مخطط لمشروع مدينة نيوم الصناعية  المدعومة بالطاقات المتجددة
مخطط لمشروع مدينة نيوم الصناعية المدعومة بالطاقات المتجددة
عمان اليوم

آفاق واسعة للتعاون في مشاريع الطاقة المتجددة وإيجاد اقتصاد أخضر ومستدام

05 ديسمبر 2021
التزامًا بمكافحة التغيير المناخي
05 ديسمبر 2021

- ترحيب عماني سعودي بتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أقرّته مجموعة العشرين من خلال التقنيات المتاحة

- مواكبة البلدين أحدث التقنيات يضعهما ضمن أول ثلاثة دول عربية في استثمار الهيدروجين

- "محطة عبري للطاقة الشمسية" بداية الشراكات الناجحة في مجال الطاقة المتجددة

تضع كل من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية أهدافًا طموحةً لزيادة مساهمة مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة في مزيج الطاقة الخاص بها، كجزء من مسؤولياتها لدعم مكافحة التغيير المناخي وتنويع اقتصاداتها وتلبية للزيادة المتوقعة في الطلب المحلي والعالمي على الطاقة. وبالرغم من كونها منتجًا عالميًا رائدًا للنفط ومصدرة له منذ عام 1939، أدركت المملكة مبكرًا أهمية تبني حلول الطاقة المتجددة والنظيفة وقد حرصت على تضمين ذلك في رؤيتها المستقبلية لعام 2030 التي تستهدف أن تمثل حصة الغاز ومصادر الطاقة المتجددة 50 بالمائة لكل منهما في مزيج الطاقة. في حين وضعت سلطنة عمان هدفًا يتمثل في أن تساهم مشروعات الطاقة المتجددة في إنتاج ٣٠ بالمائة من إجمالي توليد الكهرباء بحلول عام ٢٠٣٠.

ومع تشارك الرؤى والتطلعات، يسعى البلدان الصديقان إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، وهو ما أكدت عليه الزيارة السلطانية الأخيرة في يوليو المنصرم التي وجهت بالقيام بدراسة فرص الاستثمار المتبادل في مشاريع الطاقة والطاقة المتجددة إلى جانب العديد من الصناعات الأخرى. كما رحب الجانبان من خلال البيان الختامي للزيارة بتعزيز التعاون حول تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أقرّته مجموعة العشرين من خلال التقنيات المتاحة وأهمية تبني مصادر الطاقة المتجددة وتقنياتها، وذلك لإسهامها في استدامة إمدادات الطاقة عالميًا.

ولا يعد الحديث عن الشراكة في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة بين البلدين طرحًا حديثًا، حيث تمتلك المملكة أسهم بنسبة 50 بالمائة في شركة شمس الظاهرة لتوليد الكهرباء والمطورة لمحطة عبري للطاقة الشمسية الكهروضوئية، التي تعد أكبر محطة من نوعها بالسلطنة كونها قادرةً على توليد 500 ميجاوات من الطاقة المتجددة يوميًا أي ما يكفي لتزويد ما يقدر بحوالي 50 ألف منزل بالكهرباء. وقد بدأت المحطة التشغيل التجاري يوم 6 من أغسطس الماضي. وتتألف المحطة من حوالي 1.4 مليون لوح شمسي ثنائي الوجه، وتمتد على مساحة 13 مليون متر مربع بولاية عبري بمحافظة الظاهرة، وتبلغ تكلفة حوالي 150 مليون ريال.

ريادة في قطاع "الهيدروجين"

وفي سعي البلدين لمواكبةً آخر تقنيات الطاقة المتجددة، صنفت شركة «كرانمور بارتنرز» العالمية، والمهتمة بقطاعي الطاقة والبنية الأساسية المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ضمن أول ثلاث دول في مؤشر التنافسية في مجال استثمار الهيدروجين، حيث أطلقت الحكومة السعودية أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم، وذلك في إطار رؤية 2030، حيث بدأت المملكة في بناء محطة بقيمة 5 مليارات دولار، مدعومة كليًّا بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كمشروع مشترك بين شركات سعودية وأمريكية، والمخطط تشغيلها بحلول عام 2025. ومن المتوقع أن يوفر هذا المشروع 650 مليون طن يوميًّا من الهيدروجين الخالي من الكربون.

وفي السلطنة، أسست وزارة الطاقة والمعادن في أغسطس المنصرم تحالفًا وطنيًا للهيدروجين باسم «هاي فلاي» يتألف من 13 مؤسسة رئيسية من القطاعين العام والخاص تشمل الهيئات الحكومية ومشغلي النفط والغاز والمؤسسات التعليمية والبحثية بالإضافة إلى الموانئ، التي ستعمل معًا على دعم وتسهيل إنتاج الهيدروجين النظيف ونقله والاستفادة منه محليًا وتصديره. كما تسعى أوكيو ومجموعة ديمي البلجيكية لإقامة مصنعٍ لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم باسم مشروع «هايبورت الدقم» على مساحة 150 كيلومترًا مربعًا وبطاقة استيعابية تتراوح ما بين 250 إلى 500 ميجاواط، ومن المخطط أن يبدأ تشغيله في عام 2026. كما قامت شركة ACME الهندية باستثمار واسع النطاق لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بتكلفة استثمارية أولى تقدر بنحو 2.5 مليار دولار لإنتاج 2200 طن من الأمونيا الخضراء يوميا.

مكافحة التغيير المناخي

والتزامًا بمسئوليتها في مكافحة التغيير المناخي، تقود المملكة العربية السعودية الجهود الإقليمية لتحقيق المستهدفات العالمية لمكافحة التغير المناخي من خلال مبادرة الشرق الأوسط الأخضر والتي تستهدف زراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط (من بينها 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية)، واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة عن طريق التشجير، مما يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية في العالم بنسبة 2.5 بالمائة، إضافة إلى المساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن إنتاج النفط والغاز في المنطقة لأكثر من 60 بالمائة.

وأكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي خلال افتتاحه أعمال قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في أكتوبر المنصرم أن القمة تأتي لتنسيق الجهود تجاه حماية البيئة ومواجهة التغير المناخي ولوضع خارطة طريق لتقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10% من الإسهامات العالمية. وقال: إن السعودية ستعمل على تأسيس صندوق للاستثمار في حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون في المنطقة ومبادرة عالمية تسهم في تقديم حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء لأكثر من (750) مليون شخص بالعالم ويبلغ إجمالي الاستثمار في هاتين المبادرتين ما يقارب 39 مليار ريال سعودي (10.4 مليار دولار). وأعلن ولي العهد السعودي خلال أعمال القمة عن تأسيس مؤسسة المبادرة الخضراء كمؤسسة غير ربحية لدعم أعمال القمة.

كما تم إطلاق مبادرة السعودية الخضراء لإطلاق المبادرات البيئية الجديدة للمملكة التي تهدف إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار (278) مليون طن سنويًا بحلول عام (2030م)، ويمثل ذلك تخفيضًا طوعيًا بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات. وقد بدأت المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من (450) مليون شجرة، وإعادة تأهيل (8) ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراضي محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من (20%) من إجمالي مساحتها. كما أعلن سمو ولي العهد عن استهداف المملكة العربية السعودية للوصول للحياد الصفري في عام (2060م) من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوُّعها الاقتصادي.

ولإعطاء صورة واضحة وجلية حول الشكل المستقبلي للمدن المعتمدة على الطاقة والمتجددة، أطلقت المملكة مشروع مدينة "ذا لاين" في نيوم بإجمالي مساحة تمتد لـ170 كيلومترًا، تعتمد فيه على الطاقة النظيفة بنسبة 100 بالمائة، مع الحرص على تحقيق مستقبل إيجابي للكربون. كما ستدار مجتمعات "ذا لاين" بالاعتماد الكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي وستكون مترابطة افتراضيًا فيما بينها، حيث سيتم تسخير نحو 90٪ من البيانات لتعزيز قدرات البنية التحتية في حين يتم تسخير 1٪ من البيانات في المدن الذكية الحالية. وقد بدء تطوير "ذا لاين" خلال الربع الأول من عام 2021م، إذ تشكل جزءًا مهمًا من أعمال التطوير المكثفة الجارية في مدينة نيوم، أحد المشاريع العملاقة ضمن المحفظة الاستثمارية المتنوعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي.