صحافة

الأيام: عودة التوحش للسياسة الأمريكية

30 مارس 2018
30 مارس 2018

في زاوية آراء كتب محمد ياغي مقالا بعنوان: عودة التوحش للسياسة الأمريكية، جاء فيه: في عقلية المفكر الألماني هيجل، التاريخ يعيد نفسه لأن الناس والحكومات لم تتعلم منه أو لم تتصرف بناء على العبر والدروس المستفادة منه. لكن في عقلية كارل ماركس، التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه لأن لكل مرحلة خصوصيتها وسياقها. لكن إن حصل ذلك، فإنه سيكون في المرة الأولى على شكل مأساة وفي الثانية على شكل مهزلة. التاريخ لا يخلو من المفارقات التي تتفق مع ملاحظات ماركس الثاقبة. جون بولتون من صقور البيت الأبيض في زمن الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن. كان الرجل من أكثر المتشددين في إدارته مقارنة بـ«ديك تشيني» و«دونالد رامسفيلد» و«بول وولفوتز» و«ريتشارد أرميتاج» حيث يمكن ملاحظة ذلك بمعرفة أفكاره وسلوكياته. بصفته مسؤولا عن ملف مراقبة التسلح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في ولاية الرئيس بوش الأولى، عارض بولتون، بدلا من أن يشجع، قيام فريق من الأمم المتحدة مكلف بالتأكد من احترام دول العالم لحظر الأسلحة البيولوجية، من تفتيش منشآت أمريكية بدعوى أن ذلك يشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي. بولتون أيضا قاد حملة للضغط على العديد من دول العالم، ونجح فيها الى حد ما، لاستثناء جنرالات أمريكا من أن يكونوا عرضة للمحاكمة في محكمة جرائم الحرب الدولية، لأنه يعتبر أن بلاده فوق القانون الدولي.

هذه المواقف قد لا تحمل دلالات كبيرة، لكن إذا أضفنا إليها أن أهم ما يميز الرجل هو قناعته بأن على أمريكا أن تخوض حروبا وقائية لحماية نفسها وأصدقائها، فإننا سندرك أين يريد بولتون أن يأخذ أمريكا بعد أن أصبح اليوم مستشار الرئيس ترامب للأمن القومي. بولتون كان من أكثر المتحمسين للحرب على العراق، ومن أكثر الداعين لتوسيع محور الدول «الشريرة» في نظر إدارة بوش، التي اقتصرتها على «العراق وإيران وكوريا الشمالية»، ليضاف لها أيضا، سورية وليبيا وكوبا.

إضافة إلى ذلك فالرجل كان من الرافضين في عهد بوش لفكرة أن حل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتطلب قيام دولة فلسطينية، معتبرا أن مطالبة الفلسطينيين بدولة ليست أكثر من «خديعة» من جانبهم لأنه لا توجد مشكلة فعلية لديهم.

بولتون الذي شغل منصب ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في ولاية الرئيس بوش الثانية، كان من أكبر الداعمين للحرب الإسرائيلية على لبنان العام 2006.

وبولتون كان من القلة في إدارة بوش التي لم تتعلم العبر من الحرب على العراق لأنه سعى للتأثير على إدارته لشن حرب على إيران، مدعيا بأنها ستمتلك أسلحة دمار شامل في غضون فترة وجيزة، وعندما فشل في ذلك، قام بالاتصال بوزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، شاؤول موفاز، محرضاً إياه على قصف مواقع إيران النووية، بحسب ما قاله موفاز مؤخراً.

في العام 2008، كان بولتون في الأمم المتحدة ممثلا لبلاده، وكانت أفكاره حول ضرورة مهاجمة إيران وحزب الله وسورية تتصدر الإعلام.

بالعودة لهيجل وماركس، بولتون كان من المتحمسين والداعين للحربين على العراق 2003 وعلى لبنان 2006.

في الحربين تعرض العراقيون واللبنانيون لدمار شامل، لكن في كلا البلدين مُنِي المعتدون بهزيمة جعلتهم أكثر عقلانية، بمعنى أجبرتهم على العد للألف قبل الإقدام على حرب جديدة.

الآن يعود رجل الرسوم المتحركة، بولتون، للمشهد السياسي مجددا، حاملا معه ملف مهاجمة إيران وتدميرها وحلفائها، في مشهد يوحي بأن التاريخ يعيد تكرار نفسه.

لكن التاريخ حقيقة لا يفعل: إيران وحزب الله اليوم غير إيران وحزب الله الذين عرفهم بولتون قبل عشر سنوات.