455455555
455455555
رأي عُمان

دموع إنسانية في ساحة الحرب

12 يونيو 2021
12 يونيو 2021

عندما وصف مدير المستشفى الميداني الوضع داخل المستشفى بأنه أقرب إلى «ساحة حرب» كان توصيفا دقيقا لذروة المأساة الإنسانية، فلم يجد تشبيها يمكن أن يقدم عبره مقاربة حقيقية لما يحدث في ذلك المستشفى وغيره من مستشفيات السلطنة إلا مقاربة «ساحة الحرب» تلك الساحة المفتوحة على كل الاحتمالات، وكلها أذرع منبثقة من «المأساة» الكبرى التي تعيشها الإنسانية هذه الأيام: أصوات سيارات الإسعاف، هرولة المسعفين، تلاقي أعين الطبيب بالمريض، نظرة الرجاء من مريض يعاني الأمرين وممرضة توزع إنسانيتها على جميع مرضاها في محاولة لنفث شيء من رائحة الحياة، ثم... الموت والرحيل المباغت، ليتحول ذلك الميت بكل ما يحمله من مشاعر وذكريات وأحلام وما راكمه داخل نفسه عبر السنين من أثر إلى مجرد رقم يضاف إلى قائمة الأرقام التي تعلنها الصحف في اليوم التالي، هكذا بالضبط هي ساحة المعركة، لا فرق بينها وبين ساحات «كورونا».

والأمر نفسه عندما لم تستطع الممرضة التي ظهرت في مقطع متداول أن تمسك دموعها وهي تتحدث عمّا تتعرض له الطواقم الطبية من ألم نفسي وإرهاق جسدي نتيجة المآسي التي يواجهونها كل يوم في تلك «الساحة» التي تختلط فيها المشاعر، وتحاول الطواقم الطبية أن تتماسك فيها أمام سطوة الموت والرحيل وصرخات الألم ومحاولة التشبث بالحياة ولو للحظات يودع فيها «الميت» أحبابه ويوصيهم ويحذرهم من هول ما عاش ورأى. كانت تلك الدموع التي حاولت الممرضة إخفاءها ليست دموع خوف أو يأس إنها دموع إنسانيتها التي لم تستطع دينامية الموت وتكراره اللحظي أن توقفها، أو تجمدها عن الحياة.

هذا العبارات الخارجة من الأعماق وتلك المشاهد الإنسانية الموحية تعطينا تصورا حقيقيا عما يحدث داخل المؤسسات الصحية في هذه اللحظة الخطرة والفاصلة من عمر هذه الجائحة. وإزاء هذه المأساة التي تحيط بالجميع دون استثناء، فإن ردة الفعل المناسبة بل الإنسانية هي أن نكون جميعا يدا واحدة من أجل أن نعبر إلى بر الأمان، وشعاع النور واضح في الأمام ولا بد من الإمساك به.. لا يمكن بعد عام ونصف من الصبر والقتال في ساحات معركة الوباء أن نفقد الأمل في اللحظة التي يبدو فيها ضوء النجاة أكثر وضوحا.