ثقافة

ندوة تقرأ التجربة الشعرية لحمود العيسري وطارش قطن

20 مارس 2023
ضمن فعاليات مهرجان الثقافة العماني..
20 مارس 2023

أقيمت صباح اليوم ندوة الشعر العماني ضمن فعاليات مهرجان الثقافة العماني الذي تقيمه وزارة الثقافة والرياضة والشباب بحضور الشعر بنصوصه الجمالية، وقراءة في تفاصيله، وبحثا في فضاءاته وتجلياته اللفظية والجمالية، بدراسة متخصصة ونقدية.

وشملت الندوة تقديم ورقة عمل للأستاذ الدكتور فليح مضحي السامرائي حملت عنوان «جدل الأنا والآخر: سيمياء التشكيل الشعري»، ودراسة في ديوان «عيون الحمى» لحمود بن علي العيسري، وقدم الشاعر طاهر بن خميس العميري ورقة عمل حملت عنوان «شعرية الحب والغياب في تجربة طارش قطن».

وتضمنت ورقة العمل التي قدمها الدكتور فليح السامرائي قراءة مفصلة للديوان الشعري الموسوم «عُيُونُ الحِمى» للشاعر حمود بن علي بن سيف العيسري، حيث ركز على القضايا الشعرية الثرية من أبرزها ثنائية الأنا والآخر في علاقتها بالعلامات المنبثقة من طبيعة التشكيل الشعري، وتضمّنت الورقة مباحث أساسية هي «مفهوم الأنا والآخر تشكيليا» لوضع مهاد نظري للقراءة، ثمّ «الأنا والآخر: جماليّات التشكيل العنوانيّ» لتحليل الصورة العنوانية وعلاقتها بجوهر الفكرة البحثية، وتناولت الورقة محور «الأنا الشاعرة والآخر الوطن» لأنّ الموضوع الوطني كان من المهيمنات الموضوعاتية المركزية في الديوان، ثم انعطف السامرائي بالحديث حول محور «الذات الشاعرة والآخر الدينيّ» بوصفه محورا ضاغطا على هوية الشاعر التعبيرية في أكثر من قصيدة، وأخيرا تحدث الدكتور فليح حول محور «الأنا والآخر العاطفي» للنظر في الرؤية الشعرية الغزلية التي حظيت باهتمام الشاعر وعنايته الفنية والجمالية، داخل فضاء تشكيلي على درجة عالية من التفاعل بين الموضوع والفن تعبيريا وتصويريا ودلاليا.

ولخص السامرائي في نهاية ورقته نتائج البحث التي تمثلت في الكشف عن فعالية حضور الأنا والآخر في النص الشعري، وانعكاسه على دعم المقولة الشعرية في ضوء سيمياء التشكيل الشعري بوصفه آليّة مركزية من آليّات هذا النص، على النحو الذي أظهر قوة العلاقة بين الموضوع الشعري «الأنا والآخر» مع طبيعة التشكيل المناسبة شعريا، وأضاف: «تمثل علاقة الأنا بالآخر الوطني جوهر الفعالية الشعرية في تجربة الشاعر العيسري من خلال التعبير الحرّ عن الحساسية الوطنية والرغبة في بعثها شعريا، ولا شكّ في أنّ هذه العلاقة الشعرية الذاتية مع الوطن هي علاقة أصيلة يكرّس الشاعر كثيرا من قصائده للدفاع عنها، فهي الهوية الرئيسة التي تكشف عن قيمة الشعر حين يمثل الشاعر وطنه ويعبّر عن هذا التمثيل بما تيسّر له من لغة متميّزة وصورة معبّرة».

كما قال الدكتور في ورقته: إن العلاقة الجدلية بين الأنا الشاعرة والآخر الديني في تجربة العيسري ذات طبيعة صوفية ترتفع في سلّم الانتماء إلى أقصى الحدود، وقد عبّر الشاعر في هذا السياق عن وعي ديني متنوّر يدرك قيمة توظيفه شعريا في تشكيل شعري رؤيوي عالي المستوى، وهذا الآخر الديني لا يقتصر على حالة بل ينتمي إلى فضاء كوني شمولي يعالج فكرة الجدل من خلال جوهر هذا الوعي، ويجعل من القصيدة ميدانا تشكيليا للتعبير والتصوير والتدليل.

ومن ضمن نتائج البحث الذي أجراه الدكتور السامرائي في شعر حمود العيسري تمثلت في «صورة العلاقة بين الأنا الشاعرة والآخر العاطفي فيما يُعرف بالغزل في المدونة النقدية العربية القديمة صورة بارزة وأصيلة، فالشاعر حمود العيسري يحمل تراثا هائلا من شعر الغزل في الشعرية العربية ولا يمكنه التنصّل عنه، بل على العكس من ذلك تمكّن من توظيفه في أرقى وأرفع صورة حين تعامل برومانسية عالية في هذا الإطار، انعكس إيجابيا على طبيعة التشكيل الشعري من خلال لغة مموسقة وأنيقة وهادئة؛ مع صورة جمعت الجمال الشعري من أطرافه كلها وبإيقاع يتفاعل كليا مع الموضوع الشعري».

شعرية الحب والغياب..

وقدم الشاعر طاهر العميري في ورقته تفاصيل متعددة في تجربة الشاعر طارش قطن. وقال العميري في ورقته التي خاضت في الكثير من التفاصيل في تلك التجربة الثرية: «في تجربة الشاعر أحمد مسلم قطن، المعروف باسمه الشعري (طارش قطن) ذلك التقاطع اللافت في مزاوجته بين كتابة القصيدة والأغنية. تتقاطع الأغنية مع القصيدة الشعرية في شكلها البنائي أو تفاعيلها العروضية، رغم تشبثها بشكلها النمطي الذي يتناسب مع اللحن والغناء، وفي تجاوبها مع الجمل اللحنية، الذي يعطي لها شكل الأغنية بقصر مقاطعها وسلاسة مفرداتها ومباشرتها في أحيان أخرى، وثبات أغراضها».

وأضاف: «في مجمل نصوص طارش الغنائية ثمة قاموس مشترك، حيث يشكل الحب والغياب ثيمة عامة، فتحضر مفردات تجسد حالة اللوعة والفراق والحاجة إلى الآخر، هذه الحاجة التي توقدها العاطفة فتعوي كذئب جريح، عندها تأتي اللغة ناصبة فخاخها محدثة ارتجاجاتها ومشرعة أحلامها، وكل هذا ليس سوى جزء من نداء خفي يستجيب لحساسية الموجودات حوله.