أفكار وآراء

أسعار النفط بين الضغوط والمحفزات خلال 2018

06 يناير 2018
06 يناير 2018

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

في 4 ديسمبر 2017 اقترب سعر برميل النفط الخام الأوروبي من 69 دولارا للبرميل. وخلال عام 2017 أخذت أسعار النفط اتجاها تصاعديا، فكانت تتقدم خطوتين وتتراجع خطوة واحدة. فمتوسط سعر النفط الخام كان 51.67 دولار للبرميل خلال يناير 2017. وبذلك سجل سعر البرميل ارتفاعا بنسبة 33% خلال 12 شهرا. فإن تواصلت عوامل تصاعد الأسعار فإن سعر البرميل يتوقع أن يتجاوز 80 دولارا نهاية عام 2018. ويمكن تحديد العوامل التي تدعم توازن أسواق النفط وأسعاره بما يلي:

ــ الطلب: قالت وكالة “بلاتس” الدولية للمعلومات النفطية “إن توقعات نمو الطلب لعام 2018 تراوح بين 1.4 مليون و1.6 مليون برميل يوميا. وفي مقابل ذلك توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن زيادة الإنتاج الأمريكي في العام المقبل لن تتجاوز 600 ألف برميل يوميا وهو ما يعني أن زيادة الإنتاج الأمريكي لن تعطل جهود دفع الاستقرار في السوق خاصة إذا أخذنا في الاعتبار نجاح تقييد الإنتاج في دول أوبك بالتعاون مع شركائهم المستقلين”.

وتوقعت منظمة “أوبك”، تباطؤ نمو الطلب على النفط الخام حول العالم، بزيادة تبلغ 1.26 مليون برميل يوميا في 2018، مقارنة مع نمو 1.27 مليون برميل يوميا في 2017.وأضافت “أوبك”، يبلغ إجمالي الطلب العالمي على النفط الخام للعام الجاري، 96.4 مليون برميل يوميا.. والمتوقع ارتفاع الطلب اليومي على النفط الخام، إلى 97.6 مليون برميل يوميا العام 2018.

وكالة الطاقة الدولية من جانبها أشارت إلى أن العرض والطلب العالميين على النفط الخام سيتوازنان بدرجة كبيرة عام 2018 بفعل نمو الاستهلاك الذي سيساعد على تآكل تخمة معروض الوقود غير المستخدم المستمرة منذ ثلاث سنوات وسيعوض معظم الزيادة الحادة في الإنتاج .

ويتوقع أن يتواصل نمو الطلب على النفط الخام من آسيا، وبالتحديد من الصين والهند، رغم أن معظم الدول المستوردة للنفط خزنت كميات كبيرة قبل وخلال 2016 عندما كانت الأسعار عند مستوى 40 دولارا للبرميل. فزادت واردات الصين من النفط الخام إلى 9.01 مليون برميل يومياً خلال ديسمبر 2017 ، وهو ثاني أعلى مستوى على الإطلاق وفقاً لما أظهرته بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية.

وسيدفع تصاعد طلب الصين إلى تجاوز الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر مستورد للنفط الخام هذا العام. ويتوقع بنك الاستثمار الأمريكي «جيفري» نمو الطلب على النفط 1.5 مليون برميل يومياً عام 2018 مدفوعاً بزيادة %10في الطلب الصيني.

وارتفع نمو الطلب على النفط الخام في الهند نحو 7 %، بزيادة نحو 242 ألف برميل يومياً، خلال 12017 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتدل المعلومات المتوفرة على أن هذه الزيادة في نمو الطلب النفطي الهندي هي ضعف ما تحقق خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وخلال النصف الثاني من عام 2017 لم يذكر عامل “ تخمة المعروض “ كسبب في تراجع الأسعار بقدر ذكر تصاعد الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، الذي اعتبره المحللون أحد اهم العوامل التي تحد من توازن الأسعار.

ـــ نمو الاقتصاد العالمي يعتبر من بين العوامل التي يمكن أن تدعم توازن أسواق النفط، إذ قال صندوق النقد الدولي: إن الاقتصاد العالمي يتعافى بوتيرة أسرع. وراجع الصندوق في أحدث تقرير له بشأن الاقتصاد العالمي توقعاته السابقة، ويرى الآن أن الاقتصاد سيحقق نموا أقوى قليلا من السابق. وتوقع الصندوق أن يحقق الاقتصاد نموا بواقع 1.5% في عام 2018.

ـــ خفض إنتاج دول “أوبك” وخارجها: واتفقت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” ومجموعة من المنتجين المستقلين بقيادة روسيا على تمديد اتفاق خفض الإنتاج النفطي المشترك البالغ نحو 1.8 مليون برميل يوميا، حتى نهاية العام 2018.

وتحث روسيا الدول المشاركة على وضع استراتيجية واضحة بشأن كيفية الخروج من التخفيضات حتى لا تتحول السوق إلى عجز في المعروض بشكل متعجل، أو يحدث صعود حاد للأسعار يحفز شركات النفط الصخري الأمريكية على زيادة الإنتاج فتنهار الأسعار مجددا. ويسعى المنتجون من خلال الاتفاقية الجديدة لخفض حجم المخزون العالمي من النفط إلى متوسط 5 سنوات. ومنذ بدء الاتفاق مطلع 2018، تراجع المخزون بنسبة 50%، إلى 140 مليون برميل لشهر أكتوبر 2017. وبذلك يكون اتفاق خفض إمدادات “أوبك” والمنتجين من خارجها قد حقق أهدافه فأسعار النفط تتداول بالقرب من أعلى مستوياتها منذ عام 2015. فتم تداول برميل برنت الأوروبي بسعر تجاوز 66 دولارا للبرميل مطلع 2018.

أما العوامل التي تضع الضغوط على الأسعار فتتمثل باثنين أولهما تناقضات المنتجين والآخر الإنتاج الأمريكي:

ـــ تناقضات مصالح المنتجين: التي تتلخص بحاجة عدد من كبار المنتجين للموارد المالية من صادراتها من النفط الخام كالمملكة العربية السعودية والعراق ودول أخرى. هذه الدول كانت ولا تزال تحقق الربح عندما ترجع سعر النفط دون 40 دولارا للبرميل. بسبب انخفاض تكلفة استخراج النفط الخام من حقولها. فصدرت تصريحات من مسؤوليها بالرضا عن سعر البرميل بحدود 50 دولارا. بينما لم يكن هذا السعر مرضيا لمعظم المنتجين الآخرين لارتفاع تكلفة استخرج النفط الخام من حقولها.

ـــ الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري: إذ قالت الفضائية الإخبارية الأمريكية (CNN) ستظل طفرة النفط الأمريكي تزيد من آلام “أوبك” حتى عام 2018. وكان ذلك الرأي قد صدر في منتصف يونيو. 2017. ونقلت (CNN) عن وكالة الطاقة الدولية في توقعاتها الأولى لعام 2018، إنها تتوقع من الدول خارج المنظمة زيادة إنتاجها بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، متجاوزة بذلك النمو في الطلب العالمي. وقالت الوكالة إن الولايات المتحدة وحدها ستشكل قرابة نصف تلك الزيادة في المعروض ويعني ذلك أنه من المرجح أن تستمر وفرة المعروض الراسخة التي وحددت سقفاً لأسعار النفط، رغم جهود الانضباط التي بذلها أغلب منتجي “أوبك” لكبح إنتاجهم.

ووفق (RYSTD Energy & The Wall Street Journal)) فإن تكاليف استخراج برميل النفط لكبار المنتجين حتى نهاية عام 2016 كما يلي: بريطانيا 44.33 دولار، البرازيل 34.99 دولار. نيجيريا 28.99 دولار، فنزويلا 27.62 دولار، كندا 26.64 دولار، الصخري الأمريكي 23.35 دولار، الأمريكي غير الصخري 20.99 دولار، روسيا 19 دولارا، العراق 10.57 دولار، إيران 9.08 دولار، السعودية 8.98 دولار.

ـــ كما أن أسعار النفط مرشحة للصعود بقوة إن تصاعدت الاضطرابات في دول الشرق الأوسط إثر التهديد الأمريكي بوقف المساعدات المالية للفلسطينيين حيث يمكن أن تتصاعد المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي .

ويمكن القول إن سعر برميل النفط في أسواق العالم، كما تشير أغلب التوقعات،في تصاعد إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل خلال 2018 إن تواصلت تخفيضات “أوبك” والمنتجين الآخرين. وإن تواصل تعافي الاقتصاد العالمي.