65656
65656
عمان الثقافي

افتتاحية

29 يونيو 2022
29 يونيو 2022

لماذا تكتب؟

ربما كان هذا السؤال أحد أكثر الأسئلة التي تطرح على الكتاب، وهو أحد أكثر الأسئلة التي يجيبون عنها وهم يقدمون شهادتهم حول الكتابة أو حول عمل من أعمالهم العظيمة والخالدة.

وتكشف الإجابات حول هذا السؤال تباينات كبيرة في رؤية الكاتب لدوره، بدءا من رؤية البعض أن للكتابة دور «رسالي» من شأنه أن ينقذ العالم من التشظي والضياع، وتذهب هذه الرؤية باتجاه أخلاقي في الكثير من الأحيان حينما شعر أولئك أن على عاتقهم مسؤولية كبيرة في إنقاذ العالم وحماية قيمه وأخلاقه من الضياع، فيما تذهب رؤية آخرين في مسار ذاتي بحت، يشعرون فيه أن الكتابة وحدها قادرة على حمايتهم من الموت، أو الغضب أو الانكسار أو التشظي الداخلي، ويعتبر بعض هؤلاء أن فكرة إنقاذ العالم ليست إلا وهما من أوهام الكتاب.

منذ سنوات طويلة جدا قال الشاعر الإنجليزي شكسبير «عندما لا تجد أحدًا يسمعك، اكتب.. فالورقة كفيلة بأن تنصت لك».

يقول رولان بارت: «أكتب لأن الكتابة تخلخل الكلام وتهز الأفراد، وتقوم بعمل نعجز عن تبين مصدره وكي أحقق اختلافاً وأنجز معالم أيديولوجية». أما إليف شافاق فتجيب على سؤال الكتابة بالقول: «الكتب أنقذتني من الغضب والجنون وتدمير الذات وعلمتني الحب». ومن يتتبع ما أجاب به مئات الكتاب من مختلف بقاع العالم عن هذا السؤال سيقف مبهورا. يقول كافكا:»الكتابة تكليف لم يُكلفني به أحد».

وفي هذا العدد من ملحق جريدة عمان الثقافي نطرح السؤال ذاته، لنستمع إلى إجابات جديدة من أجيال مختلفة في رؤيتها وفي توجهاتها.. «لماذا تكتب، وماذا تكتب». لم يكن السؤال سهلا رغم كلاسيكيته ورغم تكراره، فالبعض تهرب تماما عن الإجابة، والبعض الآخر حاول المراوغة، فيما تصدىّ آخرون للكتابة، لقول رؤيتهم التي يشعرون بها وهم يمارسون الكتابة. وحتى أولئك الذين تهربوا عن الإجابة كانوا يقولون الكثير في تهربهم وفي مراوغتهم، ففي هربهم إجابة بطريقة من الطرق.

يكتب في هذا الملف الفيلسوف الجزائري محمد شوقي الزين الذي يرى أن الكتابة علاج للكآبة، معتبرا أن المفاعيل العلاجية للكتابة موثقة تاريخيا، وهي، أي الكتاب: تنفيس عن هم أو كرب، ومداواة للكلوم بالكلام. لكن الزين يعود ويقول «إن الكتابة توفر شيئا من الخلود».

وفي حوار العدد من الروائية بشرى خلفان التي وصلت روايتها «دلشاد» إلى القائمة القصيرة في جائزة «البوكر» العربية تقول ردا على سؤال الزميلة هدى حمد: «إن هدف الكتابة يختلف باختلاف مراحل حياتي»، ولكن بشرى تخلص إلى القول: لن أستطيع العيش أو النجاة في هذه الدنيا دون كتابة».

ولا تخفي بشرى أنها ترمم نفسها بالكتابة وتواجه المرض/ الموت بها. وهذا ليس بعيدا عن رأي الشاعر العماني إبراهيم سعيد الذي رأى أن الكتاب أصبحت بالنسبة له «أكسجين الروح ووقودها».

سيجد القارئ الكثير من الإجابات التي تحاول رصد سؤال الكتابة والقبض على مساراتها من مكسيم غوركي إلى بول أوستر، وتحسين يقين الكاتب الفلسطيني الذي يكتب عن الكتابة تحت أزيز الرصاص، لتتحول الكتابة في نظره إلى هدف للبقاء الوجودي. كما يجد القارئ استطلاعا شارك فيه مجموعة من الكتاب العرب يجيبون جميعهم على سؤال الكتابة بتوجهات ومسارات مختلفة.

كما يجد قارئ الملحق مقالات عدة في الثقافة والفكر والأدب. يكتب القاص حمود الشكيلي مقالا عن القاص الراحل عبدالعزيز الفارسي، يقدم فيه قراءة في نصين قصصين صدرا بفاصل زمني طويل رغم تشابك الأحداث وتكاملهما. وتكتب عائشة الدرمكي عن «وفاء الترجمة وخيانة النص»، ويكتب إبراهيم فرغلي عن «الانتقال من الكتاب الورقي إلى الكتاب الإلكتروني»، ويراجع حمود سعود رواية «البيرق» للعمانية شريفة التوبي.

وينشر الملحق نصين شعريين الأول للشاعرة شميسة النعماني والآخر للشاعر إسحاق الخنجري، ونصا قصصيا للقاص محمود الرحبي.