البيئة البحرية في عودة الماضي توثق تاريخها لزوار محافظة ظفار
يرسم موسم خريف ظفار بإطلالته المتجددة لوحات من التراث السياحي والبيئي بتفاصيله الجميلة وما يحتويه من عبق ماضي عمان القديم والمتعدد في بيئاته المختلفة وتأتي البيئة البحرية في فعاليات عودة الماضي لتوثيق تاريخ البيئة البحرية بمحافظة ظفار وما تزخر به من ثروة منذ زمن جعل منها مرجعا لكل زائر أو سائح للتعريف بهذه البيئة وما كانت تحتويه من بطولات بين الماضي والحاضر لتحاكي ذلك الواقع الجميل من خلال تجسيد الأعمال في ميناء الفرضة واستقبال وتوديع المسافرين سابقا وحياكة الشباك فترة الخريف من كل عام.
وتحمل ذاكرة ربابنة البحر المشاركين في فعاليات البيئة البحرية بالقرية التراثية لمهرجان صلالة العديد من الذكريات والمغامرات الشائقة وملامح سنوات من السعادة والشقاء وهو ما يجعل من القرية التراثية ملاذا لذكريات الغوص والإبحار بين أمواج بحر العرب والمحيط الهندي مفروشة برمال فضية ناعمة نمشي عليها وكأننا بين أحضان شواطئ ظفار الجميلة ولا تخلو من أحاديث البحر ومغامراته ومصارعة أمواج الخريف من أجل شغف الصيد وكسب الرزق؛ لاستعراض سيرة أعوام مديدة وتاريخ عريق.
وعند زيارة موقع عودة الماضي يلتفت الزائر إلى تلك الأهازيج الجميلة التي يقدمونها في البيئة البحرية مجسدين كل ما كان يعمل به في الماضي خصوصا عند استقبال المسافرين وهم محملون بالخيرات التي كان ينتظرها المستقبلون على فترات طويلة قد تمتد إلى السنة.
ولا يمل المشاركون في الفعالية من إبهار زوار المهرجان وهم يغنون أهازيجهم البحرية الجميلة بصوت واحد ويردون على بعضهم البعض بأبيات تلك الشلات والأهازيج البحرية الشجية ولا يأتي الغناء لمجرد الإبحار في عالم الذكريات وإنما ليحثهم على العمل فهم يرددون تلك الأهازيج وهم ينسجون شباكهم ويعملون بكل تفاؤل لملاقاة ذلك البحر والبحث عن الأمل والعمل الدؤوب الذي لا ينقطع بهم منذ ساعات الصباح الأولى.
ويلفت انتباه زوار البيئة البحرية بعودة الماضي صوت الأهازيج وهي تتعالى بصوت الوالدة صنعة بنت بشير وهي تردد «فضولي جابلي كلمة.. ولا يعرف معانيها» ويرد معها بقية الربابنة والنساء اللاتي يقمن بالأعمال النسائية كالغزل على الدواليب.
وتقول الوالدة صنعة بشير: إن هذه المهنة إرث عماني أصيل توارثناه أبا عن جد وتعلمنا كل ما يرتبط به بكل محبة وود لأنه يحمل معاني وقيما رائعة للعمل الجماعي مشيرة إلى أن هناك بعض الأهازيج ترتبط بتنفيذ بعض الأعمال وأعضاء فريق البيئة البحرية في عودة الماضي أسرة واحدة يجسدون الماضي القديم وعرضه للزوار حتى يصل بشكل صحيح كما هو جوهر التراث العماني في كل ربوع السلطنة الغالية.
وأضافت: إن من أبرز الفعاليات التي نقوم بها هي عملية (الوشاعة) وهي عملية خياطة الشبك بمختلف أنواعه وهي عملية صعبة ومعقدة جدا ولكنها بالنسبة لنا سهلة، وأثناء عملية الوشاعة يردد أهل البحر بعض الأغاني لإيجاد عامل التسلية وروح العمل الجماعي كأغنية (فضولي) كما يشارك في عملية الوشاعة العنصر النسائي بعملية الغزل على الدواليب إضافة إلى عملية الطحن على أداة الرحى القديمة لاستخراج الطحين كما يشتهر أهل البحر بفن (الشبانية) وهو واحد من فنون المحافظة الجميلة.
ويقام فن الشبانية في الأعياد والمناسبات ويكون من خلال الرجال الذين يحملون العصي وهم في مجموعتين متقابلتين بالتمايل إلى الأمام وإلى الخلف في طريقة تتماشى مع نغمة الإيقاع مكونين مساحة في الوسط يدخل فيها بين حين وآخر ثلاثة رجال يقومون بالقفز إلى الأعلى في طريقة دائرية كأنهم شخص واحد حسب نغمة الإيقاع.
وعن مكونات البيئة البحرية تقول الوالدة صنعة بنت بشير: إنها مثال مصغر لما كان عليه أهل البحر في السابق فهناك (الفرضة) وهي عبارة عن غرفتين صغيرتين تخزن فيهما البضائع فواحدة منهما تخزن البضائع القادمة من الخارج من الطريق البحري أما الأخرى فتخزن فيها البضائع المحلية التي ستنقل إلى الخارج وهناك أيضا الميناء الذي يتواجد فيه (السنبوق) وهو نوع من أنواع السفن حيث يقوم السنبوق بالذهاب إلى عرض البحر لنقل البضائع من (اللنجات) وهو نوع آخر من السفن ولكنه أكبر حجما حيث لا يمكن أن يصل إلى الشاطئ فيذهب السنبوق لاستلام البضائع منها لينقلها إلى الميناء.
