oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

عن المتاحف وصناعة الأجيال

19 مايو 2019
19 مايو 2019

تشير الأرقام إلى أن عدد زوار المتاحف بالسلطنة في زيادة مستمرة بشكل سنوي حيث بلغ العام الماضي (2018م) حوالي 368 ألف زائر، أي أكثر من ربع مليون، في الطريق إلى نصف المليون، وفق إشارات الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.

لابد أن هذه الأرقام تعطي دلالات يجب التوقف عندها وتحليلها، حيث إنها تقدم معلومات مهمة بخصوص دور المتاحف في حياة الناس ومسائل البناء الوطني واتجاهات الرؤية المستقبلية.

كذلك بشكل مباشر فهي تعرف بالأسباب التي تجعل زوارها يأتون إليها، وما هو الذي يرفع عدد هؤلاء الزوار أو ينقصهم وما هي الشرائح الزائرة وغيرها من الأمور.

كل ذلك يصب في تنمية السياحة المتعلقة بالمتاحف، والتراث بشكل عام، وحيث إن المتحف هو بوابة إلى الحضارة والأمس وقيم الآباء والأجداد، وهو يحكي القصة التي لم يحضرها جيل اليوم، إنما يمكن التعرف عليها من خلال سرديات هذا المكان الواقعي.

ولابد من التذكير بأن المتاحف وزيادة عددها في أي بلد، يعني أن هناك نظرة استراتيجية إلى تراث هذا البلد وحضارته، ويعني أيضا ربط الأجيال بالحياة على مدار حقب في وطنهم، بما يعزز المعرفة الإنسانية بالحضارة وسيرة الأوائل وكفاحهم وكل ذلك يساعد في غرس العديد من القيم الإيجابية التي لا حصر لها.

يبقى التذكير بأن السلطنة تحتفل في الثامن عشر من مايو من كل سنة، باليوم العالمي للمتاحف، حيث تشارك العالم في هذه المناسبة الدولية، وإذ يهدف الاحتفال إلى توجيه الانتباه إلى أهمية هذه الصروح، أي المتاحف، ودورها على كافة الأصعدة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياحية وغيرها.

تتيح مثل هذه المناسبات إعادة التأمل والقراءة في البيانات والأرقام والتطبيقات على الواقع العملي، حيث يفتح هذا الفعل التأملي قراءات جديدة للواقع القائم؛ بحيث يُمكِّن ذلك من نقل الأفكار والممارسات العملية إلى واقع أفضل في العديد من النواحي، فأي فكر هو في النهاية محصلة تلاقح للأفكار الإنسانية الإيجابية ويتطور من خلالها.

إن ربط الأطفال والجيل الجديد بوجه خاص بأهمية المتحف وتعريفه بهذه البيئة يظل من المهام التربوية والتعليمية التي تصب في جوهر فلسفة التربية والتعليم في الدول التي تصنع مستقبلها من خلال ترتيب الثقافة والمعرفة ووضعهما في أولويات البناء والنهضة، وهذا ما تسير عليه سياسة السلطنة منذ بواكير السبعينيات في مسيرة النماء والتنمية الشاملة في كافة مسارب الحياة.

كما أنه من الضروري أن يتعرف النشء على مختلف أنواع المعارف التي تتيحها المتاحف من خلال تنوع موضوعات هذه البيئات المتحفية، ما بين ما يقوم على عرض المقتنيات الوطنية المادية أو المخطوطات إلى عرض ما يتعلق بالتاريخ الطبيعي أو ما يختص بالطفل نفسه بشكل مباشر، كل ذلك يساهم في بناء معرفة متنوعة وتراكمية يكون لها دور بنّاء في صناعة الجيل الجديد.