1003920
1003920
مرايا

د. هدى السيابية: 37% نسبة الخمول البدني في السلطنة حسب إحصائيات المسح الصحي العالمي 2008

17 أكتوبر 2018
17 أكتوبر 2018

الأمراض المزمنة غير المعدية المتهم الأساسي في حالات الوفاة المبكرة -

حوار- فاطمة الإسماعيلية -

احتفلت السلطنة مؤخرا باليوم العماني للنشاط البدني الذي أقيم في متنزه الصحوة بمسقط، وقد جاء هذا الاحتفال بتنظيم من اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية، إدراكا من السلطنة بأهمية النشاط البدني ودوره في الحفاظ على الصحة. إن تخصيص يوم الثاني من أكتوبر من كـل عام للاحتفال باليوم العماني للنشاط البدني، يأتي تزامنا مع احتفال دول العالم في هـذا الشهر بيوم المشي العالمي، ويقام لـتعزيز أهمية ومفهـوم النشاط البدني لمختلف أفـراد المجتمع.

ولتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع التقينا الدكتورة هدى بنت خلفان السيابية مديرة دائرة المبادرات المجتمعية وطبيبة استشارية أولى في الصحة العامة بالمديرية العامة للرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة.

- ما هي فكرة الاحتفال بهذا اليوم؟

تعتبر الأمراض المزمنة غير المعدية (أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان والسكري والأمراض التنفسية المزمنة) السبب الرئيسي للوفيات في العالم؛ وهي المتهم الأساسي في حالات الوفاة المبكرة التي تحدث كل عام أكثر من جميع الأسباب الأخرى، حيث تعتبر السبب عن 2,3 مليون حالة وفاة سنويا في إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية.

ويعتبر الخمول البدني عامل الخطر الرئيسي الرابع للوفاة المبكرة على الصعيد العالمي، إذ يسبب 3.2 مليون حالة وفاة سنوياً. كما أن النشاط البدني غير الكافي هو أحد عوامل الخطر الرئيسية الأربع المسؤولة عن الزيادة المُقلِقة في حجم الأمراض غير المعدية، وهذه العوامل الأربعة (تعاطي التبغ والخمول البدني والنظم الغذائية غير السليمة وتعاطي الكحول) مسؤولة اليوم عن أكثر من 60 % من الوفيات في العالم، ونسبة كبيرة من هذه الوفيات تكون وفيات مبكرة، أي تحدث في الفترة الأكثر إنتاجية من حياة الأفراد، وتؤدي إلى معاناة بشرية هائلة، ليس هذا فحسب، بل وتُعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لاسيَّما في البلدان النامية.

وتشير التقديرات إلى أن الخمول البدني هو السبب الرئيسي، عالمياً، لما يقرُب من 27 % من حالات الإصابة بداء السكّري، و30 % من حالات الإصابة بأمراض القلب، و21 إلى 25 % من حالات الإصابة بسرطان الثدي والقولون. الجدير بالذكر أن 31 % تقريباً من السكان في العالم لا يمارسون نشاطاً بدنياً كافياً يقيهم من هذه المشكلات الصحية الخطيرة، وتتحقق لهم بموجبه فوائد حماية الصحة التي من الممكن أن تكفلها ممارسة نشاط معتدل، وفي السلطنة تبلغ نسبة الخمول البدني في سلطنة حوالي 37% حسب إحصائيات المسح الصحي العالمي لعام 2008 م.

ومن هنا فقد أدركت اللجنة الوطنية للأمراض المزمنة غير المعدية أهمية وضرورة صياغة سياسة وطنية متعددة القطاعات يمكن أن تكون إطاراً لتنسيق العمل على عدة محاور أبرزها مواجهة ارتفاع معدل تلك الأمراض والسيطرة عليها، وكذلك التخفيف من عوامل الخطورة المسببة لها ويأتي في مقدمتها الخمول البدني، الأمر الذي حدا باللجنة الوطنية إلى اقتراح تبني يوم عماني للاحتفال بالنشاط البدني يحتفل به سنوياً، وبذلك نترافق مع غالبية دول العالم بنفس الشهر من أشهر السنة، وبوجهة نظر اللجنة فإن الأحوال الجوية خلال شهر أكتوبر تكون مناسبة في وطننا الغالي، بالإضافة إلى أن هذه الفترة من السنة تتناسب مع المؤسسات التعليمية والجامعية، وبذلك نرسخ أهمية النشاط البدني كأسلوب حياة لكل فرد عماني من كافة الفئات العمرية.

أهمية النشاط البدني

- ما هي أهمية النشاط البدني بالنسبة للصحة؟

تتعدد الفوائد الصحية الناجمة عن الممارسة المنتظمة للنشاط البدني لتشمل صحة أجهزة عديدة في الجسم، مثل: القلب والدورة الدموية، والرئتين والجهاز التنفسي، والجهاز العصبي، والعضلات والمفاصل والعظام، بالإضافة إلى الصحة النفسية، وبالإضافة إلى الحد من الوفيات والمراضة الناجمة من الأمراض غير المعدية، فإن زيادة مستويات النشاط البدني لدى السكان تترافق مع مجموعة واسعة من الفوائد غير الصحية مثل الحد من الازدحام المروري والتلوث الضوضائي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتوطد العلاقات الاجتماعية، وتساهم في الحد من السلوكيات الخطورة في المجتمع، وبالتالي تساهم في زيادة الإنتاج وتحسين نوعية الحياة.

- ما هي العوائق التي قد تحول دون ممارسة النشاط البدني في المجتمع ؟

هناك مجموعة واسعة من العوامل التي تؤثر على ما يتخذه الأشخاص من خيارات سلوكية مرتبطة بنمط الحياة، والتي بدورها تؤثر على صحتهم، والنماذج الاجتماعية البيئية تقدم إطاراً شاملاً لفهم محددات السلوك الصحي المتعددة والمتفاعلة. إن سلوك النشاط البدني له مستويات متعددة من التأثير، بما في ذلك المستوى الفردي ومستوى العلاقة بين الأشخاص (المستوى الاجتماعي، المستوى الثقافي، ومستوى المنظمات والمستوى المجتمعي)، بما في ذلك البيئة المادية.

بالنسبة للعوامل الشخصية فهناك: قلة الوعي بأهمية النشاط البدني، وضعف الحافز الشخصي، والادعاء المستمر بعدم توفر الوقت. أما العوامل الاجتماعية فمنها العادات والتقاليد التي تحد من ممارسة المرأة للنشاط البدني، والانشغال بمطالب الأسرة، وعدم إيلاء أهمية لممارسة النشاط البدني، كذلك وجود العمال والعاملات للقيام بالأعمال المنزلية . وبالنسبة للعوامل البيئية فمنها: قلة أماكن للقيام بالنشاط البدني خارج البيت مثل الحدائق والمماشي، عدم وجود مرافق ترفيهية بأسعار معقولة، بيئة العمل المعتمدة على الخمول البدني، الشعور بعدم الأمان وعوامل المناخ والظروف الجوية. وهناك سياسات عامة مثل عدم كفاية نظم النقل العام والاعتماد الكبير على السيارات، وضعف التخطيط الحضري، ومحدودية البرامج التوعوية.

وضع خطط داعمة

- برأيك ما الذي يمكن فعله أكثر لتعزيز النشاط البدني؟

نظراً لتعدد وتنوع التأثيرات المرتبطة بالنشاط البدني فإنه من غير المرجح أن يكون أسلوب واحد مناسب لتعزيز ممارسة النشاط البدني، حيث أثبتت التجارب والخبرات أن هناك سبعة مجالات رئيسية للعمل كفيلة بتحقيق عائد من الاستثمارات في تعزيز النشاط البدني وهي قابلة للتطبيق في جميع أنحاء العالم.

وهناك حاجة ماسة في السلطنة إلى وضع الخطط وتنفيذها على الصعيد الوطني في كل مجال من هذه المجالات:

- مناهج شاملة للمدارس ككل لتعزيز النشاط البدني في جميع المدارس.

- سياسات ونُظُم النقل الداعمة وتُعطي الأولوية لأنشطة المشي وركوب الدراجات ووسائل المواصلات العامة.

- لوائح التصميم العمراني والبنية الأساسية التي تكفل إتاحة عادلة وآمنة للنشاط البدني.

- دمج تعزيز النشاط البدني ضمن برامج الوقاية من الأمراض غير المعدية في نُظُم الرعاية الصحية الأولية.

- تثقيف الجمهور، بما في ذلك إطلاق حملات إعلامية لرفع مستوى معرفة المجتمعات ووعيها، وتغيير الأعراف الاجتماعية.

- برامج خاصة بالنشاط البدني على نطاق المجتمع بأسره تحشد الموارد المجتمعية، وتحقق التكامل فيما بينها في مواقع متعددة.

- الأنظمة والبرامج الرياضية التي تُروِّج لشعار الرياضة للجميع، وتُشجِّع على مشاركة جميع الأفراد طيلة حياتهم.

- كيف كان إقبال أفراد المجتمع وتفاعلهم بهذا اليوم؟

إقبال المجتمع كان إيجابي جدا، وهناك مشاركة واسعة من مختلف فئات المجتمع من النساء والرجال والأطفال ومن ذوي الإعاقة، ولا ننسى أن نشيد بدور وزارة الشؤون الرياضية باعتبارها المحرك الأساسي للتنظيم والترويج لهذا اليوم، وجميل هذا التناغم بوجود قطاعات أخرى غير الصحة تركز على الجانب الصحي غير القطاع الصحي، ولا ننسى مشاركة القطاعات الحكومية الأخرى مثل بلدية مسقط ووزارة الدفاع وجامعة السلطان قابوس وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وهذا كله كان له دور في تفاعل الجمهور بالاحتفال.

دور الإعلام

- في الختام، برأيك ما هو دور وسائل الإعلام في توعية وتثقيف الجمهور في تغير نمط الحياة غير الصحي خصوصا؟

وسائل الإعلام المختلفة تعتبر أدواتنا للوصول إلى المجتمع نحو تعزيز صحتهم والحفاظ عليها، وحضر للفعالية عدد من الإعلاميين بشكل لافت، مساندين في توصيل الرسائل الصحيحة للمجتمع، فلهم جزيل الشكر والتقدير ولجميع من شارك وتفاعل سواء بالحضور إلى الفعاليات التي أقيمت في محافظات السلطنة أو بتنظيم فعاليات داخل المؤسسات والكليات والمدارس أو بالتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.