منوعات

مدينة فينيسيا الأفريقية بالسنغال مهددة بالغرق بسبب التغير المناخي

27 يناير 2023
27 يناير 2023

داكار "د.ب.أ": سانت لويس مدينة ساحلية كائنة شمالي السنغال، وكثيرا ما يطلق عليها لقب" فينيسا أفريقيا"، غير أنها تواجه الآن خطر الغرق بالسيول.

ويعلم بامبا ديوب وهو صائد أسماك، جيدا أن الأعاصير المدمرة تحدث بشكل متكرر بوتيرة أسرع من السابق، وتصبح أكثر قوة بسبب التغير المناخي.

والمكان الذي يجلس فيه تغمره من آن لآخر، أمتار من المياه المتدفقة من المحيط الأطلسي.

ويقول ديوب إن كثيرا من السكان فقدوا كل ما كسبوه، في فيضان المياه على مدى السنوات الماضية، وفي عامي 2018 و2019 و2020، اكتسحت المياه عشرات المنازل إلى داخل المحيط، ليصبح المئات بلا مأوى.

وتم العام الماضي إقامة سد بطول عدة كيلومترات، من أجل حماية المنطقة، من ضربات العواصف في شبه جزيرة لانج دي بارباري الرملية، حيث توجد ضاحية سان لويس لصيد الأسماك.

ويضيف ديوب إن السد وفر الحماية للسكان، مؤكدا أنه لا يخشى العواصف، عير أن أنقاض المنازل التي دمرتها الفيضانات تلوح خلفه كنذير.

وتتعرض السواحل السنغالية بأكملها للتآكل، وارتفعت مستويات مياه البحر بسبب التغير المناخي، وأخذت تبتلع أجزاء من الساحل وتتقدم إلى داخل الأراضي، بمعدل يصل إلى مترين كل عام، وفقا لتقديرات الاتحاد الأوروبي.

بينما يشير تقرير للبنك الدولي، إلى أن أكثر من نصف سكان السنغال التي يبلغ تعدادها 18 مليونا، يعيشون على خط الساحل الممتد بطول 700 كيلومتر، كما أن نحو 70% من إجمالي الناتج الاقتصادي للبلاد يتركز في مناطق الساحل.

وتفوح رائحة الملح والأسماك في سان لويس، الكائنة بين النهر والبحر، ويقع قطاع من المدينة في شمالي السنغال، وهو مدرج في قائمة التراث العالمي، على جزيرة يحدها من جانب نهر السنغال، والجانب الآخر مفتوح على المحيط الأطلسي.

ولا يخطر على ذهن ديوب على الإطلاق مغادرة المدينة، رغم المصاعب ورغم تشقق راحة يده من المياه المالحة، ومن معالجة الخشب الذي تصنع منه القوارب، ومن التعامل مع شباك الصيد المصنوعة من خيوط النايلون، ويتشبث بالبقاء مثله كثيرون من سكان المدينة التي يبلغ تعدادها 200 ألف نسمة. رغم ارتفاع منسوب مياه البحر.

وتبدو مدينة سان لويس وكأنها عالم بعيد عن قرية ديوجوب، التي استقر فيها كثير من السكان الهاربين من الفيضانات، ليعيشوا في مخيم مرتفع الحرارة مقام على أراض رملية.

وعلى المدى الطويل من المنتظر بناء منازل جديدة لجميع سكان المدينة، من خلال برنامج يساهم فيه البنك الدولي والحكومة السنغالية، ويهدف إلى تأهيل سان لويس للاستعداد للتغير المناخي ولكل تداعياته.

غير أن السكان النازحين الذين أعيد توطينهم داخل قرية الخيام المتربة، واجهوا صعوبات في التكيف مع طرق المعيشة الجديدة، وفي هذا الصدد تقول مريم داي، وهي واقفة على شاطىء سان لويس محاطة بأبناء عمومتها وأطفالها، "تلك القرية حارة للغاية وبعيدة جدا بحيث يتعذر بيع الأسماك فيها، والحكومة لا تولينا الرعاية الكافية".

وغادرت مريم وعائلتها قرية ديوجوب وعادوا إلى منازلهم في سان لويس، وكان أفراد العائلة يعيشون قبل الفيضانات في 12 غرفة، والآن أصبحوا يعيشون في خمس غرف فقط نجت من طغيان المياه.

والتهديد الذي تواجهه سان لويس ليس جديدا، فسبق أن وجهت الأمم المتحدة تحذيرات بشأن الأوضاع في المدينة، منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، ويوضح لاتير فول نائب عمدة المدينة قائلا، "عقد مؤتمر دولي كبير في سان لويس عام 2009، غير أن الاستجابة لتوصيات المؤتمر كانت بطيئة".

ويضيف فول إنه تم بناء سور حجري على الساحل لحماية سكان المدينة، ولكن لا تزال سان لويس تبحث عن التمويل اللازم لإقامة سد أكثر استدامة واستقرارا.

وهناك مزيد من المشكلات التي تسهم في زيادة حجم التهديد لسلامة سان لويس، ومن بينها قناة تصريف لنهر السنغال، تم شقها عام 2003، ما بين عشية وضحاها في حقيقة الأمر، تحسبا لاقتراب الفيضان، ولكن حجمها ظل يتسع مما أدى إلى خلخلة التوازن بين المياه المالحة والعذبة.

ويعلق معمر جاي وهو مهندس متخصص في القوى المائية ومن سكان سان لويس، على إنشاء هذه القناة قائلا، " هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه كان لا ينبغي شق هذه القناة بدون إجراء دراسات مسبقة".

بينما يقول أحمد سينيه دياجني عمدة قرية دون بابا جاي، إن قناة التصريف الإضافية للنهر هذه، أدت إلى اختفاء قريته.

ويشعر دياجني 60 عاما بالغضب، عندما يفكر في ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض، ولكنه يبذل كل ما في وسعه لتغيير هذا الاتجاه، حيث يقوم بلا كلل بزراعة أشجار المانجروف، لمقاومة تجريف التربة، ولاستعادة بعض الأراضي التي التهمها النهر كما يأمل.