أفكار وآراء

استشراف المستقبل بين الواقع والطموح «1-2»

09 ديسمبر 2017
09 ديسمبر 2017

سالم بن سيف العبدلي -

[email protected] -

أسدل الستار الأسبوع الماضي على ملتقى استشراف المستقبل والذي عقد على مدار يومين بمركز عمان للمعارض والمؤتمرات بمشاركة وحضور اكثر من 300 شخص يتقدمهم عدد من المسؤولين وصناع القرار بالإضافة الى مشاركين يمثلون مختلف أطياف المجتمع بما فيهم القطاع الخاص والقطاع الأهلي ومنظمات المجمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية والبرلمانية وطلبة المدارس والجامعات، وقد كانت أعمار المشاركين متفاوتة بين 9 سنوات وحتى 60 سنة وجاء هذا الحضور الكثيف والمتميز ترجمة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - والذي وجه بضرورة مشاركة جميع فئات المجتمع في هذا الملتقى المهم.

لقد تشرفت بالمشاركة في هذا التجمع المهم والذي استضاف محاضرين وخبراء من داخل وخارج السلطنة والذين قدموا عصارة خبرتهم في مختلف المجالات التنموية ، وفي هذا المقال سوف نحاول تسليط الضوء على ابرز ما دار فيه من نقاش وأفكار مع محاولة التعليق عليها كلما امكن وفي البداية نستطيع القول ان الملتقى كان عبارة عن عصف ذهني للأفكار حول رؤية عمان 2040 وكيف يتخيلها الواحد منا وكيف يتمنى ان تكون، وفي حقيقة الأمر كانت هناك أطروحات وأفكار قيّمة ومقترحات ممتازة يمكن ان تكون خارطة طريق ترسم مستقبل السلطنة خلال العشرين سنة القادمة أي بعد 2020.

في الجلسة الافتتاحية قدم الرئيس السابق لجمهورية استونيا محاضرة قيمة تطرق فيها الى تجربة تلك الجمهورية الصغيرة التي كان يحتضنها الاتحاد السوفيتي وبعد تفككه في عام 1991 استطاع هذا البلد الصغير الذي يقع في منطقة بحر البلطيق بشمال أوروبا ان يشق طريقه بنجاح ويصنع لنفسه قصة نجاح وينتقل من النظام الاشتراكي المغلق الى نظام السوق المفتوح ، واصبح عضوا فعالا في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو وتم تصنيفه من قبل البنك الدولي ضمن “اقتصاد ذات الدخل المرتفع” كما اعتبره صندوق النقد الدولي ذي “اقتصاد متطور” وتجربة استونيا تستحق الوقوف عليها ويمكن ان تكون درسا للاستفادة منها في صناعة واستشراف مستقبل السلطنة.

الاستفادة من تجربة استونيا ممكنة جدا الا أنها تحتاج الى ادوات وعناصر مهمة، فالنجاح لا يأتي من فراغ وإنما يأتي بتضافر عدد كبير من العناصر والظروف وتهيئة عوامل النجاح ممكنة وفي حديثنا هنا سوف ننتطرق الى تلك الوسائل

لقد سبق أيضا ان استضافت السلطنة خلال السنوات الاخيرة خبراء ومتخصصين وصناع قرار سابقين من ماليزيا وكوريا والصين وسنغافورة وغيرها من الدول والذين قدموا شرحا وافيا عن تجارب بلدانهم والنجاحات التي حقوقها في مسيرتهم التنموية وهذا في حد ذاته جيد للاستفادة من تجارب الآخرين ، كما أن تجربتنا التنموية في السلطنة على مدار 47 سنة جديرة بالاهتمام والدراسة فقد شهدت العديد من النجاحات الا أنها في نفس الوقت تعرضت لبعض الإخفاقات فمن الجيد ان ندمج تجربتنا المحلية مع تجارب عالمية ناجحة بحيث نستفيد من النجاحات ونعظمها ونعالج الإخفاقات ونعدل من مسارها.

الجلسة الحوارية الاولى والتي كانت حول مستقبل عمان : الجغرافيا والسياسة والثورة الصناعية الرابعة ركزت على موضوع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حيث استضافت خبيرين متخصصين تحدث الأول عن (التكنولوجيا الهادفة ) أما الثاني فركز على ( رأس المال البشري) فقد كانت مداخلتهما مفيدة مهمة للغاية.

ونحن نعلم ان المستقبل القادم سوف يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتي تشهد تطور وتقدم سريع لا بد لمن اراد ان يكون في المقدمة من تطوير الوسائل والأدوات التي تعينه على ذلك، كما ان العنصر البشري وتطويره من اهم وسائل النجاح في المستقبل بناء الأوطان لا يأتي إلا من خلال بناء العقول النيرة ومن الامور اللافتة للنظر هي ان اكثر من 50% من الوظائف الحالية سوف لن تكون موجودة في المستقبل مما يعني انه لا بد من تغير نظام التعليم لدينا والتركيز على التعليم المهني والتقني المتخصص والابتعاد عن التعليم الذي يعتمد على التلقين والنظريات الى التعليم الذي يعتمد على البحث والابتكار.

ويبقى ان نقول هل فعلا نحن مستعدون لهذه المرحلة وهل نملك من الوسائل والادوات التي تعيننا على إحداث نقلة نوعية في نظام التعليم لدينا؟ والذي كتبنا عنه كثيرا وكتب عنه العديد من المفكرين والأكاديميين والمتخصصين وقلنا بأنه لا بد من تجويد التعليم وبدون ذلك لا نستطيع ان نواكب التقدم والتطور في عصر الثورة الصناعة الرابعة والتي لا تعترف الا بالعنصر البشري المبدع والمفكر الجواب نتركه لأصحاب القرار والذين لا شك انهم يحرصون كل الحرص على بناء جيل من الشباب صناع الغد والمستقبل ولنا لقاء في الأسبوع القادم لتكملة الحديث .