أفكار وآراء

فخ السلبية

27 أبريل 2019
27 أبريل 2019

آن بنت سعيد الكندية -

Twitter:@AnnAlkindi -

ما هي تحدياتنا؟ صراع طائفي أم عرقي أم حروب؟. هل لدينا مشاكل الدول الأخرى أم نعيش منعمين؟. أحضر نقاشات متعددة منها ما هو على مستوى الأمم المتحدة كان آخرها اجتماع حضرته في بيروت منذ أسبوعين فأستمع إلى تحديات الدول العربية، كالأُمية، والصراعات، وويلات الحروب. هل أنا مخطئة عندما أقول إن تحدياتنا أبسط مقارنة بهذه الدول؟ نحن وصلنا إلى مرحلة من التقدم فرضت علينا تحديات من نوع آخر كجودة التعليم والانتقال من العقلية الريعية إلى المنتجة، وهو تحول اجتماعي اقتصادي. ليست هذه التحديات ببسيطة لكنها ليست مأساوية، وليست مثبطة بل بالعكس ما يتوفر لنا لا يتوفر لغيرنا. بماذا تفسرون نجاح الكثير من المواطنين والمهاجرين إلى دول الخليج؟. هم مكنّوا أنفسهم اثبتوا جدارتهم أخذوا بزمام المخاطرة لم يركنوا الى الوظيفة.

أعزائي لا تجعلوا النقد يدخلكم في دائرة السلبية، النقد دوره تصحيح المسار لا يعني ابدا انه ليس هناك فرص غنية بها السلطنة. النقد ما لم يستند على عين فاحصة وكفاءة متخصصة وخبرة متراكمة فلا يعول عليه. الرأي المهني الموضوعي المترفع عن الشخصنة يفرض نفسه على الساحة لا يفنده ألا رأي في مستواه والباقي حديث عابر زوبعة في فنجان. والتعبير عن الرأي مسموع ومحترم طالما لم يخرج عن إطار الأدب فالاحترام دائما سيد الموقف. لا نستطيع رؤية الفرص ان غرقنا في سوداوية السلبية سيتركنا الزمن وراءه، ونحن نعيش معتقدين ان لا مخرج لنا. كل ما في الأمر انه علينا الأخذ بزمام المبادرة والانخراط في الميدان والبحث عن فرصة التعلم والتدريب أكثر من الوظيفة ذاتها.

لكل مرحلة ظروفها ودول الخليج اليوم تمر بمرحلة انتقالية تأخرت ام تقدمت في الانتقال الا انه لا خيار لها في البقاء على الريع النفطي دون العودة الى ثقافة الإنتاجية. أحاول تبسيط الرسالة للشباب حتى لا يقعوا في فخ السلبية دون رؤية متوسطة وبعيدة المدى فالفرص يقتنصها الجاهزون ولا جاهزية الا للمتمرسين أبناء الميدان أيا كان المجال. السلبية تُعمي، لا يرى الإنسان من حوله الفرص حتى وإن كانت تحت أقدامه، خادعةٌ مثبطة تُزهي في أعيننا ما يملكه غيرنا.

الظروف مهما كانت محبطة لا تدعها تشكل مسارك المستقبلي تغلب عليها بالاستشارة والبحث الدائم عن المعرفة. الفضول سمة حميدة، والإقدام يفتح الأبواب الموصدة، ستتذكرون هذه الكلمات مستقبلا فهي مسألة وقت حتى تتغير كفة الميزان. ان المرحلة المقبلة تتطلب مهارات لا يمتلكها إلا انتم جيل الشباب طال الزمان أم قصر، الاستثمار في النفس اليوم هو اعظم الاستثمارات لا العقار ولا غيره ينبغي ان يشكلا الأولوية في بداية عمرك الوظيفي. تبنوا فكرة «التعلم مدى الحياة» فهذا ما يشكل اهم سمات المجتمع المعرفي.

السلطنة مقبلة على مشاريع كثيرة هيأت لها بنيتها الأساسية وسياستها الخارجية إطارا أمنيا واستقرارا سياسيا، فرصة غير مسبوقة للازدهار متزامنة مع هبة ديموغرافية متمثلة في أعداد شباب الحاضر والمستقبل. هناك فرص واعدة في الدقم في البحر والبر ابحثوا عنها بأنفسكم فلا شيء أسوأ من جلسة البيت في انتظار فرج الوظيفة، ليست هذه الكلمات ضربا من التفاؤل المفرط إلا ان من ينتظر التسهيلات سيطول انتظاره، فعليكم بأخذ زمام المبادرة. كم هي المشاريع الشبابية الناجحة أسماء عديدة وعديدة وتذكروا ان الفشل اعظم المعلمين، لا تدعوا الخوف من الفشل يثنيكم فأبسط فوائده خبرة متراكمة وقوة شخصية. كلمة للشابات اظفري بالشاب الرجل الذي لم يقعد منتظرا الوظيفة ويصرف من جيب أبيه أو امه أو أخته، إن رضيت بمصاريف الكوشة من جيب الأب او البنك فأنت شريكة في ايجاد مجتمع اتكالي مديون.

يُعرف عن العماني انه الأكثر انضباطا وإنتاجية بين أقرانه الخليجيين، فالسلطنة بنت كفاءات يُعتمد عليها، ثقوا بأنفسكم والميدان لكم، السلبية عدوكم الأول تغلبوا فيه على أنفسكم حتى تتضح لكم الرؤية. لا تدعوا مدعي السلبية باسم محبة الوطن يبنون نجاحاتهم على تأخركم في رؤية مضمار السباق، التفتوا حولكم سترونهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو في اجتماعات الغرف المغلقة، لا تكونوا أداة لنجاحاتهم المزيفة، لا ترضوا لأنفسكم ان تكونوا مطية لأبطال السلبية، لا تكونوا صيدا سهلا، وتذكروا أن عمان ارض الفرص الواعدة، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.