1
1
المنوعات

كيف ننشئ جيلا ناجحا ؟! ..

15 فبراير 2017
15 فبراير 2017

2

استطلاع - سارة الجراح -

من منطلق التعريف بحقوق الطفل التي كلفها له القانون في مختلف الدول احتفلت السلطنة مؤخرا ودول الخليج العربية بيوم الطفل الخليجي الذي يغرس مفاهيم الهوية الخليجية في نفوس الأطفال، ونشر الثقافة الحقوقية والمجتمعية التي من شأنها التعريف بحقوق الأطفال وتجنبهم الممارسات العنيفة التي تشيع من خلالها براءتهم وحقوقهم، وتم من خلال الحفل تنظيم لقاء للأطفال مع سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل التنمية الاجتماعية رئيس لجنة متابعة تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل حيث أوضح قائلا: إن الطفل في كل مكان بغض النظر عن عرقه وجنسيته يستحق أن ينال كافة حقوقه. وشدد سعادته على تنفيذ مفردات الخطاب السامي لجلالة السلطان في هذا المجال في إحدى زياراته للمدارس في بداية عصر النهضة المباركة وهو عنصر الأخلاق، حيث إن التعليم وحده لا يكفي فالتعليم يجب أن تصاحبه التربية والأخلاق، والدين وحده لا يكفي سواء كان دين الإسلام أو دين سماوي آخر، وإنما الدين يجب أن تصاحبه الأخلاق، لأنه هو الضابط في كل حركاتنا وسكناتنا وتعاملاتنا، والبناء لا يتحقق إلا به.

في هذا الاستطلاع تطرق الطفل محمد حمد هزاع الهاجري من دولة قطر إلى حرية الرأي في التعبير للأطفال، وأهمية إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن رأيهم حول حقوقهم وتعريفهم بالقوانين التي تخصهم مناقشتها سواء كانت تلك القوانين تكفل لهم حقوقهم على المستوى المحلي أو على المستوى العالمي.  

ولمزيد من التعرف على حقوق الطفل وأهمية إتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عن رأيهم ومعرفة ما يخصهم، ومعرفة مدى ثقافتهم التقينا أولياء الأمور وبعضا من الأطفال والمختصين. التقينا مجموعة من أولياء الأمور والأمهات والأطفال :

حيث تقول معصومة بنت محمد اللواتيا (أم مريم) الأبوة والأمومة واحدة من أكثر التجارب المجزية والمرضية في الحياة، لكن هذا لا يعني أنها مهمة سهلة، حيث إنها دور لا ينتهي في حياة أبنائك عند عمر أو مرحلة سنية معينة، وفي نظري حتى يكون الوالدين مثاليين في تربية أبنائهم، فهما بحاجة لمعرفة كيف يحققا للأطفال الشعور بقيمة الشيء والحب، تعليمهما الفرق بين الخطأ والصواب، وأرى أن المهمة اليومية الأساسية للوالدين هي خلق البيئة المغذية التي تحقق احتياجاتهم ونموهم وازدهارهم وتأكيد دعائم ثقتهم في أنفسهم وشعورهم بالاستقلال، وقد يجد بعض أولياء الأمور الصعوبة في تحقيق احتياجات أطفالهم، ويرجع ذلك لعدم التخطيط الجيد في تربية الطفل، خاصة مع تعدد احتياجات الطفل في الدول المتقدمة يضعون التخطيط لحياة الطفل في قائمة اهتماماتهم، لذا على الوالدين عند التخطيط لروتين حياتهم أن يركزوا على طلبات واحتياجات الأبناء، وهناك نقاط مهمة أجد على الوالدين التركيز عليها أيضا لزرع روح الاحترام والتعاون والالتزام بالقوانين المنزلية وذلك من حيث تناول وجبة الطعام في وقت محدد وعلى مائدة واحدة، وتشجيع الطفل على استغلال مهاراته واستغلالها بطريقة صحيحة، إعطاء الطفل وقتا كافيا ومعقولا للعب معهم يوميا، والاستماع لهم ومشاركتهم آراءهم، ومعاملتهم باحترام لكي نجني ثمار المعاملة الحسنة.

المعايير والأسس

الدكتور ناصر بن حمد بن ناصر (أبو حمد) أوضح قائلا: تختلف المعايير والأسس التي يمكن من خلالها أن نتمكن من خلق جيل مبشر بمستقبل واعد، فأنا من الممكن أن أتخذ من الموروث أداة يدمج فيها القديم بالجديد بشكل يواءم إفرازات الحداثة، فلا يمكن فرض كل أشكال الوصايا والتربية القديمة على ناشئة هذا الجيل، لأنك بهذا المنهج سوف تخلق جيلا متمردا على هذه المنهجية يسانده الصواب من الواقع المعاش، حيث إنك تجبره على ما يرى أنها رجعية في زمن العولمة والتطور التكنولوجي والعصر الرقمي، إذا فالمزج في منهج التربية بين الحداثة والموروث بشكل واقعي هي الأساس الأنجح لخلق هذا الجيل الجديد.

التوجيه مهم جدا

كما يقول (أبو محمد) كامل بن محمد بن جمعة البلوشي: يجب أن يربى الطفل على مكارم الأخلاق، حيث يكون محافظا على أمور دينه كمحافظته على أداء الصلاة في أوقاتها، وتعويده على الصوم منذ الصغر وفي السن الذي يكون فيها قادرا على الصيام، ومن ناحيتي أسعى لتكوين شخصيته باصطحابه معي في المناسبات ومجالسة كبار السن ليتعلم من خبرتهم في الحياة.

والأهم هو تهيئة البيئة المناسبة للتحصيل الدراسي، وذلك من حيث اختيار مدرسة جيدة المستوى، وذات سمعة جيدة وحسنة في حال التحاقه بمدرسة خاصة، وعلينا كآباء توجيه أبنائنا لمصاحبة الأخيار والابتعاد عن أصدقاء السوء، ومهم جدا متابعتهم عند استخدامهم للشبكة العالمية للمعلومات، وبالنسبة لأسبوع الطفل الذي يحتفل به، فإنني أعتبر جميع الأسابيع هي للطفل الذي يجب الاهتمام به ومراعاته وتوفير متطلباته الضرورية.

قيم الأخلاق

أفراح بنت أحمد الزدجالية (أم مزاين) تقول: أسعى لتربية أبنائي على غرس مبادئ الدين الحنيف في قلوبهم، فأطفالنا نعمة من الله تعالى لذا علينا أن نحافظ عليهم ونحن مسؤولون عنهم أمام الله، والمحافظة تكون بتعليمهم قيم الأخلاق، المحبة، زرع الثقة في نفوسهم حتى يعتمدوا على أنفسهم ويكونوا بقدر المسؤولية أيضا، لأنهم سيربون من بعدنا أجيالا وهكذا تمشي الحياة. وإذا تأسس الطفل على هذه المبادئ فلا خوف عليه، طبعا مع مراقبة الأهل لهم.

تكاتف الوالدين

كما تقول رضيه بنت خميس العجمية ممرضة قانونية أولى بمدرسة إكلينيكية وأم لثلاثة أطفال اكبرهم خمسة سنوات وأوسطهم أربع سنوات وأصغرهم سنة ونصف، للتربية الصحيحة أسس كثيره لترسيخها نحتاج إلى ذكاء الوالدين وقوة تحملهم وهدوئهم، وفي رأيي أهمها ضرورة بناء علاقة حميمية مع الطفل، احتضانه، وإشعاره بالعطف والحنان وليس الاعتماد على المربيات الأجنبيات في ذاك بالرغم من وظيفتي ولكن أفضل الاعتناء بأطفالي بنفسي في كل شيء، وأيضا تكاتف الوالدين معا ضروري جدا ف التربية لأن الأم بطبيعة حالها عاطفيه متقلبة المزاج بينما الأب عقلاني في كثير من الأحيان، ومن الضروري أن يكون للوالدين وجهة نظر واحدة لعدم تشويش أفكار الطفل بوجهات النظر المختلفة، وأرى بناء الطفل على مبادي الإسلام وحفظ القرآن ومبادئه منذ نعومة أظافره مهم جدا، فتعليم وتحفيظ الطفل أخلاقيات الإسلام وأدعية دخول الخلاء، تناول الطعام، ركوب الحافلة، وغيرها تعليم الطفل الصلاة والصيام والتصدق تنمي في الطفل الأخلاق الحسنة التي سيجني ثمارها عندما يكبر وعلى هذا الأساس كان اختياري لحضانة أطفالي مهم جدا لتنمية هذه الأخلاق وتحفيزها، وهناك نفطة مهمة أيضا وهي مبدأ الاعتماد على النفس في تخليص احتياجاته الخاصة ومساعدة الآخرين وخاصة المحتاجين فهذه أخلاق سامية أحاول أن أنميها في أطفالي، كما حب واحترام الوالدين خاصة والأهل والأقارب عامة مبدأ أساسي وأتمنى من الأطفال أن يتعلموا ضرورة تقبيل الوالدين في كل صباح ومساء ضروري وأكملت ممازحة بقولها: (بس الله يهديهم العناد غلاب)، حيث عمر أطفالي هو عمر التمرد والعناد والاستكشاف لذلك مهم جدا التغاضي وكتم الغيظ والاستغفار كثيرا نقطة مهمة جدا من مبدأ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته لذلك المحافظة على صحة وسلامة الأطفال ضروري جدا ويتدرج معه أيضا إطعام الأطفال الأكل الصحي والاعتماد على الطبخ المنزلي والابتعاد عن الوجبات السريعة المضرة وعلينا أن نحذر أطفالنا منها.

وعن يوم الطفل تقول رضية: بالنسبة لي بصراحة أول مرة أسمع عن يوم الطفل ومع ذلك أحب أن أوضح أن كل أيامي وساعاتي ولحظاتي هي لأبنائي، فأنا يوميا أحتفل وألعب وأطلع معهم وأهديهم هدايا تفرحهم، فلا أرى أن يوم الطفل يفرق معي في الموضوع.

إعطاء الفرصة للطفل

سعود الوردي يقول: من الأسس التي أرى أنه من خلالها نجني جيلا بنيته قوية وناجحا: إتاحة الفرصة للطفل لكي يفكر ويعبر عن رأيه، القدوة الحسنة، ونشأته على مبادئ الإسلام، قراءة القصص التعليمية الهادفة حيث لها أثر على تفكير الطفل، وبخصوص يوم الطفل لم تخطر هذه المناسبة على بالي، لكنني أراها مهمة حيث يكتسب الطفل خبرات جديدة لحياته، ومن المهم جدا غرس مبادئ القيم الإسلامية فيه، والتشجيع المستمر له بتطوير ذاته.

الرعاية والاهتمام

تقول ميس بن سعيد: أنا جدا سعيدة بطفولتي مع أسرتي، وخصوصا أنني أعيش في بلد به كل شيء متوفر، ويكفي أننا نعيش في أمان وليس هناك ما ينغص طفولتنا والحمد لله، ومن ناحية التربية أرى على الوالدين أن يمنحا أبناءهم الحب والحنان والعطف، ورعايته والاهتمام به جيدا، ومن حق الطفل أن يلعب وله حق التعليم، والمشاركة فالحياة، وأرى أن الرابطة القوية بين الطفل ووالديه مهمة جدا، وعلى الوالدين أن لا يميزا بين الإخوة، ويجب إعطاؤنا الحق في التعبير عن رأينا بحرية.

تنمية مواهبنا

كما تقول مريم بنت سلطان في ظل حضرة صاحب الجلالة سلطان حفظه الله وبفضل من الله الذي أنعم علينا بحاكم مثل بابا قابوس أرى أننا نعيش طفولتنا بسعادة ودون الشعور بالنقص والخوف من المستقبل، ويعود الفضل أيضا للوالدين حيث إنهما لم يقصرا معي في شيء الحمد لله، ومن ناحية حقوقي أرى من حقي الشعور بالأمان والحماية، والحق في تنمية مواهبي وقدراتي العقلية والبدنية، ولي الحق أن تحترم طفولتي وتوفر أنشطة الترفيه والاستجمام لنا، والحق في الحفاظ على كرامتنا، وأن نحصل على المساعدة القانونية في حال لو فقد أحد منا حقوقه.

علم النفس

وحول تربية الطفل وكيفية الاهتمام به التقينا الدكتور عبد القوي الزبيدي أستاذ علم النفس بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس ليوضح القواعد الإيجابية في تربية الأطفال، أوضح قائلا: تربية الأطفال مسؤولية كبيرة وتحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت، ولأهميتها فقد اهتمت بها الدراسة الكثير من العلوم في الطب وعلم النفس والاجتماع، كما أن سياسات الدول وخططها تركز على التربية السليمة للأطفال على أسس إيجابية، وفوق ذلك هناك الكثير من التوجهات في الكتاب والسنة تحض على الاهتمام بالتربية الصحيحة للأطفال، وسنتناول بعض القواعد الإيجابية لتربية الأبناء ومنها: عدم انتقاد الطفل على أخطائه، ويمكن الاستفادة من أخطاء الأطفال لتتوجيهم والسعي نحو بناء شخصيتهم، مبتعدين عن التركيز على جوانب الضعف عندهم، وعندما نتحدث عن الطفل سواء في حضوره أو غيابه نتحدث عن محاسنه ونبتعد عن ذكر مساوئه، علينا أن نعلم أن هناك فروقا فردية في جوانب النمو المختلفة بين الأطفال في العمر الواحد في النمو، قد تصل أحيانا إلى ثلاث أو أربع سنوات، وبالتالي لا يصح أن نقارن طفلا بطفل آخر في القدرات والتحصيل، ولكن يمكن مقارنة أدائه الحالي بأدائه السابق، من الضروري توفير مواقف تربوية فيها نوع من التحدي المناسب لقدرات الطفل العقلية، ولهذا لا بد من توفير الألعاب والأنشطة التعليمية التي توفر هذا التحدي على أن تتصف هذه الألعاب والأنشطة بالمتعة والحيوية، كما ذكر الدكتور موضحا أن الكثير من سلوك الأطفال يتم اكتسابه عن طريق القدوة؛ ولذلك يجب الحرص على توفير القدوة الجيدة ويكون هناك تجانس بين الأفعال والأقوال، فالطفل يتعلم من الأفعال أكثر مما يتعلم من التعليمات والأوامر، علينا أيضا وضع قواعد معينة لتنظيم السلوك المطلوب من الطفل وكذلك أن نوضح له الإجراءات التي يتبعها لتنفيذ هذا السلوك، وكذلك أساليب التعزيز التي تقدم له عند قيامه بالسلوك وأساليب العقاب التي ستستخدم عند عدم الالتزام، الاتسام بالحزم والتسامح وعدم والتشدد ومعاملة الأطفال بطريقة تسمح لهم ببناء شخصيتهم والتعبير عن استقلاليتهم وعدم استخدام القسوة في المعاملة تساعد على تنشئة أبناء قادرين على التعبير عن آرائهم دون الخوف من العقاب أو الإيذاء. عندما نقوم بتعليم الطفل قواعد السلوك يجب أن نكثر من أساليب الإقناع والحوار والتوضيح بعيدا عن التهديد، حتى يقتنع بما يقوم به من سلوك . إن أسلوب الحزم يتطلب من الآباء التعبير عن محبتهم للطفل من خلال الكلمة والسلوك، تعويد الأطفال على تنظيم وإدارة وقتهم بشكل جيد فيكون هناك مواعيد للاستيقاظ، والنوم، وتناول الطعام، وأداء الواجبات المدرسية واللعب، وذلك حتى يتعود على النظام ويسهل عليه الالتزام بهذه الأمور، يجب احترام الطفل مهما كان الشعور السلبي نحوه، فإن الأبوين مصدر الأمان والاحترام بالنسبة له، وعندما يحدث العكس فإن الطفل قد يفقد إحساسه بالأمان.

إتاحة الحرية للطفل حتى يشعر بإنسانيته وفرديته واعتباره كيانا مستقلا حتى يزداد ثقة بنفسه، وعلينا أن لا نلزمه بكل ما نحب أو نكره وذلك في حدود المسموح به، وأخيرا علينا أن نعلم أن بناء الثقة والتوقعات الإيجابية من الأطفال يزيد من دافعيتهم ورغبتهم لإنجاز الأعمال الموكلة لهم.