1217911
1217911
المنوعات

الروائي يوسف زيدان في جُبّة ابن سينا

12 مايو 2019
12 مايو 2019

ليلى عبدالله -

رواية «فردقان» هي رواية جديدة صادرة عن دار الشروق للروائي والباحث المصري المثير للجدل «يوسف زيدان» تتحدث عن قلعة باسم فردقان حبس فيها الطبيب المعروف ابن سينا أو كما لقب بالشيخ الرئيس، ومن هناك يستقبله سجّانه مسؤول القلعة المدعو «مزدوج» ويتخذ منه صديقًا لعلل جسده وأجساد المرضى في تلك الناحية الغامضة والمقطوعة من القلعة.

سبق وكتب الروائي «يوسف زيدان» منذ نيل روايته الشهيرة «عزازيل» جائزة بوكر العالمية بنسختها العربية عام 2009م بحوثًا عن شخصية الطبيب والعالم ابن سينا، وتناول بعض جوانب حياته العامرة بالمغامرات والكثير من المجاهيل أيضا في حضرة قصور الملوك والأمراء وهو الطبيب الذي خاض غمار الحياة السياسية من أوسع أبوابها بتقليده منصب وزير في عهد أحد الملوك، وهنا يخوض الروائي يوسف زيدان حياة ابن سينا بعد أن أجرى عنه بحوثًا موسعة يماثل في خطواته المفكر والروائي الإيطالي الشهير «أمبرتو إيكو» فالأخير كان باحثًا مهمًا في التاريخ الإيطالي سرعان ما حول تلك البحوث إلى روايات نالت شهرة كبيرة كرواية «اسم الوردة» ولكل من قرأها ستدهشه مدى عذوبة أسلوب كاتبها الذي كان باحثًا ومحققًا للمخطوطات سرعان ما أثبت بأسلوبه الروائي الفذّ أنه روائي بارع أيضا، رغم الصعوبة والتعقيدات التي حفلت بها الرواية غير أنها حافظت على سلاستها وتشويقها.

لم تكن رواية فردقان غريبة علي أثناء قراءتها، فقد سبق وقرأت بإعجاب شديد تجربة شبيهة عن الشخصية الروائية نفسها «ابن سينا» خاض غمارها بقوة الروائي الفرنسي «جيلبرت سينويه» حين كتب رائعته عن حياة ابن سينا في روايته «ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان» فكان أمرًا مألوفًا أن أعقد كقارئة مقارنة بين محتوى الروايتين أثناء القراءة، ويحدث أن أحداثًا شبيهة كانت تتقافز في ذهني كلما واصلت قراءة رواية فردقان. ما اختلف فيه الروائي يوسف زيدان هو اتخاذه محبسًا لابن سينا وهي قلعة فردقان، بعد ما كابده على أيدي السلطات وخيانة الوشاة وحسد بعض المحيطين من شهرته وحظوته عند الملوك والأمراء بل لمهارته المتنوعة في علوم الطب والفكر والفلسفة، فقد كان ابن سينا ينكب على كتابة بحوث عن أنواع من العلاجات الطبية التي اكتشفها أثناء معالجته لكثير من الناس، وكان كريمًا مع الفقراء والمعدمين، ولا يردهم خائبًا، يقوم بمعالجتهم دون مقابل.

ومن خلال هذا المحبس الذي كان مريحًا لمكانته الرفيعة ولحظوته مع المحيطين به، يستعيد ابن سينا صفو حياته وذكرياته وتفاصيل عشقه لنساء كثيرات عبر مراحل حياته المختلفة وفق صراعات السياسية وصلاته مع الملوك والأمراء.

وكأن رواية فردقان هي جزء ثان أو مكمل لرواية جيلبرت سينويه، وقد أبدع كلا الكاتبين في كتابة جزء من سيرة حياة شخصية مكثفة بالأسرار، وقد لبس يوسف زيدان جُبّة الطبيب ابن سينا مظهرًا مهارته العلاجية في صفحات الرواية الزاخرة بالأوصاف الطبيّة.