022
022
ثقافة

المعلم حمد بن «أبي سلام» الكندي في ذكرى وفاته الحادية عشرة

22 يونيو 2021
كتابات عُمانية مُبَكّرة «29»
22 يونيو 2021

إعداد : د. محسن الكندي

إذا سمعت اسمَ (المعلم حمد) في محلتي (السويق) و(ردّة الكنود) بنزوى وما حولها، فاعلم أن المقصود دون تردد الشيخ الوقور الزاهد مربي الأجيال وخطيب المنابر حمد بن سليمان بن سعيد بن ناصر بن عبدالله الكندي نجل الشاعر الاستنهاضي الكبير أبي سلام وحامل لواء فكره وسرّه مع فارق كبير في الإبداع والممارسة والتألق، وهو في الجانب الآخر معلمُ الأجيال وخطيب المجتمع وأديب وشاعر، وقد عُرِفَ بالزهدِ والصلاح والاعتناء بقضايا مجتمعه والساهر على مطالب أهله وجماعته.

الترجمة وحراك الحياة

أحاط بنا ابنه سعيد بن حمد الكندي مسارات حياة أبيه في لقائنا به في منزله بالسويق يوم الثلاثاء 18 من ديسمبر من عام 2019 م موضّحًا لنا أن والده من مواليد «بوشر» سنة 1924م، وهو أحدُ أنجال الشاعر أبي سلام الكندي الأحد عشر، وجدّه العلاَّمة الفقيه الشيخ الثقة سعيد بن ناصر بن عبدالله الكندي، وقد درس عليه إبان إقامته في العامرات وبوشر، عمل مدرسًا للقرآن الكريم بمدرسة «الحذفة» بنزوى، ثم سافر إلى البحرين، ولما عاد تعيَّن مدرسًا للتربية الإسلامية بمدرسة سلطان بن سيف بنزوى، وفي سنة 1985م انتقل للعمل في ديوان البلاط السلطاني، وعُين إمامًا وخطيبًا لجامع القلعة، توفي يوم غرة رجب 1431هـ الموافق 14 / 6 / 2010م، وقد رثاه الشيخ سعيد بن هلال الكندي بقصيدة قال فيها:

ثوى حمدٌ في لحدهِ وهو ماجدٌ

ومثواه روضٌ من جنانٍ وفي الخلدِ

فكمْ عَلَّم القرآن والفقهَ وانبرى

بتعليمِ خطٍ والمكارم والرشد

وكمْ أرشدَ الأشبالَ بالعدلِ تارةً

وبالفضلِ أخلاقِ الضمير وبالحمد

وكمْ نزّه الإخلاص قلبَ مطاوعٍ

ومُعتمدٍ لله سِرًّا وما يُبدي

وكمْ ليلةٍ للهِ سبّح ساجدًا

يناجي سلام الحيّ في الوجد والسعدِ

وألبس أخلاقًا كذاك تواضعًا

وبلّغَه عيشًا في الدُّنا عيشة الرغد

تجلَّت سماتُ الطُهرِ والزهد والتقى

مناقب في ذاكَ المحيا مع الرَّفدِ

وكان شفاءً للقلوبِ إذا انطوتْ

بحزن أليم أو جوى حادث البعد

كما رثاه بأبيات نظمية الشاعر مصطفى الكندي منها:

بكت عيني على حمدِ

سليلُ العزِّ والمجدِ

سليلُ المُلكِ من قحطا

ن والبحرين والعَمْدِ

حفيدُ العلم والطاعا

ت والإخلاصٍ والرشدِ

بكته رياضُ بلدتنا

وبطحانا وذو سمَدِ

الإنتاج الفكري

لم يخلّف المعلم حمد آثارًا منشورة عدا دفاتر ومجاميع بها تقييدات في التراث الثقافي العُماني دوَّن فيها محاولاته الشعرية وقصائد غيره، ونصوصًا دينية وأدعية وتوسلات وابتهالاتٍ، ووصفات في الطب الشعبي والمداواة بالأعشاب، وشيئًا من الكتب المخطوطة والدفاتر الحاوية لأجوبة أبيه الشاعر الكبير، ونص الشرح لمنظومته في الميراث المُسَمّاة» و«هداية الفارض في نظم علم الفرائض الموسوم بالبحر العارض» للقاضي أحمد بن سعيد الكندي، وأيضًا نسخة توثيقية مهمة من سجل المكاتبات الخاص بأوقاف محلتي «السُّويق» و«الرَّدة»، كما حوى مدائح الأئمة ومراثيهم، وبعض المنتقيات والمنتخبات والتقييدات الاجتماعية، وكلُّ هذه المادة تعدّ في نظرنا مصادر مفيدة للباحثين المهتمين بالتراث الفكري والشعري العُماني في القرن العشرين.

المناظيم والأشعار

والمعلمُ حمد بن سليمان الكندي شخصية معنية بالأدب، وله محاولات نظمية على سنن المشايخ النظَّامين الذين يرون في الشعر خطاب حياة ووسيلة تعليم وتعلم، ومن بين محاورته إجابته على رفيق دربه وصديق عمره العلامة الشيخ إبراهيم بن أحمد بن سليمان الكندي (رحمه الله)، فهو يعدُّ أهم مجالسيه ومحبيه، وله قصائد فيه نقتطف منها قوله:

حقٌّ لما قُلْتَ من قولٍ قد انضبطا

وأنت في راحة خيرا ومغتبطا

للهِ دُرِّكَ من شخصٍ أجدتَ على

ما قلته فيهمُ والحقُ فيك سطا

ما قلتَ في هؤلاء القوم ِإنهمُ

أفعالهم هكذا من شأنهم غلطا

هذي فَعالهِم ُبل أنتَ خابرهمْ

والله ُيشهدُ كلَّ الغيبِ منضبطا

كما كان يتطارح معه الشعر ويتبادل معه القصائد والمنظومات في أغراض العلاقات الإنسانية، وقد عثرنا على نماذج منها ممثلة في سبعة أبيات منها:

كلامُكَ إبراهيمَ زينٌ وينفعُ

ونظمكَ في الأكوانِ كالبدر يلمعُ

ورفضُكَ للدنيا حقيقٌ بأنها

تذلل ناسًا تارةً ثم ترفعُ

ولكلِّ مخلوق فلا بدَّ إنه

ليكدحَ للأرزاق في أين توضع؟

مهنة التدريس

عَمِل المعلم حمد معلمًا للصبية في مدرسة الحذفة: وهو موضعٌ جميلٌ شاعري مُطلٌّ على الوادي الأبيض، تقابله في الضفة الأخرى محلتا (ردة الكنود) و(السويق)، وكان المعلم حمد يقضي مع صديقه الشيخ إبراهيم الكندي ورفاقهما فيه وقته مع أترابه يتدارسون الكتب وينشدون الأشعار ويزاولون أنشطتهم المختلفة، وكان (بالحذفة) مدرسة للقرآن تعاقب على التدريس فيها معلمون أوائل من بينهم: المعلم حمد بن سليمان الكندي، ثم المعلم سالم بن سعيد الكندي فغيرهما حسبما روي لي في سائر المقابلات المثبتة بنهاية الدراسة.

خطيب المجتمع

اضطلع المعلم حمد بالخطابة في جامع القلعة، وقد كان يخطب بالناس في مناسبة العيدين وينوب عن المشايخ المكلفين بهذه المهمة وقت ذهابهم لأداء فريضة الحج أو يلمُّ بهم أمر، لشخصيته الاعتبارية ومكانته الاجتماعية والعلمية.

دفتره

يتكون دفتره من نصوص فقهية وشعرية في غاية الأهمية وقيمتها أنها تسجّل قضايا وتوثّق أحداث مرحلة، ومع أن دفتره هذا الذي حصلنا عليه من ابنه لم يكن وحيدا كما ذكره لي إلا أنه مع الأسف طوت عربات الزمان على أغلب ما أثر من دفاتر ومخطوطات وكتب قديمة ومدونات لو بقيت لكانت كنزًا ثمينًا لمجتمع كان يعج بأشكال الحراك الثقافي والسياسي والاجتماعي والمعلم حمد كان خير شاهد لها، ولكن هي أقدارنا أن تغيب آثار شخصياتنا فنبكي ندمًا عليه بعد فوات الأوان، وعلى كل حال ما وجدناه هو هذا الدفتر وهو مفيد وقد حوى الرسائل والمدونات والتقييدات الآتية:

1- النصّ الكامل لـ«شرح المنظومة اللامية» و«هداية الفارض في نظم علم الفرائض الموسوم بالبحر العارض» لأبي سلام، وهي منظومة في المواريث وأحكام الميراث، قد وردت في الدفتر اثنتان وستون صفحة بدايتها عبارة: «الحمد لله الباعث الوارث المتصرف بالكمال..»، ونهايتها «بخاتمة موسومة بتوقيع ناسخها، عبدالله بن عمر الكندي». ويبدو أن الشرح للقاضي سعيد بن أحمد الكندي وقد أرخه الناسخ بسنة 1354هـ.

2- محضر الاجتماع الذي دار حول موضوع الدروع وبني هناءة في قضية بلدة «السليف» من أعمال عبري، وقد كان هذا الاجتماع في اليوم السادس من شهر صفر سنة 1361هـ بجامع نزوى، بحضور الإمام محمد بن عبدالله الخليلي، والشيخ سليمان بن حمير ومشايخ بني هناءة ومشايخ الدروع، وقد سجّله المعلم حمد في دفتره بخط يده وفيه المداولات التي حدثت بين الأطراف وبين الإمام الخليلي.

3- سِجِل المكاتبات الخاصة بأوقاف محلة السويق والردة، وهي في الحقيقة رسالة مختصرة للشيخ العلامة القاضي سعود بن سليمان بن جمعة الكندي دونها توثيقًا لما يعرفه من تاريخ أوقاف المحلة المذكورة ومصدره فيها ثقافته الشخصية وبعض الوثائق القديمة التي وما سمعه من معاصريه ونقله عنهم، وتتكون من ست صفحات، نسخها المعلم حمد بن سليمان الكندي بخطِّ يده يوم 15 من ذي القعدة 1391هـ، وتبدأ بعبارة: «ليعلم الواقفُ على كتابي هذا وأنا سعود بن سليمان بن جمعة الكندي بأن الأوقاف التي كانت لأهل محلات وقد انقرض أهلها أو اندثرت وتحوّل أهلها منذ أعوام عديدة، ففي وقف الأمكنة خلاف، قيل تتبع أهلها حيثما انتقلوا، وقيل تجعل لأقرب محلة، مثل فطرة مسجد، أو ما جعل لهجور فيه...» وتنهي بعبارة: «كتبت هذا نقلًا من خط الشيخ هاشم بن عيسى بن صالح الطائي وأنا العبد لله حمد بن سليمان الكندي».

وبين البداية والنهائية سردٌ لأحكام فقهية سردها الشيخ سعود وأحاط بها وبدأها في بيان القواعد الشرعية المحيطة بأموال الوقف اعتمادا على مصادر الفقه الإباضي ومن بينهما يقوله ص 1: «والصحيح ما كان وقفًا لمَحَلَةٍ وقد انتقل أهلها عنها، فقيل يتبعهم حيثما كانوا، وقيل هو لأقرب محلة والصحيح أنه يكون لفقراء المسلمين تبعًا للإمام أبي إسحاق وصاحب مختصر الخصال، وتبعه في ذلك الإمام نور الدين السَّالمي» ويضرب لذلك الشيخ سعود أمثلة لذلك الحكم الشرعي الذي رجحه واعتمده فيقول: «وذلك مثل وقف الصرم ورحاها وتنورها والمحلات المتخربة مثل حارة الشرجة ومحلات الحذفة».

ويتطرقُ الشيخ سعود في رسالته إلى حكم فقهي آخر في جانب من هذه القضية، فيقول ص 4: «ولزيادة البيان، أن كلَّ محلة اندرستْ منذ سنين، ثم رجعت عمارتها، ورجع أهلها، وقامت شهادة الشهود أن ذلك المكان هو بعينه محل المحلة التي انقرضت وملكها من بنى فيها»، فحينئذ صاغ القائل أن يقول: «يرجع الوقف المُوقف لهم مع أني لا أقول إن ذلك يجب الحكم به على سبيل الإجماع الذي يقطع عذر من قال بخلافه؛ لأنه يحتمل أن من بيدهم الوقف الآن قد صار إليهم في سابق الأمر بحكم حاكم أو إفتاء من عالم تقوم الحجة به، فبهذا الاحتمال يسوّغ فيه المقال بأنه يترك حيث وجد، والعلم عند الله».

ولا يقصر الشيخ سعود حكمه الفقهي ورؤيته الشرعية في هذا الموضوع على ما أبداه في نصّه المكتوب هذا، وإنما عرضه لمراجعته واعتماده من مشايخ عصره، وفقهاء مصره، إذ نرى في نهاية الرسالة تزكية للمفتي إبراهيم بن سعيد العبري يقول فيها: «قد عرضَ عليّ الشيخ العّلامة سعود بن سليمان هذا الكلام الذي سطَّره في هذا المقام، ورفع فيه ما رفعه من أقوال العلماء الأعلام فلا لنا أن نعترض عليه برأينا بما فيه مخالفة قول أولئك العلماء الذين هم حجتنا وقدوتنا، فبهم نقتدي وبهُداهم نهتدي، ومن حفظ فهم حُجَّة على من لا يحفظ، وقد حفظت عن النور السَّالمي (رحمة الله عليه) قول يرفعه عن الأثر مفاده: إن البقاع لا تملك شيئًا، وكان (رحمه الله) يبني على هذا القول كثيرًا من فتواه في الأوقاف، ومع ذلك شافهت أخانا الشيخ سعود (أبقاه الله) ما استحسنه في هذا الوقف بأن يفرّق على فقراء محلة الحذفة مع من يفرق عليهم من فقراء الردّة والسويق جمعًا بين الأمرين والله أعلم».

كما نرى أيضًا الشيء نفسه للشيخ القاضي هاشم بن عيسى بن صالح الطائي الذي وثّق المعلم قوله ص 6 بالآتي: «ما رآه شيخنا إبراهيم بن سعيد العبري من أمر هذا الوقف من أنه يفرّق على فقراء محلة الحذفة مع جملة فقراء الردّة هو ما أراه كما ذكر من هذا القول جمعًا بين الأمرين، والله تعالى أعلم».

4- منظومة في الميراث للشاعر أبي سلام بلغت أبياتها سبعة وتسعين بيتًا، وقد وثّقها المعلم حمد لأبيه موزعا أبياتها على مباحث على النحو الآتي: توطئة (7 أبيات)، ومقدمة (8 أبيات)، وباب في أسباب الميراث (بيتان)، وباب في الميراث من الكتاب (بيتان)، وباب في الميراث من السنة (بيتان)، وباب في الميراث بالإجماع (أربعة أبيات)، وباب في عدد السهام (أربعة أبيات)، وباب في العصبات (تسعة أبيات)، وباب في الفرائض (25 بيتا)، وباب في العول (ثلاثة أبيات)، وباب في ميراث الخنثى (أربعة أبيات)، وباب في الرد (سبعة أبيات) وباب موانع الميراث (ثمانية أبيات)، وباب في ميراث الجنس (سبعة أبيات)، وخاتمة (خمسة أبيات) قال فيها:

الحمدُ لله قد تمَّ النظامُ فمنْ

يكنْ رأى خللا فليصلح الخَلَلا

لأنني لستُ من أهلِ النِّظام ولا

من ذي العلومِ بعفوٍ إن يكنْ زَللا

وقد بغيتُ منها أشياءً لستُ أذكرها

بقصرِ باعي دعاني أألفُ الكَسَلَا

5- منظومة في الميراث لأخيه الشيخ علي بن سليمان بن سعيد الكندي نجل أبي سلام أرَّخها بتاريخ نظمها في جمادى الثاني 1354 هجرية في عصر الإمام الخليلي، وقد وجدناها في الدفتر بخط ناظمها، وبلغت أبياتها خمسة وسبعين بيتًا، تتوزع على المحاور الآتية:

- التوطئة، وعدد أبياتها (15 بيتا) يستفتحها الناظم بقول:

الحمدُ لله الذي قد فرضا

فرائضُ الميراث فيما فرضا

- المقدمة، وعدد أبياتها ستة أبيات طالعها:

وهاك نظما أيهذا السائل

لكنني عن العلوم خامل

- باب ذوي الأسهام والعصبات والأرحام، وعدد أبياته (47 بيتا) منها:

الوارثون عند أهل العلمِ

ثلاثةُ الأصنافِ خذْ ذا الحِكم

- خاتمة.. بلغت أبياتها (7 أبيات) منها:

فهذه أرجوزةٌ مختصرةْ

جعلتها للقارئين تذكرهْ

ظمَّنتها عن كلِّ طيبٍ ماهرٍ

وحاذقٍ وكلِّ حَبْرٍ شاعرِ

لستُ بها مباهيًّا أهلَ التُّقى

ولا بها مُعارضًا أهلَ التقى

فلحمدُ للهِ الذي يَسّرا

لنظمِها ولم يكنْ مُعَسِّرا

- متفرقاتٌ شعرية عبارة عن منتخبات انتقاها من مدونة شعراء عُمان وخطّها في دفتره بخطوط مختلفة منها سؤال من أحمد بن سليمان بن عبدالله الكندي لأبي سلام، وعدد أبياته عشرة أبيات، وجواب أبي سلام في عشرة أبيات مماثلة، سؤال من الشيخ أحمد بن حمدون الحارثي لأبي سلام (في 17 بيتًا) طالعها:

تنبّه سميري لهذ الخبرْ

نسيمُ المضيرب هبّتْ سَحَرْ

وجواب أبي سلام عليه في (33 بيتا):

لأحمد مني جوابٌ بَهَرْ

يضيء سناه كبدر زَهَرْ

كما يحوي الأبيات قصائد مهمة لأصالح بن علي الخلاسي في الإمام محمد بن عبدالله الخليلي تتكون من 36 بيتا طالعها:

ولقد أتى نصرُ الإله مُصَدّرا

بالفتحِ والتمكين فضلًا أكبرا

لإمامِنا المنصور ذي الشأنِ الذي

قادَ البسيطةَ عدله متنوّرا

رحبت عُمان به فطابت بالملا

فترفرفتْ راياتها بين القرا

يقدم الدفتر ثلاث قصائد جديدة للشاعر موسى بن سالم بن خميس الرواحي، وهو شاعر جديدة يضاف إلى مدونة شعراء عُمان في القرن العشرين وهي: قصيدة في مدح بني خروص صدرها يقول: «تقيم العدل ملوك بني خروص» (12 بيتا)، وقصيدة ألا أيّها الإخوان (17 بيتا)، وقصيدة «حازت الفخر عُمان» (14 بيتا) منها:

حازت الفخر عُمان

وبها اليوم أمان

نصبوا فيها إمامًا

عادلا في ذا الزَّمان

هذا هو المعلم حمد بن سليمان الكندي شخصية فكرية وثقافية عملت بصمت وعاشت بهدوء وزهد في إطار مرجعياتها وبيئتها النزوية، وهي اليوم جديرة بالتناول فلم يلامس مساراتها المعرفية والحياتية إلا مقالٌ يتيمٌ واحدٌ نُشر في الصحافة للكاتب حمد بن مبروك الراشدي نشر في تأبينه بتاريخ 16 / 6/ 2010م، ونحن إذ نتناوله في كتابات عُمانية مبكرة - لا ندعّي شهرته وتشابهه مع أدب والده، ولكننا نثمّن دوره العلمي والمعرفي وموهبته في النسخ والتعليم والخطابة وفق معطيات تفكيره، فهو سليلٌ مدرسة عُمانية تقليدية عاصرت الأحداث ووثقتها ونسختها في كراريس ودفاتر ومجاميع، وبذلك تركت لنا إرثًا مكتوبًا مفيدًا رغم ضياع أغلبه، وأكثر ما شدّنا في جهده العلمي منتقياته قصائد والده وما أضفاه عليه بعض الشعراء شأن الشاعر الشيخ أحمد بن حمدون الذي قال في مدحه:

عليّ المراتب شمسُ الهُدَى

فصيحُ اللسانِ خضمٌ زخرْ

حليفُ المواهب سم العدى

سراج الغياهب مثل القمر

طليقُ المُحيَّا عزيزُ الوفا

له قَطَرٌ مثل ماء المطرْ

أيا شاعرَ العَصرِ حسَّانَهُ

وموسرهُ اللوذعيّ الأغرْ.