روضة الصائم

أدب قضاء: مهام القاضي وشروطه (5)

30 مايو 2017
30 مايو 2017

زهران بن ناصر البراشدي/ القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

يشترط في القاضي عدة شروط ذكرها الفقهاء منها: الإسلام فلا يصح قضاء الكافر، والعلم؛ الذي يؤهله لهذا المنصب الخطير؛ بأن يكون عالما بمصادر الشريعة وأحكامها، وما ينظمه ولي الأمر من قوانين؛ تترجم الشريعة، وتنظم الأمور على الوجه الصحيح، وترسخ مبدأ العدالة والأمن والسلامة في البلاد، فلا يصح قضاء بغير علم، و البلوغ، فلا يصح قضاء الصبي، والعقل، فلا يصح قضاء المجنون والمعتوه ومن في حكمهما، والحرية، فلا يصح قضاء المملوك، والفطانة، فلا يصح قضاء البليد؛ الذي لا يستطيع تمييز الأمور ووضع كل شيء في موضعه، والعدالة، فلا يصح قضاء الفاسق، والتقوى، فلا يصح قضاء الفاجر، والوفاء بالعهود؛ فمن لا وفاء له فهو غادر والغادر منافق، والتعفف عن مكدرات النفس؛ فمن أعطى نفسه هواها أضلته، والبعد عن الشبهات؛ فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام.

ومن وقع في الحرام ضل وأضل، وأن يكون مسارعا للخيرات ينصف من نفسه قبل غيره، وأن يكون الناس معه سواسية كأسنان المشط القريب منهم والبعيد، والقوي والضعيف والجليل والحقير، والصغير والكبير محاسبا لنفسه على كل شيء قبل أن يحاسب، قال جل شأنه في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا).

وأن يكون كامل الأهلية غير مشوب بما ينقصها أو يكدرها جائز الشهادة.

فإن من لم تجز شهادته لم يجز قضاؤه ومن لم يجز قضاؤه لا يعتمد على أحكامه وتصرفاته.

ولا تصح ولاية القاضي حتى تجتمع فيه شرائط الشهادة، واشترط بعضهم أن يكون من أهل الاجتهاد.

أما الأول: فلأن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة لأن كل واحد منهما من باب الولاية، فكل من كان أهلًا للشهادة استقلالا يكون أهلًا للقضاء، وما يشترط لأهلية الشهادة يشترط لأهلية القضاء، والفاسق لا يجوز قضاؤه كما لا تقبل شهادته، ولو قلد وهو عدل ينعزل بالفسق؛ لأن المقلد اعتمد عدالته فلم يكن راضيًا بتقليده دونها.

ومما يشترط في القاضي الشرط الثاني: فالصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية.

ومن اعتاد الحلف أو شتم الأولاد أو البهائم أو أيا كان من المخلوقين أو تأخير فرض له وقت معين كالصلاة والصوم؛ إذا أخره من غير عذر سقطت عدالته، وكذا إن أخر حقا واجبا عليه لبني جنسه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مطل الغني ظلم».

ومن سقطت عدالته ساءت أمانته ومن ساءت أمانته فهو خائن فاسق لا يصلح لهذا المنصب الرفيع.