

ويقول فيصل أحمد خان، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة الصفاء لتصنيع المواد الغذائية، أن الطلب على الغذاء سيتضاعف أربع مرات في السنوات العشر القادمة، وذلك لارتفاع عدد السكان وتغير أنماط الحياة، وزيادة الثراء في بعض الدول النامية مما زاد استهلاكها من الفواكه على سبيل المثال. وقال إن التقنيات الحديثة ستعزز من صناعة الغذاء وهي الحل لمراقبة سلامة الأغذية وضبط جودتها.

  • بدائل مستدامة

ويمكن للتقنيات الحديثة وعمليات التصنيع أن تنتج بدائل غذائية للإنسان تغنيه عن استهلاك الموارد الغذائية التي تتعرض لطلب متزايد وسط إنتاج يخضع للكثير من التحديات، ولعل أبرز صيحات الأغذية يتمثل في «البروتينات البديلة»، وهي بدائل نباتية عن تلك الحيوانية، تستخدم فيها الحبوب والبقوليات وأنواع من الفطر والطحالب والحشرات و«اللحوم المستزرعة». وقد نما مؤخرًا الاهتمام بهذا النوع من البدائل ويقدر إنتاجه بـ13 مليون طن متري، مع توقعات بنموه إلى 97 مليون طن بحلول 2035.

وقالت د. بشاير الريامي، خبيرة في ابتكار الغذاء إن اهتمام المستهلكين بخيارات البروتين غير القائمة على لحوم الحيوانات في تزايد، مما يفتح فرصًا استثمارية متنامية في هذا القطاع. فقد تم خلال العقد الماضي، أي في الفترة من 2010- 2021 ضخ استثمارات في صناعات البروتين البديل بما يقارب 11.1 مليار دولار، أكثر من نصفها كان في عام 2020 وحده. وكان للاستثمار في بروتين الصويا النصيب الأكبر.

كما من المتوقع أن ينمو معدل النمو السنوي المركب لسوق بدائل البروتين بنسبة 12.4 بالمائة خلال الأعوام من 2022 - 2029 ليبلغ 36.61 مليار دولار ويصعد لـ85 مليار دولار في 2039م. يأتي ذلك مدعومًا بزيادة الاستثمار في هذا القطاع، وتطور تقنيات وتكنولوجيا الغذاء، والقيمة الغذائية العالية المثبتة عن هذه البدائل، إضافة إلى الاستدامة البيئية التي تحققها.

وفي سلطنة عمان، سجل سوق البروتين النباتي نموًا قويًا بمعدل نمو سنوي بلغ 27 بالمائة في الفترة ما بين 2018 - 2020. ومن المتوقع أن يسجل نموًا سنويًا مركبًا يقدر بـ18.8 بالمائة خلال الفترة من 2021 - 2027. وأن يزداد الاستهلاك عليه من 12 مليون دولار في 2020م، ليصل إلى 41.7 مليون دولار بحلول 2027.

  • فرص محلية

وأشارت منصورة العامرية، رئيسة قسم بحوث الصناعات الزراعية، بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إلى أن هناك حاجة ملحة لإيجاد تقنيات ووسائل تحقق الاستفادة القصوى من التمور البالغ إنتاجها الكلي في العام الماضي قرابة 374.2 ألف طن.

ويمكن للشركات الناشئة بسلطنة عمان تطوير صناعات عديدة تعتمد على التمور كمادة أولية. ومنها مباشرة كعجينة التمر، وغير مباشرة كصناعة دبس التمر، والاستفادة من مخلفات صناعة الدبس «البثل» التي تدخل في بعض الصناعات التحويلية، وإضافته كمدعم لبعض الصناعات كحبوب الإفطار.

ومن الصناعات غير المباشرة المعتمدة على التمر وذات جدوى اقتصادية هي صناعة الكحول الصناعي «الإيثانول» الذي يعدّ من المواد المهمة ذات الاستخدامات الطبية والصناعية العديدة ومن أهمها اللواصق والعطور ومواد التجميل والأدوية وأدوات العناية الصحية والأصباغ والحبر ومضافات الأغذية والمنظفات والخل والمشروبات والوقود. وقد قام قسم بحوث الصناعات الزراعية التابع لوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بعمل دراسة لتثبيت طريقة لإنتاج الإيثانول من مستخلص التمور.

ومن الصناعات غير المباشرة أيضًا، صناعة حامض الستريك، وهو من الحوامض العضوية المهمة في صناعة المرطبات والزيوت والأغذية المجمدة والأدوية ومستحضرات التجميل والمنظفات وتنظيف المعادن.

ويمكن الاستفادة من التمور أيضًا في صناعة صبغة الكراميل، وهي مادة بنية اللون على شكل مسحوق أو سائل لزج، يستخدم في تلوين الغذاء والمشروبات الغازية والسوائل المقطرة الصيدلانية، ولقد وجدت الأبحاث الحديثة أن مستخلص التمر يصلح لإنتاج الكراميل.

وهناك صناعات أخرى تعتمد على نوى التمر كالقهوة كبديل للقهوة العادية، حيث قام قسم بحوث الصناعات الزراعية بتحليل شراب قهوة نوى التمر للتأكد من خلو مكوناتها من مادة الكافيين والمواد الضارة، وإجراء تقييم حسي لبديل القهوة المحضرة من نوى التمر. كما يمكن استخلاص الزيت من نوى التمر باستخدام المذيبات الكيميائية.

خطوات عالمية متقدمة وإدراكًا من الصين لأهمية مواكبة مستجدات ملف الأمن الغذائي العالمي، وتغيير أنماط استهلاك الغذاء، فقد قامت بوضع استراتيجية جديدة لقيادة العالم في ما أسمته «الغذاء المستدام» من خلال خطة تنمية زراعية مدتها 5 أعوام. أي أن الصين تسعى للتوسع في تكنولوجيا إنتاج اللحوم في المعامل من الخلايا الحيوانية والبروتين والبيض النباتي. وذلك وسط توقعات ارتفاع استهلاك الفرد من لحوم الأبقار في الصين بنسبة 13.4 بالمائة وبإجمالي 4 كجم بحلول عام 2029. وفقًا لمنظمة «الفاو».

  • أتمتة النظم الزراعية

إن إنتاج بدائل غذائية ومنتجات مستدامة ومبتكرة ليست الحلول الوحيدة التي تقدمها التقنية الحديثة للأمن الغذائي العالمي، حيث يمكن للأتمتة الزراعية، التي تضم استخدام الجرارات والذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، أن تؤدي دورًا مهمًا في جعل إنتاج الأغذية أكثر كفاءة ومراعاة للبيئة.

وقد أشار تقرير الفاو الأخير حول حالة الأغذية والزراعة لعام 2022 إلى أن الأتمتة بصورة عامة تخفّف من أوجه نقص اليد العاملة وبمقدورها زيادة الإنتاجية الزراعية وتعزيز قدرتها على الصمود وتحسين نوعية المنتجات وزيادة كفاءة استخدام الموارد وتعزيز العمالة اللائقة وتحسين الاستدامة البيئية. عدا أنه لا تزال بعض التقنيات في مراحلها التجريبية، في حين تواجه تقنيات أخرى عوائق أمام نشرها، مثل محدودية البنية الأساسية المواتية، والقدرة على الاتصال والكهرباء، لا سيما في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل.