sharifa
sharifa
أعمدة

وتر : لست وحيداً

13 سبتمبر 2017
13 سبتمبر 2017

شريفة بنت علي التوبية -

في مقطع فيديو تم سؤال مجموعة من الأطفال، كيف تعرف أنك وقعت في الحب؟ كانت هناك إجابات كثيرة وجميلة جداً لأطفال هم أعلم بالحب من غيرهم وأصدق في التعبير عنه، فنحن قد لا نعرف الحب كحقيقة مبهرة ساحرة ومجنونة وعاقلة إلا حينما تلتقي أعيننا بعيني طفل، ولا نعرف لذة العناق وروعته إلا حينما تحتضن أيدينا طفلا صغيرا، فآه لو عاش هذا العالم لأجل الحب كما يعيش الآن لأجل الحرب ويعمل لها.

من بين إجابات الأطفال كانت هناك إجابة جميلة استوقفتني (أعرف أني وقعت في الحب حينما لا أكون وحيداً)، نعم، أعتقد هو ذلك المعنى تماماً الذي كنت أبحث عنه، حينما تُحِب وتُحَب لن تكون وحيداً أبداً، ستجد من تحبه حاضراً معك، شاعراً بألمك ومشاركاً لك في حزنك وفرحك، لن يتخلى عنك وأنت بحاجة إليه، لن يطيق رؤية الحزن في عينيك، لن يسلمك للحزن أو الفراغ أوالألم، ستجده موجوداً معك في كل حالاتك، ومن يحبك سيؤمن بك أكثر من aإيمانك بنفسك، فالإنسان بحاجة إلى شريك أو رفيق يدفع عنه الشعور بالوحدة ويملأ ذلك الفراغ في القلب والذي لا يمكن أن يملأه سواه، وحينما نكون بحالة حُب لن نرى قبح هذا العالم مهما كان قبحه ظاهراً، أنه الحب الذي يجعلنا فجأة أمام إنسان لم نره من قبل ولكننا نعرفه منذ زمن طويل، أنه النصف الآخر لنا، والذي لا يكتمل وجودنا في هذه الحياة سوى بوجوده.

خلقنا أنصاف غير مكتملة مهما حاولنا أن نثبت عكس ذلك، ولا نكتمل إلا باكتمال العاطفة في قلوبنا وإتلاف أرواحنا مع أرواح بعينها، فهناك محبة تخلق فينا، تسكن القلب ولا تغادره، وهناك أحبة لا يرحلون حتى بعد موتهم لأن المحبة لا ترحل، ولعل أصعب ما يمكن أن يعيشه الإنسان من حياة، أن يبقى عالقاً في علاقة غير مكتملة لنصف هو ليس له، ومع ذلك يمضي في الحياة ويسير في دروبها متعثراً مقاوماً هشاشته وضعفه ووحدته، لذلك التعاسة أن يكون قلبك فارغاً من المحبة والفقر الحقيقي هو فقرك منها، والعجز هو عجزك عن عطاء المحبة رغم كل ما لديك من أشياء أخرى إلا الحب، والإفلاس الحقيقي هو نقصان رصيد المحبة أو فراغه من جيب القلب، والمساكين هم أولئك الوحيدون في فراغ القلب من حب يحيون به ولأجله، فكم فارغ هذا العالم! وكم قبيح لأنه لا حب يملأه أو يجمّله!