abdullah
abdullah
أعمدة

رماد : ملف الطموح

25 يناير 2017
25 يناير 2017

عبدالله المعمري -

دخل مكتب المدير وهو يحمل ملف فكرة في طابعها الحداثة وإن كانت لم تطرح من قبل، في ذلك الملف كافة المعلومات التي يحتاج إليها المدير عن تلك الفكرة التي تتطلب منه اعتمادها لتصبح مشروعا ذا فائدة، كان الطموح يغلف ذلك الملف، بل ويفوح منه عطر التفاؤل لتحقيق الفائدة المرجوة للمستفيدين منه، ولكن.. ماذا حدث، ما هو مصير ذلك الملف؟ استمهله المدير وقال بنبرة صوت هادئة: اتركه هنا وسنرد عليك، وانصرف.

تمضي الأيام وهو ينتظر اتصالا من ذلك المدير، يناديه للحضور إلى مكتبه لمناقشته، لتدارس الفكرة، أو شرح محتواه، أو حتى الرد بالرفض إن لم يكن بقبول الفكرة، ولكن كل هذا لم يحدث، بل استمر في الانتظار طويلا، ذلك أن الملف صار سجين أدراج المدير.

بعد مدة من الزمن الطويل، الذي قارب الخمسة أشهر، قرر الذهاب إلى المدير وسؤاله عن الملف، وماذا حدث له، وماهو الجديد حول محتواه والفكرة التي هي جديدة ومفيدة. دخل إلى مكتب المدير، ألقى التحية، ثم طرح عليه السؤال: حضرة المدير ماذا حل بالملف الذي قدمته لك؟ لتكون المفاجأة الصادمة، أي ملف تقصد؟ هكذا رد المدير، فأخذ يشرح له ويذكره، فيقوم المدير من على كرسيه إلى خزانة في آخر مكتبه، يفتح أحد أدراجها، فيخرج ملفات متراكمة، ويقول: أي ملف هو لك؟، فيحدد له الملف الذي تفوح منه مزيج رائحة الحبر مع الغبار، ليرد عليه المدير من جديد، حسنا اذهب وأرد عليك بعد النظر فيه.

يخرج وهو في نفسه شيئ من الأمل والتفاؤل مع أن نسبتهما لا ترتقي بأن تجعله متفائلا، لينخفض مستوى طموحه وخطواته أثقل مما كانت عليه في أول مرة دخل فيها وفي يده الملف. مضت الأيام وتلتها الشهور، ثم عاود الكرة مرة أخرى، لم يتغير المشهد عما كان عليه في السابق سوى في أمر واحد وهو مكان حفظ الملف، من الدرج في تلك الخزانة، إلى درج في أسفل مكتب المدير.

هذه المرة خروجه كان أكثر تفاؤلا، ليس لأن الملف قد حظي بمناقشة أو قراءة من المدير، بل لأنه وجد حلا آخر لفكرته وتحقيقها في حمل ملفه وتقديمه لجهة أخرى تحتضن الأفكار، جهة خارج وطنه، ذلك أن خدمة البشرية لا تحدها حدود، فحقق ما فكر به وسافر، وقدم الملف الذي نوقش فيه في حينه، لترى الفكرة النور، ويتحقق الطموح في خدمة الشريحة المستفيدة من الفكرة، ليُحتفا بصاحبها في حفل يليق به كمفكر.

[email protected]