No Image
رأي عُمان

«موجة أولى.. ثم يأتي الوباء بالكامل»

22 يونيو 2021
22 يونيو 2021

لم يكن وعي الناس الجمعي، عندما جاء فيروس «كورونا» يدرك الكثير من السرديات والحقائق العلمية حول مصطلح «وباء» أو «جائحة» ناهيك عن الطريقة التي تضرب بها البشرية. كان العالم الجديد المنتشي بالتقدم العلمي والتكنولوجي يعتقد أن زمن الأوبئة قد ولىّ دون رجعة، ومجرد استحضاره هو استدعاء لألم بشري تجاوزه الجميع، يوم كانت الأوبئة تفتك بالبشرية وتصل إلى حد فنائها لولا لطف الله.

وأثر هذا الأمر كثيرا في قدرة الناس على التعامل مع الجائحة والإجراءات الوقائية المرتبطة بها، وصلت لدى البعض حد اعتبار هدف تلك الإجراءات الحد من حرية الناس في دول تعتبر المس بأي مستوى من مستويات حرية الناس في التنقل أو الخروج أو التجمع خطا أحمرا. لكن كل تلك الخطوط سقطت مع استمرار الجائحة في الانتشار.

وسخط الناس من إجراءات الغلق والفتح تلك الإجراءات التي بنيت على معطيات علمية «طبية» وكذلك معطيات «سياسية»، لأن الطب ليس إلا عنصرا من تلك العناصر التي كانت وما زالت تشكل قرارات الدول في التعامل مع الجائحة. رغم أن الثابت علميا أنه كلما قلت القيود زادت الحالات أكثر وتفشى المرض وتحور إلى سلالات قد تكون أكثر فتكا وانتشارا وساهم كل ذلك في تدهور الجانب الاقتصادي.

وفي مثل هذا التوقيت قبل عام من الآن كان الناس يعتقدون أننا وصلنا في السلطنة إلى «ذروة الوباء» وما بعد الذروة إلا التراجع التدريجي ثم المناعة المجتمعية! ولم يدر في علمهم أو العامة منهم على الأقل أن «هناك موجة أولى.. ثم يأتي الوباء بالكامل» كما قال عالم الأوبئة في جامعة هارفارد د. مارك لبستيتش» في البدايات الأولى لظهور الوباء وهو ما يتحقق الآن بشكل دقيق جدا. لم تكن تلك الذروة التي اعتقد الناس أنها القمة التي سينكسر فوقها الوباء إلا ذروة أولى، تبعتها ذروات أخرى حتى جاء الآن الوباء بشكل كامل. لكن حتى هذه الفكرة قد لا تكون دقيقية أمام التحورات التي يشهدها الفيروس، ما يعني أن العالم مهما اعتقد أنه قد سيطر على الأمر لا يعني ذلك أن الوباء قد انتهى! خاصة وأن الدراسات العلمية والواقع الميداني أثبت أن بعض المصابين بالفيروس لا يكتسبون مناعة طويلة منه وهذا ما يسري الآن حتى المطعمين باللقاحات وإن كانت هذه الأخيرة تحمي المصابين من الأعراض الخطيرة.

وأمام كل هذا يتجه العالم الآن إلى إيجاد بروتوكولات للتعايش مع الوباء تبدأ من الفرد نفسه الذي بات قادرا الآن بكثير من الوعي على معرفة أين يكمن خطر الوباء، مع بقاء دور الدول في فرض أساليب جديدة للحياة العامة تتوافق والحالة الوبائية. ولذلك ليس أمامنا الآن كأفراد إلا أن نحمي أنفسنا من الوباء ولا ننتظر أن تُصنع لنا الحماية سواء كان ذلك بأخذ اللقاح أو باستمرار الالتزام بإجراءات الحماية المتبعة. فالواقع الجديد يفرض علينا كل ذلك.