رندة_صادق
رندة_صادق
أعمدة

عطر: الرجل.. الكائن الأجمل

23 أكتوبر 2019
23 أكتوبر 2019

رندة صادق -

randanw@hotmail.com -

إذا كان الجمال للمرأة فالوسامة للرجل، وسامة الرجل الشكلية هي أحد صفاته التي تضيف الى رصيده كمخلوق منحه الله صفات تكمل المرأة ليتكاملا وينسجما، ولقد غرق الأدب عامة والشعر خاصة في وصف جمال المرأة وحسنها الذي يخطف الناظر إليه ويصيب القلوب بمقتل، امسك الرجل بمفاتيح الغزل ونسج كلماته شعرا ونثرا مادحا جمالها، ولقد تخطى في ذلك حدود العقل، حيث يقول جرير: «إن العيون التي في طرفها حورٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك له».

تاريخ الأدب العربي مليء بالحبيبات الساحرات وبطلات الوجد انهارت أمامهن القلوب وجنت العقول ومنهن ليلى وعبلة ولبنى وخولة، وغيرهن لم نعرف أسمائهن، ولقد عرف الأدب القليل عن وسامة الرجل، وأنا أبحث لأجد نصا كتبته امرأة في وصف سحر الرجل ويتفوق لغة ومعنى لم أجد، ولكن وجدت أن الرجل له مواصفات جمالية ظهرت عند بعض الشعراء الذين اشتهروا بوسامتهم فكانوا يشيرون إلى ذلك في نصوصهم، أما المرأة فقد كتبت لتمدح المزايا أو لترثي فقيدا لها أخا أو أبا.

لم تجرؤ المرأة على التغزل بالرجل في الأدب النسوي إلا قليلا، وحين فعلت اتهمت بالجرأة ولعل البعض أطلق عليها نعوتا مجحفة، رغم أنها العاشقة الأكثر عمقا، والتي حين تحب يحتل الحبيب حواسها ويغزل مواقيتها ويغير مساراتها، حكمتها اللغة والتقاليد والخوف من الآخر ومن المجتمع، لكن هذه المعاناة اقتصرت على الشكل فقط، أما الشخصية والميزات والمزايا كانت لغة عامة لا حرج منها.

لطالما كتبت للمرأة وعن المرأة وتبنيت قضاياها، ولكن اليوم الرجل بطل النص والفكرة وفارس اللغة والمعنى. الرجل الكائن الأجمل إن أجادت المرأة تربيته وإن علمته أنه خلوق بأخلاقه، رائع بشهامته، عظيم بكرمه، ساحر بحنانه، هي صفات ضرورية لتكتمل وسامة الرجل هذا المخلوق الذي تحتاجه المرأة ولا عيب في حاجتها له، وهذا لا يدل على ضعفها بل يؤكد طبيعتها وحين تعاند الطبيعة ينتج الخلل. من هو الرجل؟ هو الأخ والأب والزوج والابن، هو الحبيب الذي حضوره أمن وقوة وبعده قسوة ورتابة، هذا الأمر لاحظته كثيرا عند الفتيات الصغيرات اللواتي يبحثن عن الرجل المناسب ليرتبطن به ويؤسسن لحياة سليمة، وعند الزوجات الأرامل اللواتي يبكين الفراق بحرقة ويردّدن: «ليته بقي في حياتي حتى وان كان زواجهما لم يكن بالزواج المثالي.» الرجل الكائن الأجمل لأنه إن أدرك ذلك وتربى على ذلك سيجيد دوره، دوره ليس ماديا كما تصر بعض المفاهيم على سجنه به دوره إنساني، هو الربان الذي يقود السفينة الى الأمان وتشاركه المرأة ذلك ان جذفا بتناسق وبحب وبعقل. الرجل لا يمكنه أن يكون رحالا لا مطارات له ولا عناوين، هو مصدر الاستقرار ومن يحتوي ويضم ويسند، بعض الرجال يعتقدون أن قوتهم في قسوتهم وهذا اعتقاد خاطئ، قوته تكمن في حنانه وعطفه، معظم القبح الذي نجده في بعض الرجال ليس بشكلهم بل بصفاتهم، من هنا من المهم أن يعي الرجل أن الحب والتوازن هما ركيزتا العلاقة وهو من يمسك بيد شريكته ليمنحها الأمان ومفتاح ذلك العمل والكلمة، خاصة أن البعض لا يعبر عن حبه ولا يكترث بشريكته ويظن أن مجرد وجوده في حياتها نعمة حلت عليها وفرصة لا يجب أن تضيعها. إنك الأجمل إن عرفت كيف تعزف على أوتار أنثاك لتُخرج منها ألحان الحياة، لا أحد يظن أن السعادة مستحيلة بين الشريكين، إنها سهلة إن تموضع كل منهما في مكانهما الداعم وآمنا أن الحب يتغذى بالعقل ويستقر بالتوازن.