1193241
1193241
المنوعات

«أيام بيت الزبير للفنون» تقدم قراءة نقدية في الفن التشكيلي العماني

16 أبريل 2019
16 أبريل 2019

كتبت: خلود الفزارية -

احتضن متحف بيت الزبير مساء أمس الأول ندوة النبش في مخيلة اللون تناولت قراءات نقدية في الفن التشكيلي العماني، باستضافة كل من الناقد السوري طلال معلا، والناقد المغربي إبراهيم الحيسن، والناقد التونسي الدكتور فاتح بن عامر وحضور عدد من الفنانين والأكاديميين والمهتمين بالجانب التشكيلي.

وتأتي الندوة لتقدم إسهاما معرفيا يستقرئ الفن التشكيلي العماني من خلال مجموعة من الأعمال الفنية العمانية عبر نقاد عرب يقدمون أوراقا نقدية تكشف عن سمات نماذج من الفن العماني بعيون خبيرة.

واستهل الندوة الناقد طلال معلا حيث تناول تجارب مختلفة في مجال الفنون التشكيلية، مبينا أن المحترف التشكيلي المحلي يتجاوب مع المتغيرات العصرية، فلم يعد الاهتمام مقتصرا على الجانب الفني، وإنما يتعدى ذلك إلى متطلبات السوق وما يطرأ فيه من احتياجات.

وأشار معلا إلى أن العمر القصير للتجربة العمانية والخليجية بشكل عام أتاح له الفرصة أن يختصر الزمان الذي تطورت فيه بقية المحترفات في الدول العربية بأن يستخلص تجارب تلك الدول ويستفيد منها ويحصد ما وصلت إليه من نتائج ليسير على خطاها ويطور فيها. مضيفا أن الأدوات والفن وتعريفه اختلفوا عن ذي قبل كما اختلف المتلقي والسوق الفني بشكل عام، مما ساهم في تقدم المحترفات الحديثة عن تلك التي بدأت منذ زمن بعيد، وكانت هذه فرصة جيدة لو استغلت بشكل جيد.

وبين معلا أن الفنانين هم الذين يرسمون التصورات لدى المجتمع، فالفن يوضح هذه التصورات، كما أن المحترف العماني قدم تجارب في مجال الفنون المعاصرة، ولا يمكن أن نتعرض لفنان إلا وأن نعرف الفترة الزمنية التي بدأ فيها وبمن تأثر لنعرف مع من نقارنه، وأن تكون لدينا ذاكرة لنقف عليها ونتجاوزها، مع ضرورة التمسك بالتراث فقد استطاع الفن أن يحصر ويوثق العديد من القضايا التي عايشها المجتمع، وكأن الماضي هو المخلص دون أن نتطرق لقضايا كثيرة معاصرة فالمفهوم ممتد للمستقبل فما ننتجه اليوم هو تراث لأبنائنا في الغد، منوها أن التراث قدم للفن في فترة من الفترات، ولكن الآن الفن هو من سيقدم للتراث ليخدم المستقبل.

من جانبه تناول الناقد إبراهيم الحيسن في ورقته التجربة الجمالية للسلطنة والتعبيرات الجديدة المتعلقة بالفنون ما بعد الحداثة، مبينا أن التجربة نشأت في حدود أربعة عقود، بدأت في مرسم الشباب إلى أن احتضنتها الجمعية العمانية للفنون التشكيلية حيث تشكل هذه المؤسسات الحركة التشكيلية في السلطنة. وأشار الحيسن إلى أن التجربة التشكيلية العمانية فرضت وجودها على المستوى العربي بفضل جهود الفنانين، حيث إن مجال الفنون جزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي في السلطنة، وبحسب ما يحصل عليه الفنان من الدعم والتحفيز بالإضافة إلى جهود الفنانين برغم التمايز والتباين بينهم، فإن التجربة التشكيلية العمانية لها سمة متفردة لقصر المدة التي ظهر فيها ويتجلى ذلك في التصوير والتجسيم. وينبغي أن نقتنع بأن التأسيس الأكاديمي ساهم في تشكيل التجربة العمانية التي تتميز بكونها تستفيد من الدرس الجمالي الذي يغذي المشهد الفني المحلي، حيث يستفيد الفنان من التأسيس الأكاديمي ثم يختار توجهه الإبداعي.

واقترح الحيسن بأن يتم إنعاش هذه التجربة بملتقى تشكيلي دولي يستقطب الفنانين الأجانب والباحثين والنقاد لاستعراض تجاربهم، والاستفادة من ثقافة الحوار التي يمكن للفنان فيها من التسويق الداخلي للعمل الفني والبحث في تسويق العمل الفني داخل البلد وخارجه، فضلا عن المنح التي يستفيد منها الفنانون وتضيف إليهم فائدة معرفية، مع محاولة توفير مجلة فصلية تضم أعمال الفنانين وأقلام النقاد في المجال التشكيلي، مع وجود جائزة كل سنتين لتحث على التنافس بين الفنانين، وتحفيزهم للتميز والاستمرار والتنوع في أعمالهم الفنية.

وقدم الناقد الدكتور فاتح بن عامر ورقة نوه فيها على ضرورة دور المرأة التي قدمت الكثير للعمل الفني من الناحية الجمالية والإنسانية في التجربة العمانية. مبينا أدوار المرأة في المجتمع والعمل القيادي وأن النساء هن العنصر المسيطر في مجال الفن بشكل عام، لما شكلته بدورها وذوقها الفني وما صاحبه من استفادة من التجارب الأخرى.

وأشار بن عامر إلى أن البعد الفني والحضور النسوي كان داعيا للفخر والاعتداد لإرساء التجارب المحلية ومحاولة استدعاء التجارب من الدول الأخرى في جميع المنطقة، مع التركيز على الحرية في الفن بعيدا عن الشعارات الموجهة.

ويوضح الناقد أن الرؤية السامية نحو الفن الثقافي للسلطنة موثق في العديد من الخطابات للمواطن العماني نحو بلده للاستفادة من إرث الوطن مع عمقه التاريخي والحضاري وأن يجعله فوق أي شيء آخر تعمق في عقلية الفنان وأخرج فنا يقدس التراث والإرث العماني، وكانت هذه المسألة الرئيسية لفترة طويلة، إلا أن الصعوبات التي واجهها الفنان ومحاولته للتغلب عليها ساهم تحديد الرؤية التي فرضت نفسها على المنطقة وهي المرجعية الكلاسيكية، والمشهد العماني ليس ببعيد عنها بكل ما يقدم من فن تشكيلي من أجيال متقاربة في السن بحكم عمر التجربة التي تزدهر بما تسفر عنه جهود الفنانين العمانيين، داعيا بقية المثقفين لأن ينفضوا أقلامهم ليساهموا في التعريف بنقد الفن التشكيلي في مجلة نزوى وما تقدمه كمنبر ثقافي للمثقفين العرب.