كلمة عمان

ثقة عالمية راسخة نعتز بها ونقدرها

08 مارس 2017
08 مارس 2017

من المعروف أن المؤسسات المالية الدولية، وبشكل خاص مؤسسات التمويل، سواء كانت هيئات ومنظمات أو شركات أو «كارتيلات» أو مجموعات استثمارية، لا تقدم على تقديم أي نوع من أنواع التمويل لأية دولة، إلا إذا كانت تتمتع بثقة ومصداقية، وبقدرة حقيقية على الوفاء بالتزاماتها، وبقدرة اقتصادها على التطور، والوفاء بأية التزامات قد تترتب عليه. وعادة ما تتكون هذه الثقة وتترسخ، عبر سنوات وعقود من التعاملات والوفاء بالالتزامات المالية، بأنواعها المختلفة، وتحت الظروف المختلفة أيضًا.

وتعتبر عمليات طرح السندات الدولية، أو الحصول على القروض والتسهيلات الائتمانية، من اهم المؤشرات الدالة على مدى ما تتمتع به الدولة من ثقة في تلك الأوساط، وهو ما يؤثر بالضرورة على رؤية المستثمرين لها وإقبالهم على الاستثمار فيها.

وفي هذا الإطار فإن مما له دلالة بالغة بالنسبة للسلطنة، ذلك الإقبال الواسع على الاكتتاب في السندات الدولارية التي طرحتها السلطنة مؤخرا، بحجم خمسة مليارات دولار، في ثلاث شرائح، حيث غطت الاكتتابات حجم الإصدار بأربع مرات، إذ فاق حجم الاكتتاب التوقعات، وتجاوز عشرين مليار دولار، وهو أمر يبعث على السعادة والاعتزاز من ناحية، وعلى الحرص أيضا على الحفاظ على هذه الثقة الواسعة في الاقتصاد والنظام المصرفي العماني من ناحية ثانية. ومع الوضع في الاعتبار أن إصدار السندات الدولارية، هو أحد سبل التمويل التي تلجأ إليها الحكومات لتغطية احتياجاتها في فترة أو أخرى، وضمن وسائل تمويل متعددة ومتكاملة أيضا، داخلية وخارجية، فإنه من المعروف على نطاق واسع أن السلطنة تمتعت وتتمتع دومًا بسمعة طيبة لدى مؤسسات التمويل الدولية، إذ أنها التزمت دوما بالعمل على الوفاء الكامل بالتزاماتها المالية، وفي وقتها المحدد، مع العمل على على تحقيق نسبة ملاءة مالية تتجاوز ما تقول به ضوابط (بازل 3) من جهة، مع الحرص على الحفاظ على حجم الاقتراض في حدود آمنة من جهة ثانية، وذلك من خلال سياسات نقدية ومالية وإجراءات يأخذ بها البنك المركزي العماني، للحفاظ على حيوية وديناميكية الاقتصاد العماني، وقدرته على التفاعل الإيجابي مع مختلف التطورات المالية والاقتصادية، الإقليمية والدولية، بما في ذلك بالطبع ما طرأ من انخفاض حاد في أسعار النفط في الأسواق العالمية، منذ منتصف عام 2014، والمستمر حتى الآن. وبينما استطاعت حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وبتوجيهات سامية، إدارة الميزانية العامة للدولة على مدى العامين الماضيين بقدر كبير من الحكمة، والحد، قدر الإمكان، من الآثار السلبية على المواطنين، مع الحفاظ على وتيرة العمل في المشروعات التنموية في مختلف القطاعات، وهو ما سيطرح آثاره الطيبة، مع انتهاء العمل في تلك المشروعات، الإنتاجية والخدمية، فإن ما أكد عليه سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني يبعث هو الآخر على الثقة والاطمئنان على كافة المستويات، سواء بالنسبة للمستثمرين، أو للمواطنين، خاصة وأن السياسات المالية والاقتصادية للسلطنة تتسم بالوضوح والشفافية والاستقرار، ويضطلع البنك المركزي العماني بدور حيوي في تطبيقها.