رؤساء دول وحكومات الناتو في جلسة عامة ضمن قمة بروكسل أمس. (رويترز)
رؤساء دول وحكومات الناتو في جلسة عامة ضمن قمة بروكسل أمس. (رويترز)
العرب والعالم

مؤكدا تواصله مع قطر لتوفير قاعدة تدريب للقوات الأفغانية بعد الانسحاب الحلف الأطلسي "يوحد صفوفه" لمواجهة "التحديات الجديدة" التي "تفرضها" موسكو وبكين

14 يونيو 2021
14 يونيو 2021

بروكسل - دبي - (أ ف ب - رويترز) - قررت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي أمس رص صفوفها لمواجهة "التحديدات الجديدة" التي تفرضها روسيا والصين في القمة المنعقدة في بروكسل مع رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن في "إحياء" التحالفات.

وقال بايدن "أعتقد أنه خلال السنتين الماضيتين، أصبح هناك إدراك متزايد أن لدينا تحديات جديدة. لدينا روسيا التي لا تتصرف بالطريقة التي كنا نأملها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصين".

وشدد جو بايدن، قبل بدء القمة، على "الحاجة إلى تنسيق أكبر" بين الحلفاء.

وقال الامين العام لحلف الاطلسي النروجي ينس ستولتنبرغ "سنرسل رسالة مهمة الى موسكو: ما زلنا متحدين وروسيا لن تستطيع تقسيمنا".

وتابع "نحن نشهد زيادة كبيرة في قوة الصين. إنها تستثمر في القدرات النووية والأسلحة المتطورة ولديها موقف عدائي في بحر الصين ولا تشاركنا قيمنا، كما تظهر حملة القمع في هونغ كونغ واستخدام تقنية التعرف على الوجوه لمراقبة السكان الصينيين".

وأضاف "الصين تقترب منا، في الفضاء الإلكتروني وفي إفريقيا وفي القطب الشمالي. إنها تستثمر في أوروبا للسيطرة على البنى التحتية الاستراتيجية".

"لا حرب باردة جديدة"

والنقطتان البارزتان هما موقف حازم تجاه روسيا وانفتاح على الحوار معها ومراعاة التحديات التي تفرضها قوة بكين المتصاعدة.

وأوضح ستولتنبرغ للصحفيين "نحن لن ندخل في حرب باردة جديدة، والصين ليست خصمنا وليست عدونا. ... لكننا في حاجة إلى أن نواجه معا، كحلفاء، التحديات التي يطرحها صعود الصين على أمننا".

وقال في مقابلة مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية قبل القمة "نلاحظ أن روسيا والصين تتعاونان بشكل متزايد أخيرا على الصعيدين السياسي والعسكري. وهذا بعد جديد وتحد خطير لحلف شمال الأطلسي".

وأفاد البيت الأبيض أن جو بايدن يأمل بأن "يظهر التحدي الأمني الذي تمثله الصين في البيان".

لكن ذلك أثار استياء بعص الحلفاء. وقالت الرئاسة الفرنسية "قلب حلف الأطلسي هو أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية. الآن ليس الوقت المناسب لتخفيف جهدنا في هذا الإطار".

وأوضح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان الأحد "لن تروا فقرات وفقرات حول الصين في بيان" الحلفاء، مضيفا "اللغة لن تكون تحريضية، ستكون واضحة ومباشرة وصريحة".

ملائمة التحالف

وستطلق خلال القمة أيضا مراجعة المفهوم الاستراتيجي للحلف الذي تم تبنيه في 2010 بهدف الاستعداد لمواجهة التهديدات الجديدة في الفضاء والفضاء الإلكتروني.

لكن يتوجّب على حلف الأطلسي أيضا أن يضمد الجروح التي تسبب بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وأدى الانسحاب من أفغانستان الذي تقرر بدون التشاور مع الحلفاء، إلى تشويه صدقية العمليات الخارجية للحلف.

من ناحية أخرى، أصبحت أوروبا أكثر عرضة للخطر بعد انسحاب الولايات المتحدة من معاهدات عدة أبرمت مع موسكو بشأن القوى النووية.

وأخيرا، أدى عدم ثقة دونالد ترامب في الأوروبيين إلى تضرر القارة القديمة. وقد سبب رفضه تذكير تركيا بواجباتها، إلى تفاقم التوتر مع الاتحاد الأوروبي.

وفي مواجهة ذلك، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع التحالف بأنه "في حالة موت دماغي". وأكد ماكرون عشية القمة أنه "يجب على حلف الأطلسي بناء قواعد للسلوك بين الحلفاء".

والتقى الرئيس الفرنسي أمس في بروكسل نظيره التركي رجب طيب إردوغان بهدف "توضيح" مسائل عدة في الخلاف الفرنسي التركي خلال الاعوام الاخيرة.

ومن المقرر أن يعقد جو بايدن لقاء ثنائياً مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في ختام القمة.

لكن على الرئيس الأمريكي أن يتجنّب إثارة استياء الحليف التركي المستعد لتولي أمن مطار كابول، وهو أمر ضروري للحفاظ على وجود غربي في أفغانستان.

وقال ستولتنبرغ "يجب على الحلف أن يتشاور بوتيرة أكبر وأن يزيد استثماراته".

ويقول الأوروبيون إنهم مستعدون لذلك، لكنهم يريدون "اعترافا كاملا" بمساهمتهم في الأمن الجماعي، ويطلبون أن يكونوا شركاء في مفاوضات ضبط عملية التسلح، وفق فرنسا.

وما زالت هناك حاجة إلى تصنيف الأمريكيين الاوروبيين "أهلا للثقة". هناك 21 بلدا من دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في حلف الأطلسي، لكن ثمانية فقط منها ملتزمة تخصيص 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي إلى الإنفاق العسكري. فرنسا واحدة منها، بخلاف ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.

تدريب القوات الأفغانية بعد الانسحاب

قال ثلاثة مسؤولين غربيين كبار إن مسؤولين في مجال الأمن تحت قيادة حلف شمال الأطلسي تواصلوا مع قطر لتوفير قاعدة يمكن استخدامها لتدريب القوات الخاصة الأفغانية في إطار التزام استراتيجي بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان.

وبعد عقدين من الحرب، من المقرر أن تنسحب قوات من 36 دولة مشاركة في مهمة الدعم الحازم لحلف الأطلسي في أفغانستان بالتنسيق مع انسحاب القوات الأمريكية بحلول 11 سبتمبر.

وقال مسؤول أمني غربي كبير في كابول "نجري محادثات لتخصيص قاعدة في قطر لإنشاء ساحة تدريب حصرية لكبار الأعضاء بالقوات الأفغانية".

وطلب المسؤول، الذي تشارك بلاده في مهمة حلف الأطلسي التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالتحدث مع الصحفيين.

وتعد مسألة تدريب وتجهيز قوات الأمن الأفغانية التي تقاتل حركة طالبان جزءا لا يتجزأ من مهمة الدعم الحازم لحلف الأطلسي. وتشن طالبان تمردا منذ الإطاحة بها من السلطة عام 2001.

وقال مصدر أمني ثان مقيم في واشنطن العاصمة "قدمنا عرضا لكن الأمر متروك للسلطات في قطر لتقرر ما إذا كانت مستعدة لاستخدام حلف شمال الأطلسي أراضيها كميدان تدريب".

وقال مصدر ثالث وهو دبلوماسي مقيم في كابول إن مسألة نقل "أفراد من القوات الخاصة الأفغانية إلى قطر للخضوع لتدريب قوي لنحو أربعة إلى ستة أسابيع" قيد البحث.

ولم ترد الحكومة القطرية ومكتب الاتصالات التابع لحلف الأطلسي على تساؤلات حول اقتراح باستخدام الدولة الخليجية كقاعدة لتدريب القوات الأفغانية. كما لم ترد الحكومة الأفغانية على طلب للتعليق.

طفرة في القتال

تشارك قوات غير أمريكية قوامها 7000 جندي معظمهم من دول حلف الأطلسي والبقية من أستراليا ونيوزيلندا وجورجيا في مهمة الحلف في أفغانستان ويفوق عددهم الجنود الأمريكيين الذين ما زالوا هناك وعددهم 2500.

ويأتي الخروج النهائي للقوات الأجنبية وسط تصاعد القتال بين مقاتلي طالبان والقوات الأفغانية في عدة أقاليم.

وبعد أن شن المسلحون هجمات كبيرة على مدى الأسابيع الأخيرة استولوا خلالها على مناطق واجتاحوا قواعد عسكرية، تزايدت المخاوف من أن تتمكن طالبان من التغلب على قوات الأمن الأفغانية غير المؤهلة والتي تعتمد بشكل كبير على دعم حلف الأطلسي والدعم اللوجستي والمخابراتي وبصفة خاصة الدعم الجوي الأمريكي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرج إن الحلف "يبحث كيفية توفير التدريب لقوات الأمن الأفغانية وخاصة قوات العمليات الخاصة خارج البلاد".

وتستضيف قطر المكتب السياسي لطالبان منذ عام 2013. وأصبحت في السنوات الأخيرة المكان الوحيد المعروف الذي أجرى فيه ممثلون عن طالبان محادثات مع مسؤولين أمريكيين وممثلين عن حلف الأطلسي وجماعات حقوقية ومسؤولين من الحكومة الأفغانية.

وقال مصدران إن الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا من بين دول حلف الأطلسي التي أبدت استعدادا لإرسال قوات لتدريب الأفغان في قطر.

وقال متحدث باسم طالبان إنه لا علم للحركة بخطط حلف الأطلسي لتدريب القوات الأفغانية في قطر.

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان "إذا تحقق السلام ... فربما ينبغي استخدام الجنود الذين تلقوا تدريبات عسكرية في الخارج على أعلى مستوى لخدمة أفغانستان ولكن إذا جاءوا وقاتلوا ضدنا وضد أمتهم فلن نثق فيهم بالطبع".