الاقتصادية

راما الرمحي تعيد زمن الحب العذري في روايتها «يا ليته يعلم»

03 يونيو 2018
03 يونيو 2018

الحب العذري، أو الأفلاطوني هو ذلك الشكل من الحب بين الجنسين القائم على إعلاء قيمة المشاعر الروحيّة على حساب الغرائز المادية ممثلة بالجنس. وقد اشتهر هذا النمط من علاقات الحب في الأدب العالمي من خلال نماذج أصبحت مشهورة عالميا مثل قصص مجنون ليلى، وقيس ولبنى وغيرهما في الأدب العربي، وروميو وجولييت عند شكسبير التي أصبحت قصة عالمية، وأصبح الاسمان نموذجا لقصص الحب العذري.

الكاتبة الأردنية الشابة راما الرمحي تعيد زمن الحب العذري في روايتها الأولى «يا ليته يعلم» الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون في عمّان. الكاتبة، التي تقع روايتها في حوالي مئتي صفحة من القطع المتوسط، آثرت أن تربط موضوعها عن الحب بالحرب، وكأن الكاتبة في هذا المقام تود أن تشير إلى أن الحب هو بديل لكل المصائب التي تمرّ بها شعوبنا العربية.

قصة الحب تقع بين طالبة سورية مهاجرة وطالب عراقي يدرسان في جامعة أردنية، مشاعر الحب العارمة في قلب كل منهما تجاه الآخر تظل حبيسة صدري المحبين حتى نهايات الرواية، لكنها تنتقل من أحدهما إلى الآخر، لا عبر التعبير المباشر، ولا حتى السلوك المباشر، بل عبر الحاسة السادسة، أو التواصل الروحي. يعرف القارئ عن هذه العلاقة من خلال السرد الروائي الذي تناوبت فيه الشخصيتان البوح، يتعرف القارئ من خلاله على حجم تلك المشاعر التي يكنُّها كل منهما للآخر. وما يعيقهما من الاعتراف لبعضهما بتلك المشاعر، هو المكابرة من جهة الفتاة الملتزمة دينيا، والمحافظة اجتماعيا بعض الشيء، والخجل من جهة الشاب. وتمر العلاقة في مسيرتها ببعض المواقف التي تُؤزِّمها، ومعظمها قائم على الغيرة الشديدة عند الفتاة، لكن الغيوم التي تكدّر صفو العلاقة بين الحين والآخر سرعان ما تنجلي.

مشاعر الحب المتأججة عند الشابين تتفجر، تفرض على كل منهما تجاوز العقبات التي كانت تحول دون اقتراب كل منهما من الآخر، عندما تجمعهما صدفة رحلة علمية مشتركة إلى دولة أجنبية، تجعلهما يتواصلان مع بعضهما بشكل مباشر، وتنفضح مشاعر الحب النبيلة من خلال سلوك كل منهما تجاه الآخر من اهتمام واعتناء ببعضهما، يتجلى بعضها على شكل تضحيات تقوم بها الفتاة، عندما تجد الشاب الذي تحب يمر بأزمة نفسية، كادت أن تحول دون تخرجه من الجامعة بسبب عدم تقديمه تقرير تخرج نهائي، فتكتبه هي عنه وتقدِّمه من دون علمه، ليحصل به على علامة أعلى من علامتها.

علاقة الحب تلك تنتهي على خلاف علاقات الحب العذري بالزواج، وهو ما جعل القصة تقليدية في هذا الجانب.

الرواية التي كتب بصيغة ضمير المتكلم تارة وضمير المخاطب تارة أخرى، ومن خلال عبارات قصيرة متواترة، مفعمة بفيض المشاعر، تجعل قراءتها سهلة، وتدفع القارئ لملاحقة الأحداث، حتى الانتهاء من الرواية. وهي تغترف من تجارب حب حقيقية يعيشها كثير من الشباب» المحافظين» أو الملتزمين دينيا، ورغم أن الكاتبة اختارت أن تكون الشخصيتان الرئيسيتان من بلدين عربيين، عاشا فترة عداء مستحكم بين نظاميهما، ويمران، في زمن الرواية، بظروف صعبة تتجلى بحروب محلية ودمار شمل الحجر، وروح الإنسان، وذاكرته، ومستقبله، إلا أن الكاتبة لم تذهب بعيدا في عرض أسباب الحرب، وأحوالها وانعكاساتها من هذه الناحية على شخصيّاتها وحياتهم، فقد اكتفت فقط بالحديث باقتضاب عن الجانب الإنساني في المآسي التي تسببها الحرب.