منوعات

حدائق الحيوانات تتعرض لانتقادات ومطالب بالحد من أعدادها

27 مايو 2022
27 مايو 2022

إرفورت (ألمانيا) «د.ب.أ»: منذ عامين شعر كل فرد في مدينة إرفورت الألمانية بالحماس والبهجة، عندما وضعت أنثى الخرتيت مارسيتا وليدا.

كما شعر المشرفون على حديقة الحيوان بالسعادة، ونظموا استطلاعا للرأي يسمح للسكان بالإدلاء بأصواتهم لاختيار اسم للخرتيت الصغير الثاني الذي أنجبته مارسيتا.

وبعد مرور عامين أصبحت مارسيتا حاملا مرة أخرى، غير أن الوليدة الأنثى السابقة وأخاها الصغير الذي أطُلق عليه اسم تايو، لم يكن في استطاعتهما الترحيب بالقادم الجديد، حيث نفق كلاهما بشكل فجائي في غضون يومين.

ولم يتضح سبب نفوق الخرتيتين الصغيرين، وجاءت وفاتهما بمثابة ضربة للعاملين بالحديقة، وأيضا لبرنامج دولي لاستيلاد الحيوانات في الأسر كانوا ينفذونه.

وتولت المديرة سابين ميرز الإشراف على حديقة حيوان إرفورت، في وقت لم تنجب فيه الحيوانات طوال سبع سنوات.

وتقول المديرة ميرز وهي طبيبة بيطرية متمرسة، إن الطاقم العامل معها اتخذ بعض الإجراءات، غير أن الأمور آلت إلى نهاية مغرقة في الحزن.

وتعمل حديقة حيوان إرفورت في إطار الرابطة الأوروبية لحدائق الحيوان والأحياء المائية، إلى جانب البرنامج الأوروبي لاستيلاد الحيوانات من أجل الحفاظ عليها من الانقراض، والذي يشمل استيلاد الخراتيت.

ويقول أخيم يوهان مدير حديقة حيوان «ناتور زوو» بمدينة راين بالغرب الألماني: إن الرابطة الأوروبية تضع في أولوياتها الحيوانات، التي يعتقد العاملون بالحدائق أن «لها دورا وأهمية يتجاوزان مجرد التواجد داخل حدائق الحيوان».

كما تسعى الرابطة إلى تكوين مجموعة من الحيوانات كنوع من الاحتياطي، بخلاف تلك التي تتجول في البرية، برغم أن مدير الحديقة يقول: إنه لا يجب أسر أي حيوان هذه الأيام لوضعه داخل حديقة.

غير أن المخاوف تتزايد بشأن معدلات انقراض الحيوانات في مختلف أنحاء العالم، وهنا يدور التساؤل: هل تفعل حدائق الحيوان بما فيه الكفاية، للإسهام في الأبحاث والحفاظ على الأنواع، وبالدرجة التي تبرر وضع الحيوانات في الأسر ؟

ويرد المنتقدون بالنفي، مشيرين إلى أنه يتم جلب مزيد من الحيوانات إلى الحدائق، مقارنة بما يتم إطلاق سراحه منها، مع استمرار معدلات انقراض الكائنات الحية.

وفي هذا الصدد تقول إيفون فورز التي تعمل في إطار جمعية «بيتا» لحماية الحيوان: «تفخر حدائق الحيوان على الدوام بإسهامتها المفترضة في حماية الأنواع، ولكن كل ما تفعله برامج الاستيلاد أساسا، هو إنتاج مجموعة من الحيوانات بغرض عرضها على الزوار».

وتضيف فورز: إن حدائق الحيوانات تعتني في الأساس، بالحيوانات الصغيرة اللطيفة التي تجذب زوارا كثيرين.

بينما يقول يوهان: إن الحيوانات ونسلها تقوم بدور مهم في عملية التعليم الذي تقدمه حدائق الحيوان، فمثلا نجد أن حيوانات الكنغر في حديقة راين أصبحت موضوعا يُدرس في مدرسة الحديقة.

ويوضح أن هذه التجارب الحية على أرض الواقع التي يعهدها الزوار في الحديقة، تعني أن الأطفال يمكنهم أن يشهدوا كيف تتفاعل الحيوانات مع بعضها البعض، وما هي إجراءات تربية حيوان صغير.

غير أن فورز تجادل بأن الصغار يمكنهم أيضا أن يخوضوا ذات التجارب، عن طريق التوجه للغابة المحلية، وبناء مأوى للحشرات أو القيام بجولة ليلية لرؤية الخفافيش.

وهي ترى أنه لا يجب الحفاظ على الحيوانات الغريبة في الأسر، بغرض توليد مشاعر التعاطف والفهم.

ومن ناحية أخرى يحاول أيضا عالم الأحياء البحرية والناشط في مجال رعاية الحيوان روبرت مارك ليمان، أن يقنع الناس بأن اصطحاب الأطفال إلى حدائق الحيوان، يملأ عقولهم بالأفكار الخاطئة تماما.

ويرى ليمان أن الحال ينتهي بالأطفال، أن يحصلوا على قدر أقل وليس أكثر من المعلومات، بعد زيارة حديقة للحيوان أو للأحياء المائية.

ويشير فولكر هومز رئيس رابطة حدائق الحيوان بألمانيا، إلى أن الأشخاص المشاركين في تطوير برامج لاستيلاد الحيوانات، تعلموا أيضا الدروس من تجاربهم.

ويوضح أنه في الماضي كان سبب اختفاء بعض أنواع الكائنات الحية، يرجع جزئيا إلى حدائق الحيوان، فخلال الفترة بين الخمسينيات إلى السبعينيات من القرن العشرين، كانت حدائق الحيوان تمارس أسر الحيوانات والطيور، وعندما كانت الثدييات تنفق كانت الحدائق تعوضها بمزيد من اصطياد الحيوانات، ويقول: «يمكننا الآن إلى حد كبير أن نخرج الثدييات والطيور من خزائن حدائق الحيوانات، ونعيدها إلى البرية».

ويطالب النشطاء بوضع نهاية لبرامج الاستيلاد في حدائق الحيوان.

كما يريدون الحد من أعداد حدائق الحيوان، أو إعادة التفكير كلية في مفهوم وجود هذه الحدائق.

وهم يقترحون الاهتمام بوسيلة التعلم واكتساب الخبرات من المواقع الرقمية، باستخدام نظارات الواقع الافتراضي، وذلك بدلا من رؤية الحيوانات بشكل مباشر في الحدائق.

وتعلق فورز على هذه الدعوة بقولها: «لن يحدث ذلك ما بين عشية وضحاها، غير انه إذا ما قررت حدائق الحيوان التوقف عن إقامة منشآت جديدة، وقامت بتوسيع الأماكن الداخلية الخالية لتسكن فيها حيوانات أخرى موجودة بداخل الحدائق، سيمثل ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح».

غير أن كل من يوهان وهومز يتوقعان أن يتم افتتاح مزيد من حدائق الحيوان في المستقبل، وليس الحد منها.

ويقول هومز: «كلما تعرضت الكائنات الحية للانقراض، كلما صارت حدائق الحيوان أكثر أهمية».