رأي عُمان

وداعًا شهر الخير والعطاء

10 مايو 2021
10 مايو 2021

قبل أيام كنا نترقب إطلالة شهر رمضان المبارك، ننتظر أيامه التي تعلّمنا الصبر، ولياليه التي تحلّق بنا إلى عنان السماء حيث تتناثر الروحانيات وتعم السكينة في عمق النفس الإنسانية التي أتخمتها الحياة المدنية بالكثير من المنغصات وجرّدتها الماديات من بعدها الروحي الجميل.

وجاءت تلك الأيام ومضت سريعًا كما تمضي كل اللحظات الجميلة في هذه الحياة، وتداعى الناس فيها للتسابق على البر والتقوى وعلى فعل الخير والإحسان والشعور بالآخرين.

ورغم الظروف الاستثنائية التي صاحبت أيام هذا الشهر الفضيل إلا أن الناس استطاعوا تكييف أنفسهم وفق المعطيات الجديدة والبعد عن التجمعات التي من شأنها جلب التهلكة للنفس والآخرين، ولعبت وسائل التواصل الجديدة دورًا مهمًا في صلة الأرحام والتقارب بين الناس والاطمئنان على أوضاعهم في ظل سطوة الجائحة وما يصاحبها من أخبار مفزعة.

ومع قرب حلول عيد الفطر المبارك فإن النفوس تخطو إليه وهي أكثر إشراقًا وأكثر قدرة على التسامح والتصافي والسلام الداخلي والتصالح مع النفس قبل التصالح مع الآخرين، وهذه من علامات تحقيق أهداف الشهر الفضيل، فالصوم مدرسة متكاملة وليس مجرد الكف عن الطعام والشرب.

وعلى كل ما تحقق خلال الشهر الفضيل من تصالح مع النفس والآخر ومن سكينة وصفاء يمكن البناء لقضاء أيام العيد السعيد. فالعيد مساحة أخرى لاكتشاف أثر الصيام وأثر السلوك الذي خرج به الصائم من أيامه، فبالقدر الذي نجح فيه الصوم في تربية النفس الإنسانية وتهذيبها ينعكس ذلك على أيام العيد وعلى تعامل الإنسان فيه مع الآخرين من حوله.

كما أن أثر ذلك لا بد أن يتحقق على قدرة الإنسان على حماية نفسه وحماية من حوله من أخطار الجائحة، فالمسلم لا يرمي بنفسه إلى التهلكة ولا يتسبب في إيذاء غيره، وحتى يتحقق ذلك لا بد أن يعي الناس خطر التجمعات التي عادة ما تكون في أيام الأعياد.

وهذه أيام صعبة وستمضي والفرحة الحقيقية هي التي تدوم ولا تتسبب في حسرة تدوم طويلًا وتكدر حياة الإنسان حينما يتذكرها ويقول يا ليتني ما خطوت نحو ذلك.

حفظ الله الجميع من شر الأوبئة والجوائح وأعاد للناس تقاربهم وبهجة أعيادهم.