1036986
1036986
روضة الصائم

مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة أول مسجد جامع في مصر والقارة الإفريقية

15 يونيو 2017
15 يونيو 2017

مساحته 13800 متر.. وأعمدته بعدد أيام السنة -

1036987

مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة مسجد عريق تستشعر فيه عظمة التاريخ الإسلامي، فعندما تطأ قدمك أرضه يعود بك الزمان إلى عصر الفتوحات الإسلامية، وتقفز إلى مخيلتك صورة الصحابي الجليل عمرو بن العاص عندما فتح مصر وطهرها من فلول الرومان.. فكان الإطلالة الدينية التي نقلت الإسلام بكل ما فيه من تألق وحضارة إنسانية إلى إفريقيا، والجامعة الإسلامية التي تخرج فيها الكثير من مفكري الإسلام على مدى الحقب الماضية، ليبقى على مدار الزمان رمزًا لتحرير مصر، وشاهدًا على تاريخها منذ أن دخلها الإسلام حتى الآن.

ويُعتبر مسجد عمرو بن العاص اللبنة الإسلامية الأولى في القاهرة العاصمة، ونظرًا لدوره التاريخي في الماضي والحاضر وقيمته الأثرية العظيمة، ودوره الحضاري في مناحي الحياة بمصر وفي كافة المجالات أطلق عليه العديد من الأسماء والألقاب، منها الجامع العتيق وتاج الجوامع ومسجد الفتح ومسجد النصر وجامع مصر وقطب سماء الجوامع. وهو أيضًا أول جامعة إسلامية قبل الأزهر والزيتونة والقيروان؛ لذلك اعتبره الكثيرون أزهر ما قبل الأزهر، حيث تلقى فيه طلاب العلم كافة علوم اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف، وهو الأثر الإسلامي الوحيد الباقي منذ الفتح الإسلامي لمصر. ومن أشهر تلاميذه الإمام الليث بن سعد، والإمام الشافعي، والسيدة نفيسة، وابن حجر العسقلاني، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام. وقد أقيم المسجد على مساحة تبلغ 13800 متر، وتنتشر فيه العديد من الأعمدة التي يبلغ عددها 365 عمودًا بعدد أيام السنة، ويطل المسجد على النيل من الناحية الشمالية الغربية.

وقد اختار عمرو بن العاص مكانًا مرموقًا لمسجده، فكان منتصف مدينة الفسطاط العاصمة وهي مدينة مستديرة وتم افتتاح المسجد بأول صلاة جمعة في 6 محرم 21هـ، فكان بذلك أول مسجد جامع في مصر والقارة الإفريقية، وما زال هو الرمز الباقي حتى الآن الذي يرمز لتحرير مصر من الاحتلال الروماني ويمثل تاريخ مصر منذ أن دخلها الإسلام حتى الآن.

عند افتتاح المسجد كانت مساحته حوالي 675 مترا، وله ستة أبواب.. بابان تجاه دار عمرو بن العاص من الجهة الشرقية، وبابان من الشمال، وبابان من الغرب، وكان سقفه منخفضًا ومكونًا من الجريد والطين، محمولاً على ساريات من جذوع النخل، كما كانت الحوائط من الآجر والطوب اللبن وغير مطلية، ولم يكن به صحن، وكانت أرضه مفروشة بالحصباء، وبه بئر يعرف بالبستان استخدمه المصلون وقتها للوضوء.

وقد تعرض المسجد للعديد من عمليات الترميم والتجديد، ولم يبق من البناء القديم سوى موقعه فقط، فقد مرت عليه أحداث جسام أثرت على معالمه وأدت إلى انهيار أجزاء منه، ومن أهم هذه الأحداث الحريق الأول في 9 صفر 275هـ، حين اشتعلت النيران في نهاية المسجد، وكذلك الحريق الثاني عام 564هـ أثناء حريق الفسطاط بسبب نزاع شاور وضرغام، وأيضًا الزلزال المدمر الأول عام 702هـ، والزلزال المدمر الثاني الذي هزّ مصر 15 ربيع الثاني عام 1992م، وعلى أثره تولت هيئة الآثار القيام بأعمال الترميم. وفي 24 مارس 1996م شهد المسجد انهيار 150 مترًا من سقف الجامع في الجزء الجنوبي الشرقي برواق القبلة، وشمل الانهيار ثلاثة عقود في أقدم منطقة بالمسجد بعد سقوط أحد الأعمدة، وكان قد تعرض للعديد من عمليات الترميم والتجديد ترجع إلى العصر العثماني، كما تم فك إيوان القبلة وإعادة تركيبه في 1997م،

ويتكون المسجد من مدخل رئيسي بارز يقع في الجهة الغربية للجامع الذي يتكون من صحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات سقوف خشبية بسيطة، أكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة ويتكون من إحدى وعشرين بائكة، تتكون كل منها من ستة عقود مدببة مرتكزة على أعمدة رخامية، وبصدر رواق القبلة محرابان مجوفان يجاور كل منهما منبرا خشبيا، ويوجد بجدار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر مراد بك. أما المحراب الرئيسي فتعلوه لوحة كتب عليها بماء الذهب أبيات شعر تعطي معنى ترميم المسجد وصاحب هذا الترميم، وسنة بناء الإيوان وافتتاحه عام 1212م.

كما يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة قبة يرجع تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، أما صحن الجامع فتتوسطه قبة مقامة على ثمانية أعمدة رخامية مستديرة الشكل، وكانت نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية ما زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، ويتوج واجهات الجامع من الخارج من أعلى شرفات هرمية مسننة، كما أن للجامع مئذنة يرجع تاريخها إلى عصر مراد بك، وهي مئذنة بسيطة تتكون من دورة واحدة ذات قمة مخروطية.

وفي إيوان القبلة من الجهة الشرقية الجنوبية يوجد بئر قديم كان يستخدم قديمًا في الوضوء، ومع مرور الزمن جف هذا البئر إلا من بعض المياه الراكدة، وفي نفس هذا الإيوان من الناحية البحرية كان يوجد محراب صغير كانت السيدة نفيسة -رضي الله عنها- تتخذه مصلى لها، وكان المسجد وسيظل قبلة المصلين من كل مكان، وجنبات المسجد تضيق بالمصلين الذين يصل عددهم حوالي نصف مليون أو أكثر، خاصة في أيام وليالي رمضان التي يطيل فيها الدعاء في مشهد رائع تموج فيه أعداد هائلة من البشر، تنطلق خارج المسجد بعد الصلاة إلى الشوارع والحارات المحيطة به، لتصل إلى شارع صلاح سالم شمالاً ومنطقة ماري جرجس جنوبًا وغربًا حتى سور مترو الأنفاق.