032
032
منوعات

ثلاثة أجيال من الفنّانين يبرزون القيمة الحضارية والتاريخية للقدس في معرض فني

14 يونيو 2021
14 يونيو 2021

عمّان ـ العمانية : يتضمن معرض «القدس بوابة الأرض إلى السماء» أعمالًا فنية تنوعت في مدارسها وأساليبها وتقنياتها وخاماتها، غير أنها اجتمعت على إظهار جماليات مدينة القدس، وإبراز قيمتها الفنية الحضارية والتاريخية، خاصة في ظل الظروف الراهنة والتحديات التي يعيشها الفلسطينيون بسبب الاحتلال.

المعرض الذي يحتضنه جاليري رؤى للفنون في عمّان، تشارك فيه أعمال لفنانين تشكيليين أحياء وراحلين، يمثلون ثلاثة أجيال: الرواد، والجيل الذي يليهم، وجيل الشباب. وتحمل الأعمال المعروضة أسماء: إبراهيم الخطيب، وياسر الدويك، وآية أبو غزالة، وجهاد العامري، وحسني أبو كريّم، وداليا علي، ورائد القطناني، وعبد الحيّ مسلَّم، وعماد أبو شتيّة، وغازي انعيم، ومحمود صادق، ورفيق اللحام، وهاني الحوراني، وسلام كنعان.

في أعماله، يشتغل إبراهيم الخطيب على خامات تتنوع بين القماش والخشب وبمساحات متباينة لونيًّا وتكوينيًّا، إذ يزدحم سطح اللوحة بالأشكال العمرانية المتداخلة التي تجسّد معالم متنوعة لمدينة القدس، مركّزًا على ثيمة المساجد والكنائس، وهو يجمع هذه الوحدات المزدحمة ليُبرز جماليات المتناقضات التي يجتمع فيها المشهد العادي بالمشهد الفني، والأرضيّ بالروحاني... هذا التداخل نراه كذلك في لوحات ياسر الدويك التي تنحو نحو التصوير العمراني الواقعي للمدينة مع ترك ظلال وانعكاسات لونية تصنع ما يشبه الهالة التي تحتضن المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهي تجمع كذلك بين القدس التاريخية بأسوارها القديمة والمدينة الجديدة التي تعدّ امتدادًا لها.

أما التشكيلية آية أبو غزالة، فتستعين بالألوان المائية مقدّمةً أسلوبًا يجمع بين الواقعية والتجريد، إذ تظهر قبة الصخرة محاطة بظلال لونية داكنة تشير إلى ما تتعرض له المدينة من حملات لتهويدها، لذا تعتمد الفنانة مزج الألوان القاتمة مع ترك مساحة من الأمل تظللها بألوان الأزرق الفاتح والرمادي... هذه اللمسات التجريدية تتكرر في أعمال جهاد العامري الذي يعتمد على الخطوط الطولية الغامقة التي تشكّل تجسيدًا لقبة الصخرة مع ألوان من الأخضر وتدرجاته تحيط بالمكان. أما حسني أبو كريّم فيتجلى في أعماله المزج المدروس بين الألوان المائية القاتمة، مع اعتماد الأسوَد لإبراز مفردة قبة الصخرة.

وترسم داليا علي بالأكريليك معتمدةً الألوان المشرقة من الأصفر المشعّ والأخضر والبني الفاتح، ما يجعل أعمالها ممتعة بصريًّا، وتكويناتها واضحة ومجسّدة ضمن طبقات لونية ثرية في ملمسها وفي منظرها، إذ تتجلى الطبيعة وتظهر المباني التي تنعكس عليها أشعةُ الشمس، كما تبرز هندسة الأبنية والتضاريس التي تجعل المدينة المقدسة مصدرًا للإلهام.

من جانبه، يتجه رائد القطناني إلى الألوان الشمعية، مُنجزًا لوحات تعبيرية قوية تظهر فيها مفردات متنوعة من التراث الشعبي وحياة الناس وآمالهم، كلوحته التي تصوّر بابًا خشبيًّا عُلِّقت عليه من الداخل كوفية فلسطينية ويجاوره مفتاح يرمز إلى حق العودة، ومن شقّ الباب تظهر التفصيلات العمرانية لمدينة القدس، في دلالة على مفردة البيت بما تمثله من معاني الحفاظ على الوطن والتشبّث به.

أما أعمال الفنان الراحل عبد الحي مسلَّم فتجسّد مفردات من حياة البيئة الفلسطينية وتراثها، مبرزةً جماليات القرية الفلسطينية من خلال الأزياء، كالثوب المطرز للنساء والقمباز أو الثوب الطويل للرجال، وأطباق القش، وبيارات البرتقال. ويمزج الفنان في إنجازها بين نشارة الخشب والغراء، صانعًا الأشكال النافرة على سطح اللوحة قبل نحتها وتلوينها.

ويقدم عماد أبو شتيّة لوحات تقارب البورتريه للمرأة الفلسطينية، مشتبكًا مع الواقعية التعبيرية ومعتمدًا اللون الأحمر وتدرجاته. وعلى المنوال نفسه، يقدم غازي انعيم بورتريهًا للمرأة الفلسطينية بزيّها الفلاحي التراثي وثوبها المطرَّز، وهو يعمد إلى التعامل مع الظلال بشكل إيحائي يُبرز نظرات الحزن والانكسار بسبب ما تتعرض له أرض فلسطين.

أما الفنان محمود صادق، فيتعامل في لوحاته المعروضة مع الألوان الشمعية باحترافية، متناولًا موضوعات إنسانية يقدمها من خلال التشخيص وبعض اللمسات التجريدية، وتتعدد في أعماله (الموتيفات) لتصوّر المرأة الفلسطينية في حالاتٍ عدة، وتقدّم العلم الفلسطيني بألوانه الدالّة.

هذا التجريد يتجلّى أيضًا في لوحات شيخ الفنانين الأردنيين رفيق اللحام، الذي يعتمد فيها التخطيطات بالأسود لمباني المدينة مع خلفية حمراء موحية. ومن جانبه، يقدم هاني حوراني دمجًا ما بين التصوير الفوتوغرافي لمدينة القدس والتخطيطات اللونية المضافة لها. أما الفنان سلام كنعان فتقترب أعماله من الواقعية التعبيرية، وهي تتمحور حول رمزية شجرة الزيتون ودلالتها المرتبطة بالتمسك بالجذور، بينما تظهر المدينة المقدسة خلف الأشجار وكأنها تحتمي بها.

يشار إلى أن المعرض يستمر حتى 8 أغسطس 2021، ويُخصَّص جزء من ريع اللوحات لدعم قطاع غزة.