مسارات الاستثمار في التعليم العالي

يمكن قراءة مستقبل أي دولة عبر تقييم اهتمامها بالتعليم وتطوير أنظمته وخصوصًا التعليم الجامعي. وتضع الدول المتقدمة الاستثمار في التعليم ضمن أولى أولوياتها بيقين أنه أهم استثمار يمكن أن تستثمر فيه، ليس للحظتها الآنية فقط ولكن للمستقبل، وهو استثمار مضمون العائد دون أي شك.

وتولي سلطنة عمان اهتماما خاصا بقطاع التعليم وتطويره ما يعني أنها في الطريق الصحيح نحو المستقبل.

وأمس كشف مركز القبول الموحد عن مؤشرات القبول في مؤسسات التعليم العالي للعام الأكاديمي 2022 ـ 2023 حيث عرض المركز أمام الطلاب 27 ألفا و425 مقعدا في مختلف مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان وبعض الجامعات العالمية عبر البعثات الخارجية.

وبلغ عدد المقاعد الحكومية 16 ألفا و420 مقعدا، إضافة إلى 10 آلاف و418 بعثة ومنحة داخل سلطنة عمان، و587 بعثة ومنحة خارجية. وتغطي هذه المقاعد أكثر من 90% من الطلبة الناجحين.

وتغطي الكثير من هذه التخصصات متطلبات سوق العمل للمرحلة القادمة وهي متنوعة بين التخصصات في المجالات العلمية والتقنية وكذلك في مجالات العلوم الإنسانية التي تبقى ذات أهمية كبرى في كل المراحل.

ورغم ما يطرح من تحديات كبرى في مجال الباحثين عن عمل إلا أن التنوع في التخصصات الجامعية ذو أهمية كبرى، وهذا ما يمكن أن يقرأ في تنوع التخصصات المطروحة من قبل مركز القبول الموحد.

وأمام توجه الدولة نحو التوسع في عدد المقاعد المطروحة للطلاب كل عام، وخصوصًا في الابتعاث الداخلي ما يعني أن مؤسسات التعليم العالي الخاصة تضمن شغل المقاعد التي تطرحها كل عام، لذا يكون أمام هذه المؤسسات تحد كبير لا بد أن تتجاوزه سريعا وهو تحدي الجودة، وتحدي توفير البيئة المناسبة للتعليم العالي.

فإذا كان ضمن أهداف الدولة في مرحلة من المراحل دعم مؤسسات التعليم العالي من أجل أن تستمر وتصمد أمام التحديات فإن هذا الهدف لا يعقل أن يستمر دون أن يكون هناك تقدم أكاديمي في هذه المؤسسات؛ لأن الهدف الأسمى للدولة هو تأهيل الشباب علميا وإذا أثبتت الأيام أنه لا يتحقق في مؤسسات التعليم العالي الخاصة فإن يمكن أن يتحقق في الجامعات الدولية التي تتنافس من أجل أن تكون سمعتها الأكاديمية والعلمية في صعود مستمر؛ لذلك في الوقت الذي تستثمر الدولة في بناء الكوادر فإن على مؤسسات التعليم العالي أن تستثمر هي الأخرى من أجل تطوير نفسها وبعد ذلك تستطيع أن تفتح لنفسها مسارات لا تغلق عبر تسويق اسمها إلى الخارج.