salem
salem
أعمدة

نوافـذ :مزارع ينتظر الحصــاد

26 فبراير 2018
26 فبراير 2018

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

قضية مهمة علينا أن نلتفت لها، وأن تتعاون في قادم الأيام كل الجهات من أجل تعميق دورها وترسيخ أهميتها والبحث المستمر عن الحلول لها.

هي قضية ذلك المزارع الذي ينتظر موسم الشتاء ليبيع محاصيله المتنوعة،ليصطدم كل عام بتراجع الأسعار في هذه الفترة بالذات ويشعر أن الجميع تخلى عنه ويذهب مجهود العام مع الرياح التي تهب في مارس وأبريل.

ليجدد هذا المزارع الأمل في الشتاء القادم، ويتكرر معه نفس المشهد، ليقتنع بعد سنوات من المحاولات أن الأجدى له أن يؤجر تلك الفدادين من الأرض على الوافدين ليضمن بها مبلغا في جيبه كل عام، بدلا من تلك المجازفات التي أخذت منه الأموال ولم يتحقق معها الأمل.

كيف تنجح دول في جعل الزراعة موردا ماليا أساسيا لها؟ إلى جانب التجارة وتصدير والتعدين والنفط، وهي تتشابه ظروفها المناخية ومواردها المائية مثلنا تماما، كيف استطاعت أن تجعل الزراعة ركنا أساسيا في استراتيجيتها ومفهومها للتنوع؟ وكيف تغلبت على التمويل وتوفير المعدات والمستلزمات والاستشارات الزراعية للمزارعين؟.

كيف اختارت محاصيل معينة تتناسب وطبيعتها المناخية؟ وكيف صنعت من تلك المنتجات رقما ماليا بتصديرها إلى العالم؟

لا يمكن أن تكون هناك دولة في العالم غير صالحة للزراعة، فكل دولة لها خصائصها وتفوقها في إنتاج بعض المحاصيل عن الأخرى،الخارطة الزراعية غنية جدا بالتنوع في المناطق المناخية المتفاوتة.

المزارع يحتاج إلى أسس قادرة أن تبقيه على قيد الحياة الزراعية، وهذه الأسس علينا أولا أن نؤمن بها كي نستطيع أن ننطلق منها إلى الخطوات الأخرى.

قبل أيام شاهدت مقطعا تصويريا لعدد من الشباب الذي استزرعوا منذ 10 سنوات مساحات شاسعة في «نجد» في جنوب عمان، وحولوا تلك الأماكن من الرمال إلى لوحة خضراء تسر الناظرين، استمعت إلى ملاحظاتهم التي أوردوا فيها أرقاما بمئات الأطنان من حصاد المنتجات لديهم من الخضار والفواكه والنخيل، وكيف انهم استدانوا من البنوك التجارية بأرباح مضاعفة من أجل إنجاح مشاريعهم، وان عقبات جمة تقف أمامهم بعد أن تعاملوا مع الواقع، ولعل أسعار منتجاتهم ليست بذلك الرقم الذي يضمن لهم الاستمرار.

المعالجة أننا نحتاج إلى رؤية أخرى من الدولة وليست وزارة الزراعة فقط، نحتاج إلى إعادة هيئة تسويق المنتجات الزراعية لتكون مظلة للمزارعين، وإلى توعية إعلامية بأهمية دعم المنتج المحلي وإلى حماية الأسعار وعدم إغراق السوق من الدول المنافسة طالما أن المنتج الزراعي المحلي متوفر، وإلى استراتيجية زراعية ماذا نريد أن نزرع وما هو الأنسب للسوق المحلي والإقليمي؟ وأن نستهدف من هذه الخطة بيع الفائض في الأسواق المجاورة والدولية، وإلى توفير برامج دعم خلاف الحالية وموارد مالية بأرباح زهيدة لإنجاح المزارعين، وبذل الجهود في تطوير بعض النباتات لكي نستطيع زراعتها في بيئتنا وإلى الابتكار في توفير المياه وإلى تسهيل الحصول على الأراضي الزراعية وتبسيط الإجراءات أينما كان في المحافظات من توفير الأيدي العاملة الزراعية له والتملك والاستثمار وتوفير الاستشارات والزيارات الفنية له.

من غير الممكن بعد 50 سنة تقريبا أن نكون على نفس البرامج والنظرة للزراعة علينا أن نغير الزوايا قليلا لنراها من واقع آخر.

عمان لديها من الإمكانيات ما لا يتوفر في دول عدة ويمكن استغلالها بشكل أجدى وأفضل من خلال الكوادر المتخصصة، لكننا نحتاج إلى العقول التي تستطيع أن تجعل الزراعة أهم الموارد للدولة، وأن تحول المساحات الخالية إلى مناجم من ذهب، كما فعل أبناؤنا في النجد والسهول الزراعية.