أفكار وآراء

ترجمات : حل المحافظين لمشكلة تغير المناخ

25 فبراير 2017
25 فبراير 2017

جورج بي شولتز ـ جيمس آيه بيكر -

عن وول ستريت جورنال  -

ترجمة أحمد شافعي -

قبل ثلاثين سنة، وبينما كانت تتآكل طبقة الأوزون الحامية في الغلاف الجوي بمعدلات منذرة بالخطر، كنا نعمل ـ ولنا الفخر ـ في ظل رئاسة الرئيس ريجان. وإننا لا نزال نتذكر دوره القيادي في التفاوض على بروتوكول مونتريال الذي لا يزال يحمي طبقة الأوزون الرقيقة ويساعدها على استعادة قوامها. واليوم يواجه العالم تحديا مماثلا: هو خطر تغير المناخ.

ومثلما كان الحال في الثمانينات، فإن الأدلة تتكاثر على وجود مشكلات في الغلاف الجوي تزداد إلحاحا على نحو يجعل من الصعب تجاهلها. ومرة أخرى، تحيط الشكوك بما ينتظرنا في المستقبل. فثمة مجال للتساؤل عن مدى مسؤولية الأسباب البشرية عن التغير المناخي. ولكن المخاطر المتعلقة بالاحترار في المستقبل جسيمة بدرجة تستدعي النهوض لها.

وينبغي أن تأتي الاستجابة المسؤولة والمحافظة على شكل وثيقة تأمين. والقيام بذلك لا ينبغي أن يعتمد على القواعد الحكومية ثقيلة الوطأة المعيقة للنمو. بل ينبغي أن يقوم حل مشكلة المناخ بدلا من ذلك على تحليل اقتصادي سليم يجسد مبادئ الأسواق، الحرية والسيطرة المحدودة التي يتبناها المحافظون.

ونحن نقترح حلا يقوم على أربعة أعمدة. أولا، فرض ضريبة كربون متصاعدة تدريجيا. ثانيا، رد عائدات الضريبية إلى الشعب الأمريكي في صورة حصص. ثالثا، إدخال تعديلات كربونية حدودية تحمي القدرة الأمريكية على التنافس وتشجع الدول الأخرى على اتباع نموذجنا هذا. ورابعا، التراجع عن القواعد الحكومية القائمة بمجرد قيام هذا النظام.

العمود الأول، وهو ضريبة الكربون، هو الوسيلة الأكثر فعالية لتقليل الانبعاثات الكربونية. خلافا للقواعد الثقيلة المتبعة حاليا، فإن ضريبة الانبعاثات الكربونية إن فرضت على الشركات سوف تحررها وتتيح لها البحث عن الوسيلة المثلى لتقليل انبعاثاتها الكربونية. وفي حال تحديد هذه الضريبة بصورة منطقية، فإن زيادتها التدريجية سوف تبعث برسالة سوقية قوية إلى الشركات الراغبة في قدر من الطمأنينة وهي تخطط للمستقبل.

دفع «الحصة الكربونية» للشعب ـ وهو العمود الثاني ـ سوف يعمل على توزيع عائدات الضريبة على الشعب الأمريكي بصورة ربع سنوية. وبذلك تنفع الضريبة ـ عديمة العائد ـ الأسر العاملة بدلا من أن تزيد من تضخم الإنفاق الحكومي. بفرض ضريبة قيمتها أربعون دولارا على كل طن من الكربون سوف تحصل الأسرة المؤلفة من أربعة أفراد على حصة تبلغ قرابة ألفي دولار في السنة الأولى، وهو ما قد يزيد بمرور الوقت بزيادة ضريبة الكربون.

سياسة حصص الكربون قد تدفع إلى تقليص انبعاث الغازات أكثر من كل السياسات المناخية التي اتبعها الرئيس أوباما. وفي الوقت نفسه، فإن خطتنا هذه كفيلة بتقوية الاقتصاد، ومساعدة الأمريكيين من الطبقة العاملة، وتعزيز الأمن الوطني، علاوة على تقليل القواعد الحكومية وتقليص حجمها.

العمود الثالث هو التعديلات الحدودية للمحتوى الكربوني. عندما تصدِّر الشركات الأمريكية إلى دول ليست لديها سياسات ضريبية كربونية مماثلة، سوف تحصل على خصومات على الضرائب الكربونية التي دفعتها. في حين أن الواردات من هذه الدول سوف تواجه رسوما على المحتوى الكربوني في منتجاتها. وعائدات هذه الرسوم سوف توجَّه أيضا إلى الشعب الأمريكي من خلال الحصص الكربونية. والريادة في هذا النظام سوف تضع الولايات المتحدة في موضع القائد لسياسات المناخ في العالم. كما أنها سوف تعزز قدرة الأمريكيين على التنافس بفرضها عقوبات على الدول التي تفتقر إلى سياسات لتقليص الانبعاثات الكربونية فتضطر إلى مواجهة مزايا تجارية غير عادلة.

والإلغاء النهائي للقواعد الحكومية التي لن تعود ضرورية بعد فرض الضريبة الكربونية هو عمودنا الرابع والأخير. إذ يكاد يكون من الممكن إلغاء جميع قواعد وكالة حماية البيئة المفروضة على الانبعاثات الكربونية، بما في ذلك إلغاء مباشر لخطة الطاقة النظيفة التي فرضها الرئيس أوباما. كما أن في فرض ضريبة كربونية مغلظَّة مبررا لإنهاء العقوبات الفيدرالية والولاياتية على المتسببين في الانبعاثات الكربونية.

وبوضعنا هذه المبادئ في أذهاننا، أصدر مجلس القيادة المناخية الأربعاء الماضي «الرؤية المحافظة للحصص الكربونية»، وهو تقرير اشترك في كتابته المفكرون المحافظون مارت فيلدستاين، وهنري بولسون الابن، وجريجوري مانكيو، وتيد هالستيد، وتوم ستيبنسن، وروب وولتن.

من شأن برنامج الحصص الكربونية هذا أن يساعد على توجيه الولايات المتحدة إلى طريق نمو اقتصادي أبقى، من خلال التشجيع على الابتكار التكنولوجي وتغيير مصادر الطاقة الحالية على نطاق هائل. كما أنه سوف يخلِّصنا من كثير من القواعد القائمة على الصناعات الأمريكية. وسوف تتوافر للشركات ـ لا سيما الشركات العاملة في قطاع الطاقة ـ فرصة تعوزها حاليا إلى القدرة على التنبؤ، فتنتفي بذلك إحدى أشد العقبات جسامة أمام الاستثمار على رأس المال.

ولعل الأهم على الإطلاق هو أن خطة الحصص الكربونية تعالج الإحباطات المتزايدة والمخاوف الاقتصادية التي عانى منها الكثير من الأمريكيين في الطبقة العاملة. فالخطة سوف تزيد من ثروات الأقل امتيازات في هذه الأمة في الوقت الذي تقوِّي فيه الاقتصاد. ويتنبأ تقرير من وزارة الخزانة نشر الشهر الماضي بأن حصص الكربون سوف تعني زيادة في الدخل بنسبة 70% للأمريكيين.

وهذه الخطة أيضا سوف تعني منافع بعيدة المدى للحزب الجمهوري. فنحو ثلثي الشعب الأمريكيين يشعرون بـ«قدر كبير» أو «قدر غير هين» من المخاوف تجاه تغير المناخ بحسب دراسة مسحية أجراها معهد جالوب في 2016. وغالبا ما تشير الاستطلاعات إلى أن الخوف من تغير المناخ أعلى بين الناخبين الشباب، وبين الأمريكيين من أصول آسيوية وأسبانية، وهما الجماعتان السكانيتان الأكثر نموا. ثم فإن خطة الحصص الكربونية توفر فرصة لتقوية مركز الحزب الجمهوري لدى هذه الفئات الديمغرافية الثلاثة. إن سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض والكونجرس تعني أن عليهم تحمل مسؤولية ممارسة قيادة حكيمة تجاه التحديات التي تواجهنا في هذه الحقبة. والتغير المناخي أحد هذه التحديات. ولقد آن الأوان لأن يتولى الحزب القديم العظيم زمام القيادة.

جورج بي شولتز عمل وزيرا للخارجية (1982-1989) ووزيرا للخزانة (1972-1974) ـ جيمس آيه بيكر عمل وزيرا للخارجية (1989-1992) ووزيرا للخزانة (1985-1988).