abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: كم هم كاذبون!

26 سبتمبر 2018
26 سبتمبر 2018

عبدالله المعمري -

[email protected] -

يعيشون في ترف، يأكلون ما لذّ وطاب لهم، ينامون على سرر من حرير، ويصرفون ما في أرصدتهم دون أن ينقص منها شيء بل ربما تزيد، ثم يحدثونك عن الفقر، ويصفون لك شعور الجوع وألم الحاجة، وينظّرون لك الحلول ويفندون لك الصعب والمستحيل، كم هم كاذبون.

يذهبون للعمل متى ما أرادوا، وينصرفون متى ما شاءوا، يركبون سياراتهم الفارهة، ويتخذون القرارات وفق مصالحهم، أو لأجل عين فلان، أو ربما لذات الحسن والدلال، وبينما هو كذلك تجدهم ينادون بالحقوق ويشددون على تطبيق الواجبات، ويتحدثون عن التقصير في العمل والإهمال فيه، كم هم كاذبون.

تراهم يحزمون حقائبهم، يلفُّون الأرض سفرًا من بلدٍ إلى بلد، مهملين أهليهم، مخلفين الدار وما حوَت، غير مبالين بمسؤولياتهم تجاه من يعيلون، يجدون من يخدمهم، ويقضي لهم تلك الواجبات بلا قلق أو خوف، ثم يخرجون لك بأفواه ملؤها الثقة وينصحون بأن تعيش الحياة، وتنظم وقتك، وتعيش شبابك، وتجعل لأهلك منك نصيبا، كم هم كاذبون.

يصدحون بالنصح والإرشاد، ويقفون خلف مكبرات الصوت للأمر بمعروف أو نهي عن منكر، يتلون آيات الله، ويروون أحاديث رسول الله، يفتون للناس هذا حلال وهذا حرام، وهم إن اجتمعوا يأكلون لحوم البشر غيبةً، ويحللون لأنفسهم ما يحرمون على غيرهم، وإذا خَلوا بأنفسهم يرتكبون من الذنوب ما الله به عليم، هم هم كاذبون.

إن صدق الحديث من صدق الأفعال، بَيّن، تتهلل به الوجوه، وترتسم تفاصيله على كل إنسان تتوافق أفعاله مع أقواله، يقتدي به من يرى أفعاله، لا من يسمع معسول أقواله، ما أحوجنا اليوم إلى صدق الأفعال لنعيش في سلام.