روضة الصائم

مراجعات كتب: «من أجل المسلمين».. دفاعٌ عن قيم التعدد والتنوع والمساواة

03 يونيو 2017
03 يونيو 2017

عبدالرحمن بن سعيد المسكري -

يذهب إيدوي إلى أن التمثلات الغربية تجاه المسلمين أصبحت أكثر راديكالية من ذي قبل، حيث التوظيف الميكانيكي ليافطة الإسلام كصيغة هجومية، وفق نموذج: «الأصولية تساوي الإسلام». هذا الخلط «بين جماعة بشرية بأكملها – بالانتماء أو بالثقافة أو بالعقيدة – وتصرفات بعض الأفراد الذين يحسبون أنفسهم عليها أو يتباهون بالانتماء إليها؛ هو تمهيد للظلم. والتزام الصمت أمام خطابات كهذه هو تعويد لوعينا على الإقصاء من خلال إضفاء الشرعية على التمييز، وإسباغ الاحترام على التشويش».

إن ممارسات التمييز هذه، المرتبطة بالإسلام والمسلمين، تختزل جميع مسلمي فرنسا في إسلام واحد، وهو إسلام الإرهاب والأصولية، إن هذا الاختزال ليس من شأنه توفير الحماية الأمنية، بل على العكس من ذلك، إنه «أفضل هدية نقدمها للراديكالية الدينية في سياق لعبة المرايا، حيث المماهاة الكزينوفوبية تبرر المماهاة الهوياتية».

إن هذه التعميمات والاختزالات - كما يقول إيدوي - ليست بليدة فحسب؛ بل هي -بالأحرى- خطيرة، تُعبر عن اختزال السياسة في الجانب الأمني، وتمهد الأيديولوجيا الكارثية التي سادت في أمريكا الشمالية كرد فعل على تفجيرات 11 سبتمبر 2001. ولذلك فإنه يخلص إلى أن مصير السلم الاجتماعي في فرنسا، مرتبط عمليا بالمصير المخصص لمسلمي فرنسا، «فهو الذي يمتلك اليوم مفتاح علاقتنا بالعالم والآخرين، وذلك بحسب ما إذا كنا نسعى إلى فك العقد أو تضخيم التوترات، نسعى إلى التهدئة باعتماد العقل، أو نؤجج باعتماد الانفعالات مشكلة إسلامية مفترضة».

ويشير بلينيل إلى دراسات المفكر الأمريكي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد حول الإسلام في وسائل الإعلام الغربية، كأنموذج عملي لتأملاته حول الاستشراق، فيقول: «كان إدوارد سعيد قد بيّن منذ مدة الوضعية الاستثنائية للقضية الإسلامية كقضية عمياء في علاقتنا مع الآخر، حيث يرى أنه إذا كانت التعميمات التشكيكية حول الثقافات الأخرى لم تعد مقبولة في الغرب، فإن الإسلام يشكل استثناء؛ حيث يبدو ان الخطاب حول الذهنية والشخصية والدين والثقافة الإسلامية لا يجد موقعا له داخل النقاش المهذب حول الأفارقة واليهود والآسيويين أو شعوب شرقية أخرى» ص110

«إن وضعية الأقليات هي التي تعبر عن القيمة الأخلاقية للمجتمع» الوضعية المتعلقة بالحرية الدينية، والاحترام والمساواة مع الآخر، الوضعية التي تحترم التعدد في إطار التعاون، والتنوع في إطار الوحدة في الوقت نفسه. وفي هذا السياق يشبه بلينيل مسألة حضور المسلمين في الشأن العمومي برفع منديل أحمر يتم التلويح به كلما تعلق الأمر بالإسلام أو المسلمين: « إن هذا هو بالضبط ما يواجهه منذ زمن طويل المسلمون الذي يحتجزون داخل أصولهم، وفي الوقت نفسه يُمنعون من الإعلان عن هذه الأصول، يُحددون حسب إثنيتهم ويوصمون بها في الآن نفسه. يُختزلون في هوية أحادية المعنى يُشترط أن يُمحى فيها تنوعهم الخاص وتعددية مظاهرهم، ويُرفضون بمجرد ما يسعون إلى الإقرار بها، من خلال عدم التنكر لذواتهم». إنه إجبار على الانصهار والذوبان والمماهاة، و«الإجبار على الانصهار هو تهوين للانقراض».