No Image
رأي عُمان

«رفع جميع التدابير الاحترازية».. لحظة بين الفرح والألم

22 مايو 2022
22 مايو 2022

لم يكن العمانيون ينتظرون خبرا أهم من خبر «رفع جميع التدابير والإجراءات الاحترازية في جميع الأماكن ولجميع الأنشطة» الذي أعلنته اللجنة العليا بعد عامين من القرارات «الصعبة والحاسمة» التي أدارت أزمة «الجائحة» بكثير من المهنية التي جنبت البلاد الانهيار التام في المؤسسات الصحية كما حدث في بعض بلدان العالم. ورغم أن الحياة كانت قد عادت إلى شبه طبيعتها في سلطنة عمان منذ شهرين تقريبا إلا أن أهمية هذا البيان تكمن في أنه يؤكد أننا تجاوزنا اللحظات الصعبة والخطرة من الجائحة، وأن الأمل في انتهائها تماما بات أقرب من أي وقت مضى خاصة مع وعي المجتمع بالوباء وقناعته بأهمية أخذ التطعيمات وفق الخطط التي تقرها جهات الاختصاص.

ورغم أن بيان اللجنة العليا لا يعلن «انتهاء الوباء» إلا أنه لحظة مهمة للبدء في بناء استراتيجية وطنية متكاملة للتعامل مع الجوائح والأوبئة التي يبدو أن حدوثها متوقعا في أي لحظة وأن البشرية رغم كل التقدم العلمي الذي حققته ما زالت معرضة لخطر الأوبئة العالي. وقد كانت فترة الجائحة التي عمل الجميع فيها تحت ظروف صعبة فرصة مواتية جدا للخروج بمداخل علمية وفنية وعملياتية ومجتمعية من شأنها أن تساهم في بناء استراتيجية وطنية متكاملة. كما أنه مناسبة لاستخلاص الدروس المهمة التي كشفتها الجائحة بدءا من أهمية الصحة والاستثمار فيها سواء على المستوى الفردي أو على مستوى الدولة مرورا بدور انضباط المجتمعات والتزامها بالتعليمات في لحظة الأزمات والطوارئ في تجاوز اللحظات الصعبة والخطرة.

لقد نجحت سلطنة عُمان بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في التعامل مع أزمة جائحة كورونا التي تعتبر واحدة من أخطر الأزمات التي مرت بها البشرية، حدث ذلك في ظروف اقتصادية صعبة، وصراع عالمي بدا فيه الجميع باحثا عن طوق النجاة لنفسه. هذا النجاح يزرع في العمانيين ثقة كبيرة في قيادتهم وفي قراراتها السديدة.

ولا بد هنا من الإشادة بالدور الكبير الذي قامت به اللجنة العليا وهي تدير الأزمة في ظروف كانت في غاية الصعوبة، وكان كل قرار تصدره أو تناقشه يعادل حياة إنسان وسلامة مجتمع. وإذا كان البعض قد تبرم في بعض الأحيان من قرارات اللجنة فإنه الآن يستطيع تيقن مهنيتها وعلميتها وتوازنها بين السلامة الصحية وبين الاحتياجات الإنسانية.

أما الشكر الأكبر في هذه اللحظة فهو من نصيب الطواقم الطبية والطبية المساعدة التي بقيت أكثر من عامين مرابطة في الخطوط الأمامية للمعركة، كانت تسهر من أجل راحة المجتمع وكانت تتقدم باتجاه خطوط الموت في لحظة كان على الجميع فيها أن يتراجع ويبقى في منزله من أجل سلامته. ولا يمكن أن ينسى المجتمع والعالم أجمع حجم التضحيات التي قدمتها الطواقم الطبية وجميع من كان في الخطوط الأمامية من رجال القوات المسلحة والشرطة والإعلام الذي لعب دورا مهما ومفصليا خلال الجائحة، بل إن المجتمع بأسره يستحق الشكر والتقدير على وعيه وعلى صبره وعلى تفهمه للأزمة وقدرته على التعامل معها الأمر الذي كان له دور كبير في نجاح مسيرة قيادة الأزمة.

وإذا كانت هذه اللحظة لحظة فرح بتجاوز الجائحة والنصر فيها، فإنها، أيضا، تذكرنا بكل من رحل عنا خلالها وكان ضحية للوباء.. ذكرى تلك الأرواح التي فقدناها لا يمكن أن تغيب عنّا أبدا، ستبقى تذكرنا بسرديات الجائحة وكل آلامها وما أحدثته في دواخلنا وفي مجتمعاتنا وفي النظام العالمي نفسه.