No Image
العرب والعالم

توقيف صحفي أمريكي بتهمة "التجسس" في روسيا

30 مارس 2023
تحذيرات من ردود انتقامية ودعوات باحترام حرية الصحافة
30 مارس 2023

موسكو"أ ف ب": أعلنت روسيا اليوم توقيف مراسل صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بشبهة "التجسس"، في حادثة غير مسبوقة في التاريخ الحديث للبلاد في أجواء القمع منذ الهجوم على أوكرانيا.

ومن دون تقديم براهين على الاتهام، قال الكرملين إن الصحفي ضبط "بالجرم المشهود" وحذر واشنطن من أي شكل من أشكال الأعمال الانتقامية ضد وسائل الإعلام الروسية العاملة في الولايات المتحدة.

وقال جهاز الأمن الفدرالي في بيان نقلته الوكالات الروسية إنه "أحبط النشاط غير القانوني للمراسل المعتمد لمكتب موسكو لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية المواطن الأميركي إيفان غيرشكوفيتش".

وأوضح جهاز الأمن أنه يشتبه ب"تجسس" الصحفي "لحساب واشنطن وبجمع معلومات عن "شركة تابعة للمجمع العسكري الصناعي" الروسي. وهذه الجريمة عقوبتها السجن بين عشر سنوات وعشرين سنة حسب المادة 276 من قانون العقوبات الروسي.

وقبل بدء عمله في الصحيفة الأميركية اليومية في 2022، كان غيرشكوفيتش مراسلاً لوكالة فرانس برس في موسكو، وقبل ذلك صحافيا في صحيفة موسكو تايمز الصادرة بالإنكليزية.

والصحفي روسي الأصل ويتقن اللغة الروسية، ويبلغ من العمر 31 عاما ووالداه مقيمان في الولايات المتحدة.

وعبرت صحيفة وول ستريت جورنال عن قلقها على سلامة الصحفي. وقالت إنها "قلقة جدا على سلامة إيفان غيرشكوفيتش"

كذلك نفت الصحيفة "بشدة" الاتهامات الروسية. وكتبت في بيان أنها "تنفي بشدة الاتهامات الموجهة من جهاز الأمن الفدرالي الروسي وتطلب الافراج الفوري" عنه، مؤكدة "تضامنها معه ومع عائلته".

وفي ردود الفعل الدولية، عبرت فرنسا عن قلقها بعد اعتقال الصحفي داعية موسكو إلى احترام حرية الصحافة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر "نحن قلقون جدا وسنحت لنا فرصة إدانة الموقف لروسيا" فيما يتعلق بالصحافة الروسية والصحافة الأجنبية على حد سواء.

وقالت المنظمة غير الحكومية "مراسلون بلا حدود" إنها "تشعر بالقلق" من "ما يبدو أنه إجراء انتقامي". وأضافت "يجب عدم استهداف الصحافيين".

من جهتها، كتبت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تلغرام "ما كان يقوم به المتعاون مع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في إيكاترينبرغ ليس له أي علاقة بالصحافة".

وأضافت أن المراسل "ليس أول غربي معروف يضبط بالجرم المشهود".

وبعيد الإعلان عن توقيف الصحافي، حذّر الكرملين واشنطن من أي رد انتقامي يستهدف وسائل إعلام روسية عاملة في الولايات المتحدة. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين ردا على سؤال في هذا الشأن "نأمل بألا يحدث ذلك ويجب ألا يحصل ذلك".

وأشارت المحللة الروسية المستقلة تاتيانا ستانوفايا التي ترأس مركز "آر.بوليتيك" للتحليل، إلى أن روسيا شددت مؤخرا قوانينها ضد التجسس منذ هجومها على أوكرانيا في فبراير 2022.

وكتبت ستانوفايا على فيسبوك "المشكلة هي أن التشريع الروسي الجديد يسمح بسجن أي شخص مهتم بالشؤون العسكرية أو العمليات العسكرية الخاصة (في أوكرانيا)، أو المجموعات العسكرية الخاصة (مثل فاغنر) ووضع الجيش، لمدة عشرين عاما".

لكنها رأت أيضا أن جهاز الأمن الفدرالي قد يكون أوقف الصحفي ليكون "رهينة" بهدف تبادل محتمل للسجناء.

وفي هذا الإطار أكّد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أنه من السابق لأوانه في هذه المرحلة التحدث عن عملية تبادل أسرى. وقال "لن أثير هذه المسألة الآن، لأنه كما تعلمون، حصلت عمليات تبادل في الماضي لأشخاص كانوا يمضون أصلا عقوبات، بمن فيهم مواطنون أمريكيون، بتهم خطيرة جدا".

وجرت عمليات تبادل روسية أميركية عدة في السنوات الأخيرة.

وما زال عدد من الأميركيين محتجزين في روسيا، أحدهم بول ويلان يقضي عقوبة بالسجن 16 عامًا بتهمة "التجسس" في قضية يعتبرها ويلان وواشنطن ملفقة.

وكان اوقف في 2018 والمفاوضات جارية منذ سنوات لإطلاق سراحه.

وجرى آخر تبادل بين موسكو وواشنطن في كديسمبر عندما سلمت روسيا لاعبة كرة السلة الأميركية بريتني غراينير المسجونة بتهمة تهريب مخدرات، في مقابل الإفراج عن تاجر الأسلحة فيكتور بوت المسجون في الولايات المتحدة.

وثمة أميركي آخر محتجز حاليا في روسيا هو مارك فوغل. وهو دبلوماسي سابق عمل معلما في مدرسة أميركية في موسكو. وقد حُكم عليه في يونيو 2022 بالسجن لمدة 14 عامًا بتهمة تهريب القنب "على نطاق واسع".

وقالت السلطات الروسية إنها عثرت على الماريجوانا وزيت الحشيش في حقائبه أثناء فحص في مطار شيريميتيفو في موسكو.

وغالبا ما تشكل وسائل الإعلام الروسية والصحافيون الروس الذين ينتقدون الكرملين هدفًا لملاحقات جزائية في روسيا لكن ذلك لم يطل الصحافيين الأجانب إذ فضلت موسكو طرد المراسلين وتشديد قواعد اعتمادهم.

ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، سارعت السلطات مع ذلك إلى قمع المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة، بشكل عام باستخدام أحكام القانون الجنائي التي تعاقب على فعل "تشويه سمعة الجيش".

في الوقت نفسه وبالنسبة للصحفيين الأجانب، تم تشديد شروط إصدار الاعتمادات التي تستند إليها التأشيرات.

كذلك، يتم في بعض الأحيان مراقبة المراسلين الأجانب من قبل الأجهزة الأمنية أثناء تغطيتهم الصحافية وخصوصا خارج موسكو.

وفي هذا الإطار قلص عدد كبير من وسائل الإعلام الغربية وجوده في روسيا منذ دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا.