tahira
tahira
أعمدة

نبـض الــدار : حوار الخصخصة

30 يوليو 2018
30 يوليو 2018

د. طاهرة اللواتية -

[email protected] -

يشغل موضوع الخصخصة صندوق النقد الدولي كثيرا، وعندما يقدم الصندوق وصفاته الاقتصادية لدول العالم فإنه يشترط خصخصة نسبة كبيرة من الأصول الحكومية. لكن هذه الوصفة حسب الاقتصاديين ترتد غالبا سلبا على حكومات الدول بالمزيد من الأعباء المالية المرهقة.

في تجربة للاطلاع على خصخصة المياه في الدول الأوروبية لوحظ من تجارب دول مثل ألمانيا وإيطاليا ارتداد خصخصة قطاع المياه على حكوماتها بالمزيد من الديون ودفع التعويضات المليونية للشركات الدولية التي تدير قطاع المياه لديها، مما زاد الطين بلة.

فقد لوحظ من تجاربها أن الشركات التي نالت عقود المياه تقوم بثلاثة أشياء، أولها أنها تقوم بالحد الأدنى من العمليات والصرف للإبقاء على نظافة ونقاء المياه وجودتها كي تعاظم من أرباحها، وثانيا لا تعمل وفقا لتخطيط مستقبلي يحافظ على جودة المياه أو كمياتها أو صيانة الشبكات أو تطويرها، لأنها تعرف أن عقودها لا تتجاوز الـ٢٠ عاما على الأكثر، وقد تنال شركة أخرى هذا العقد بعد تلك الفترة، فلا تصرف على الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع وبنيته الأساسية التي تتهالك وتقدم مع الاستهلاك اليومي، الشيء الثالث والأهم أنها وضعت شرطا جزائيا على حكومات تلك الدول في حال نقص استهلاك سكانها لكمية المياه المؤمل استهلاكها والتي تحددها حكومات تلك الدول في العقد المبرم، وعندما ينقص استهلاك السكان للمياه - وهو أمر محمود بحد ذاته لأنه يدخل في الترشيد - تقوم الشركة بتنفيذ الشرط الجزائي الذي يجعل حكومة تلك الدولة تدفع مئات الملايين من اليورو كتعويضات، فلم يستفد المستهلك ولا الحكومة من تلك الخصخصة بل زاد العبء المالي على كليهما، وهذا ما حصل بالضبط مع ألمانيا وإيطاليا، فلجأ الناس إلى الاحتجاج ورفض الخصخصة واللجوء إلى المحكمة الدستورية لاستعادة الدولتين إدارة هذا القطاع بعد تلك التجارب المؤلمة والفاشلة.

لكن لا يزال صندوق النقد الدولي يدفع الدول وخاصة الدول العربية باتجاه خصخصة الأصول الحكومية بحد أدنى يبلغ الـ40% دون أخذ هذه التجارب الفاشلة اقتصاديا  للدول والحكومات والسكان في الحسبان، وليس الأمر بغريب عندما يدير رأسمال هذه الشركات هذا النوع من الهيئات والصناديق ويتحكم بها.