الاقتصادية

أسعار الغاز تشهد ارتفاعًا قياسيا يهدد استقرار السوق العالمي

16 سبتمبر 2021
وسط تراجع المخزونات الأوروبية
16 سبتمبر 2021

إعداد - رحمة الكلبانية

شهدت أسعار الغاز ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار الفورية، ووصلت إلى أكثر من 900 دولار لكل 1000 متر مكعب بحسب وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء. كما تجاوز مؤشر TTF في أوروبا منتصف شهر سبتمبر الجاري حاجز الـ 21 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنة بـ 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مطلع عام 2021. وهي المرة الأولى التي يصل فيها مؤشر TTF إلى هذا المستوى القياسي، متخطياً بذلك أسعار الغاز الطبيعي المسال الفورية في السوق الآسيوي في سابقة هي الأولى في تاريخ القطاع. وهو ما قد ينذر بأزمة قد تهدد استقرار السوق العالمي للغاز خاصة مع قرب دخول فصل الشتاء الذي يشهد ذروة الطلب، وذلك في ظل استمرار شح الإمدادات من بعض الدول المصدرة، وتراجع مخزونات الغاز في السوق الأوروبي لأدنى مستوى لها في هذه الفترة المعتادة من العام.

التزام عربي

وبدورها، أكدت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (أوابك) في بيان لها الخميس على حرص الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي وبالأخص الغاز الطبيعي المسال، على توفير إمدادات الغاز إلى زبائنها، حيث تعمل محطات إسالة الغاز في أغلب الدول العربية المصدرة بكامل طاقاتها تقريبا، لتلبي نحو 30% من الطلب العالمي. كما أكدت على أهمية نظام التسعير القائم على الربط بأسعار النفط (الربط مع خام برنت) وبعقود طويلة المدة، والذي تتبعه الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي المسال في أغلب تعاقداتها، مما يضمن استقرار أسعار الغاز الطبيعي والحد من تقلباتها، وتوفير الإمدادات بشكل آمن وموثوق ومستدام إلى الأسواق المستوردة.

ودعت أوابك إلى ضرورة الاستمرار في ضخ الاستثمارات في قطاع الغاز الطبيعي لرفع مستويات الإنتاج، بما يضمن توازن العرض والطلب في المدى المتوسط والمدى الطويل، وهو ما تعمل عليه الدول العربية رغم تحديات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). وبالتالي تشيد الأمانة العامة بالخطوة التي اتخذتها دولة قطر في فبراير الماضي 2021 باتخاذ قرار الاستثمار النهائي في مشروع توسعة إنتاج الغاز الطبيعي المسال من القطاع الشرقي لحقل الشمال، لرفع الطاقة الإنتاجية لدولة قطر من 77 مليون طن/ السنة إلى 110 ملايين طن/ السنة بحلول عام 2026.

تخفيف عبء ارتفاع الأسعار

وقامت مجموعة من الحكومات باتخاذ إجراءات لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الطاقة على المستهلكين، ومنها الحكومة الفرنسية التي تدرس توسيع نطاق توزيع قسائم الحصول على الطاقة، في الوقت الذي يزداد فيه الضغط على الحكومات الأوروبية نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن مصدر مطلع القول: إن الحكومة تدرس توزيع ما يسمى «شيكات الطاقة» على أعداد أكبر من المستهلكين. وحصل حتى الآن أكثر من 5.5 مليون أسرة على هذه القسائم. وقال المصدر: إن مكتب رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس ما زال يناقش التفاصيل لكن من المحتمل نشر تفاصيل الإجراءات أمس، خلال جولة تستهدف عرض جهود الحكومة للمساعدة في تمويل عمليات تجديد المساكن.

وكانت مصادر إيطالية قد ذكرت الأربعاء أن الحكومة الإيطالية تعتزم استخدام الأموال العامة، لتقليل تأثير ارتفاع أسعار الغاز على فواتير الكهرباء للمستهلكين.

وأنفقت إدارة رئيس الوزراء ماريو دراجي بالفعل حوالي 1.2 مليار يورو (1.4 مليار دولار) للتخفيف من الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة في الربع الثاني من العام، ومن المقرر أن تستمر في استخدام نفس الآلية. وخفض التدخل في تلك المرة الزيادة في أسعار الكهرباء من 20 % قبل تدخل الدولة إلى 9 %.

كما أعلنت شركة صناعة الأسمدة الأمريكية العملاقة سي.إف إنداستريز هولدنجز وقف تشغيل مصانع منتجات النيتروجين والهيدروجين في بريطانيا بسبب الارتفاع الكبير لأسعار الغاز الطبيعي الذي يعتبر مكونا أساسيا من مكونات منتجات المصانع. وقالت الشركة إنها لا تستطيع تحديد موعد استئناف العمل في المصانع البريطانية في ظل توقعات باستمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي مع دخول فصل الشتاء وزيادة الطلب عليه، في الوقت الذي لا توجد فيه مؤشرات على إمكانية زيادة الإمدادات في الأسواق بصورة ملموسة.

تراجع نقص الإمدادات

وتوقعت روسيا تراجع أزمة نقص إمدادات الغاز الطبيعي في الأسواق بعد بدء تشغيل خط أنابيب الغاز الجديد نورد ستريم.2. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في موسكو متحدثا إلى وكالة الأنباء الألمانية: «أي بداية مبكرة لتشغيل نورد ستريم2 ستحقق توازن عوامل أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، بما في ذلك في سوق العقود الفورية. هذا أمر واضح». ونفى بيسكوف أن يكون في مقدور شركة الغاز الروسية العملاقة جازبروم القيام بأي شيء لوقف ارتفاع أسعار الغاز، ويلقي خبراء الطاقة الروسيون مسؤولية ارتفاع الأسعار إلى طبيعة الموقف في السوق العالمية. وقال بيسكوف: إن تقلبات الأسواق العالمية لا تؤثر على أسعار الغاز الذي يتم نقله عبر خطوط الأنابيب.

وأضاف أن «زبائن غاز الأنابيب لا يتأثرون كثيرا بالتقلبات لأن تسعير الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب يتحدد وفق معادلة سعرية مختلفة». وقال إنه نظرا لوجود عقود طويلة الأجل، فإن ألمانيا تحصل على الغاز الروسي بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار الحالية في السوق العالمية. كما أن الطلب الأوروبي على الغاز يتزايد.

وكان جهاز تنظيم قطاع الطاقة في ألمانيا قد صرح في وقت سابق من الأسبوع الحالي بأنه لديه فرصة حتى أوائل يناير ليتوصل إلى مشروع قرار بشأن بدء تشغيل خط الغاز الطبيعي المثير للجدل نورد ستريم2، وهو ما يمكن أن يؤجل بدء تشغيل الخط الذي انتهت أعمال تشييده. يذكر أن الخط الجديد سينقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق ودون المرور بأراضي أوكرانيا.

وقال جهاز تنظيم قطاع الطاقة الألماني في بيان: إن شركة «نورد ستريم2 أيه.جي» التي تمتلك الخط قدمت كل الأوراق اللازمة للحصول على شهادة تسجيل كمشغل مستقل لخط نقل الغاز وفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي.

وبحسب الجهاز، فإنه لدى السلطات الألمانية 4 أشهر للوصول إلى مسودة قرار بشأن شهادة المصادقة وإرسال المسودة إلى المفوضية الأوروبية لمراجعتها بشكل نهائي، مضيفا أن الفترة الزمنية المقرر بدأت يوم 8 سبتمبر الحالي. وكانت شركة جازبروم الروسية العملاقة للطاقة قد أعلنت في الأسبوع الماضي، اكتمال مشروع خط أنابيب «نورد ستريم 2».