No Image
رأي عُمان

أربعة أيام من الإغلاق

24 يوليو 2021
24 يوليو 2021

لم يتصور الكثيرون فكرة البقاء في المنزل أربعة أيام كاملة دون خروج ودون استقبال أي أحد؟ صحيح أن الناس كانت تتحدث كثيرا عن الإغلاق الكامل، وربما، تنتظره منذ أن بدأ وباء كورونا وبدأت استراتيجية العزل الصحي والإغلاق الكامل الذي طبقته الكثير من دول العالم في سبيل كبح سرعة انتشار الوباء.. لكن الحديث شيء ولحظة الحقيقة عند تطبيقه شيء آخر تماما. فكيف إذا كانت هذه الأيام التي علينا البقاء فيها في منازلنا هي إجازة عيد الأضحى المبارك؟!

لكن الأيام الأربعة قد مضت، وخرج الناس إلى فضاءاتهم المعتادة يتحدثون عن التجربة وتداعياتها عليهم، وهي تجربة تستحق أن يقف معها الجميع على المستوى الشخصي أو الأسري، إلا أن المعنى الحقيقي والأول من تلك التجربة هو المتعلق بالوباء، هذا المعنى الذي علينا الحديث عنه الآن؛ لأن الهدف من فكرة الإغلاق الكامل الذي نجربه لأول مرة منذ خمسة عقود على أقل تقدير.

كانت التقديرات الطبية بلجانها الفنية تتصور بما لديها من معطيات ميدانية وفهم لآلية انتشار الوباء ومتحوراته الجديدة أن أيام إجازة عيد الأضحى المبارك يمكن أن تكون أخطر أيام الموجة الثالثة تأثيرا في انتشار الوباء بالنظر إلى العادات والتقاليد والطقوس الاجتماعية التي تمارس خلال أيام العيد، وأيام عيد الأضحى على وجه الخصوص في وقت تنتشر فيه سلالة «دلتا» انتشارا اجتماعيا كبيرا، وهذه السلالة السائدة الآن في مختلف دول العالم سريعة الانتشار، وأعراضها قاتلة، ولا نستطيع أن ننسى تسببها في وفاة 755 شخصا في السلطنة خلال شهر يونيو الماضي. ولذلك لم يكن أمام اللجنة العليا خيار إلا الإغلاق الكامل ولأربعة أيام كان الجميع يعرف أنها ستمضي رغم صعوبتها على البعض. ومضت بالفعل، وعاش الناس أياما جميلة بالقرب من أسرهم، في مناسبة غالية.

ولم يكن أمام الكثيرين أمس فرصة لأي تجمعات خارج نطاق الأسرة الواحدة فكان عليهم تأمين احتياجاتهم بعد أربعة أيام من التوقف التام، قبل أن يبدأوا رحلة العودة إلى أعمالهم حيث كان عليهم الوصول إلى وجهاتهم قبل الساعة الخامسة عصرا حيث موعد بدء الإغلاق الجزئي.

وفي الحقيقة حققت اللجنة العليا هدفا آخر غير منظور من الإغلاق التام. فإذا كان الإغلاق الفعلي قد بدأ في الساعة الخامسة من مساء يوم الاثنين الماضي فإن الحديث يمكن أن يكون عن خمسة أيام إغلاق وعزل وهذه الأيام كفيلة بظهور أي عرض من أعراض الإصابة بالفيروس لمن أصيبوا قبيل الإغلاق، وظهور الأعراض يعني عمليا وأخلاقيا عزل النفس في المنزل إذا لم يستدعِ الأمر الذهاب للمؤسسات الصحية. ما يعني أن هذا سيساهم أيضا في محاصرة الوباء أكثر وأكثر، خاصة وأن الذين ظهرت عليهم الأعراض ولو بشكل طفيف كانت مخالطتهم محدودة لأنها بقيت في إطار الأسرة الواحدة.

وإذا كانت نتائج هذا الإغلاق ستحتاج إلى أسبوعين تقريبا فإننا اليوم على موعد مع تفاصيل المؤشرات الوبائية لأيام الإغلاق الجزئي، وعينة 10 أيام كفيلة بأن تعطي رؤية يعتد بها لحركة المؤشرات الوبائية، التي ستكون، بإذن الله، مبشرة جدا حينما نعرف أن الأرقام في تراجع كبير وأن المؤسسات الصحية في البلاد بدأت تتنفس الصعداء، وببعض الصبر المجتمعي والكثير من الالتزام فإن الأرقام ستتراجع إلى حدود دنيا تسمح بعود تدريجي للحياة في ظل استمرار حملة التحصين بشكل كثيف ولأغلب فئات المجتمع.