«حضرة التفاكر»

12 فبراير 2024
12 فبراير 2024

ثلاثة محاور طرحها ملتقى «معًا نتقدم» الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال اليومين الماضيين، تمثل الأول في أن هذا الملتقى يعد امتدادًا لنهج الشورى والبرلمان المفتوح الذي مثل قوةً كونه ركيزة من ركائز نهج عمان ماضيًا وحاضرًا؛ لإدارة الدولة ومشاركة المجتمع في صنع القرار والمصير، والثاني في أنه يمثلُ امتدادًا للفكر السامي وحرصه على أن تبقى هذه العادة المجتمعية حاضرة وبقوة أمام كل المتغيرات، والثالث يعكس أهمية إفساح المجال للمواطن في المشاركة بأفكاره في صناعة المستقبل، وهي كلها تمثل قوة دفع إلى الأمام وتضمن تقدم عُمان من عقد إلى آخر.

كما أن هذا الملتقى الوطني بأهميته وتأثيره يشكل أرضية خصبة لطرح الأفكار والمرئيات للارتقاء بالنسخة القادمة منه، وهنا يمكننا وضع جملة من المقترحات لعل أبرزها الرغبة في إتاحة الفرصة لجمهور حواضر المدن في المحافظات الأساسية؛ وذلك من خلال تنظيم هذا المحفل السنوي فيها بهدف توسعة المعرفة، وربط أفراد المجتمع، وإشراك أكبر عدد منهم في صناعة القرار على أن يتنقل بين مسقط وهذه المدن الكبيرة.

أما المقترح الثاني فهو المقارنة بين ما يتم الإعلان عنه من قبل أصحاب المعالي والسعادة عن خطط الوزارات سنويا وما يتم تنفيذه مع نهاية كل عام وتقييم تلك النتائج التي تلامس المواطن، وتخدم مستقبله بما يُمَكِّن من الوقوف على مساحة بين الوعود والنتائج.

والثالث الذي يمكن أيضًا أن يكون إضافة هو أن تطرح الأفكار والمقترحات التي تسهم في تقدم عُمان قبل إقامة أي ملتقى بفترة ويتم بحثها والإعلان عن إمكانية تطبيقها.

إن الملتقى أفق يشارك فيه الجميع: القيادة، والحكومة، والمواطن في صناعة المستقبل، ونحتاج أن نخرج منه بعديد الأفكار التي تساعد في صناعة القرار الوطني، وأن تبحث في التحديات والتأثيرات الخارجية، وتطوير البنى الأساسية، واستلهام التجارب، وتطوير المنظومات التعليمية والصحية والرعاية المجتمعية والتطور في المجالات الشبابية والرياضية والثقافية والفنية والأدبية والإعلامية.

ويعكس هذا الملتقى في آليته وممارساته الحوارية معنى «التفاكر» أي بحث الأفكار والمقترحات، التي تمثل تلك السبلة التي أدارت شؤون الحارة والقرية والمدينة والدولة لتسير أمورها وصد المخاطر الخارجية عنها، وكذلك «الحضرة» التي تطلق على الحضور أو الجمع من المواطنين والأعيان والوجهاء ورجال العلم والقيادة.. فكانت «حضرة التفاكر».